وثيقة مسربة حول “انقلاب ناعم” في تونس، هكذا سُميت لتثير الجدل سياسياً وشعبياً حول حقيقتها ومن يقف ورائها في هذا التوقيت بالذات الذي يشهد تأزماً في العلاقة بين رؤوس السلطة الثلاث.
حيث نشر الموقع البريطاني “ميدل إيست آي” وثيقة قال إنّها رسمية ومسربة، وتحمل خاصية “سري مطلق”، وزعم أنها تكشف اعتزام الرئيس قيس سعيد تفعيل الفصل 80 من الدستور، وهو ما يعني بحسب الموقع “انقلابا دستوريا”.
وأثار المقال ردود فعل واسعة في تونس، بينما شكك عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في صحة الوثائق؛ مبررين ذلك بأن خطة انقلاب لا يمكن أن تكون موثقة، أو تخرج للعلن بهذه الطريقة وبهذا الأسلوب المثير للسخرية.
في الوقت الذي أعلنت فيه رئاسة الجمهورية التونسية فتح تحقيق قضائي حول مصادر تسريب وثيقة سرية وصفتها بالمضللة لبث الفوضى في المشهد العام وتأليب الراي العام، لازال الجدل سيد الموقف في الأوساط السياسية بين مُصدّق ومشكك في حقيقة هذه الوثيقة التي نشرها موقع ميدل ايست المحسوب على الإخوان.
حيث تشير الوثيقة إلى “انقلاب دستوري” يحضر له رئيس الجمهورية سيمهد للإطاحة بالبرلمان والحكومة، في الوقت الذي كذبت فيه الرئاسة هذه الوثيقة المزعومة، مؤكدة انه مخطط يستهدف الرئيس سعيد بسبب مواقفه الاخيرة من حركة النهضة ورئيس الحكومة، هشام المشيشي.
وقال الكاتب والمحلل السياسي، محمد بوعود، إن لعبة “الوثائق السرية” يبدو أنها أصبحت “لعبة وطنية” في البلاد خلال تلك الفترة، ولا تبتعد عن غيرها مما يمكن تسميته “أوهام الانقلاب”، وهو ما تحاول الطبقة السياسية في كل مرة أن تلهي به الرأي العام.
وأوضح الكاتب المختص في الشأن السياسي، بلحسن اليحياوي، أنه بالنظر إلى مصدر تسريب هذه الوثيقة وانتماء هذا المصدر إلى قوى إقليمية بعينها ندرك جيداً من وراء تسريبها، متابعاً :”هو طرف سياسي اعتاد الحدث عن مؤامرات وانقلابات تتربص بالدولة التونسية، والتي يقف وراءها فصيل سياسي معادي لتوجه هذا الطرف، مؤكداً أن لا قيمة اعتباريه لتلك الوثيقة إلا المزيد من توتير الأجواء السياسية المتوترة والمتعثرة أصلا.
ولم يصدر كل من البرلمان والحكومة موقفا بخصوص هذه الوثيقة التي قد تكشف التحقيقات عن مصادرها ومن يقف وراءها ان كان فعلا من المحيطين بالرئيس سعيد أو من خصومه السياسيين.
وقال المحلل السياسي التونسي، محمد الفوراتي، إن ما يجعل الكثير من الرأي العام في تونس يميل إلى أن الوثيقة يمكن أن تكون صحيحة هو وجود عدد من السياسيين ممن تحدثوا مؤخرا عن تفعيل الفقرة 80 من الدستور، بالإضافة إلى وجود نص كتبه قيادي كبير في “التيار الديمقراطي” جاء به تقريباً نفس المعطيات والتوجه بتطبيق مثل هذا الفصل من تفاصيل واردة في الوثيقة.
وأضاف الفوراتي، خلال لقاء على شاشة الغد، أن يميل إلى أن تلك الوثيقة قد تكون صحيحة، إلا أنه استبعد أن تكون الرئاسة والرئيس يعملون بها أو يسعون لتطبيقها، مرجحاً أن تكون قد وصلت إلى الرئاسة من جهة سياسية ما، وتم رفضها وبقيت في الأرشيف لعدة أشهر.
وأوضح أن التساؤل الآن هو من سرب تلك الوثيقة وما مصلحة تسريبها؟ وذلك حالة تسريبها فعليا من الرئاسة.
فيما قال الناطق باسم التيار الشعبي، محسن النابتي، إن هناك فرضية بأن الوثيقة مفبركة، خاصة أن جزء كبير مما وورد في الوثيقة منشور عن الكثير من السياسيين، وتم إضافة بعض الفقرات.
ولفت إلى أن الموقع ليس من فبرك تلك الوثيقة، إلا أنه تلقاها من داخل تونس، مشيرا إلى أن من قام بذلك من هم في صراع مع الرئيس في الحكومة والبرلمان.
