ورشة المنامة الاقتصادية.. السطر الأخير في صفقة القرن
فتحت الورشة الاقتصادية المزمع عقدها بالعاصمة البحرينية «المنامة» اليوم الثلاثاء 25 يونيو/ حزيران، الباب واسعا للحديث مجددا عن «صفقة القرن» أو الخطة الأمريكية للسلام فى الشرق الأوسط، ومن المقرر أن تفتتح الورشة «مؤتمر البحرين» بعرض شريط فيديو بعنوان «تخيل منطقة الشرق الأوسط مزدهرة»، بهدف إقناع الجمهور بخطة جاريد كوشنر التي طال انتظارها..وكان واضحا أن الهدف من القمة التى اختزلت إلى ورشة عمل، أن تصبح القاطرة الاقتصادية لخطة ترامب «صفقة القرن».. ورشة اقتصادية بملامح سياسية تعالج القضايا الجوهرية للتسوية النهائية بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
الاقتصاد وليس السياسة .. مفتاح الحل !!
«ورشة المنامة» المرفوضة عربيا على الصعيد الشعبي، وتسببت في إحراج القيادات السياسية والتي تشارك في الورشة بمستوى تمثيل «ضعيف».. الورشة تتوافق مع رؤية إدارة ترامب وتقوم على أساس أن الاقتصاد وليس السياسة هو مفتاح الحل، ومن هنا كانت هذه المرحلة مخصصة لتشجيع الاستثمارات الدولية والإقليمية لإحداث طفرة اقتصادية تسهم بشكل ملموس فى تحسين حياة الشعب الفلسطيني، سواء فى الضفة الغربية أو غزة، ولذلك حملت القمة عنوان «السلام من أجل الازدهار» وتم لهذا الغرض دعوة ممثلى الحكومات والشركات الكبرى ومنظمات المجتمع المدني والمستثمرين من مختلف البلدان، وهو ما تصوره الإدارة الأمريكية على أنه قفز على الحلول التقليدية التى أثبتت فشلها وأدت إلى تجميد عملية السلام, فتلك الصفقة لا تعترف بأهمية القرارات والمبادرات التى شكلت الإطار العام لمسار التسوية السلمية.
عملية شراء للسلام.. مبادرة ترامب محكومة بالفشل
قمة اقتصادية بملامح سياسية اختزلت إلى ورشة عمل، بعد أن كان مقدرا للقمة أن تضع السطر الأول على خارطة طريق «صفقة القرن»، والتي تريدها واشنطن أن تُصبح نقطة من أول السطر، وتراهن على أن يكون المال والمشروعات الاستثمارية الكبرى بديلا عن الطموحات الفلسطينية فى إقامة دولتهم، وفقا لحدود 1967، وأن تكون القدس الشرقية عاصمة لها، ولذلك تتجنب الإدارة الأمريكية الحديث عن حل الدولتين، بل سبق أن شكك صهر الرئيس ترامب ومهندس الصفقة«جاريد» فى قدرة الفلسطينيين على حكم أنفسهم، ويستخدم بديلا عن حل الدولتين، مصطلح «فلسطين الجديدة» التى ستشمل فقط أجزاء من الضفة الغربية إلى جانب قطاع غزة !! ويطرح خبراء ومراقبون تساؤلات: أهي عملية شراء للسلام، بحسب تعبير الباحثة الفرنسية «بيار آسكي»، وهي ترى أن مبادرة ترامب محكومة بالفشل، لكن حسنة الرئيس الأمريكي الوحيدة تذكيره بأن الوضع القائم لا يمكن أن يستمر الى الابد غير أنه جازف بتفجير الوضع القائم في وقت لم تتجمع فيه شروط الاتفاق.
خطة كوشنر شبيهة بمرشحات مسابقة ملكة الجمال ّ
اللافت للانتباه، ان ردود الفعل الدولية والإقليمية، تتشابه في رؤيتها تجاه «ورشة البحرين»، حتى داخل دولة الاحتلال، ففي صحيفة هاأرتس المحسوبة على اليسار المعارض، نقرأ أن «خطة المستشار الخاص للرئيس ترامب جاريد كوشنر تذكرنا بالمسابقات القديمة لملكة جمال الولايات المتحدة، حيث تلقي المرشحة خطابا حول أهمية السلام في العالم تليه تصفيقات حارة، وصحيح إنه لا أحد سيعارض عبارات ومشاعر نبيلة كهذه، لكن لنكن واقعيين فما يريد الجمهور ولجنة التحكيم معرفته هو كيف ستكون المرشحة وهي ترتدي ملابس السباحة.. وترى الصحيفة، أن خطة كوشنر شبيهة بمرشحات مسابقة ملكة الجمال فهي خطة مليئة بالعناوين والصور الجذابة لكن ما نريد معرفته هو الشق السياسي من هذه الخطة والذي لا يجرؤ ترامب على كشفه إلا بعد الانتخابات المقررة في إسرائيل في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل.
دولارات مقابل خطة سلام
الدوائر السياسية في باريس، تتوقع أن يكشف الأمريكيين في مؤتمر المنامة، الستارعن بعض جوانب «صفقة القرن»، بعد الكشف عن شقها الاقتصادي..وتشير صحيفة «لاكروا» الفرنسية، إلى أن الخطة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط ترتكز على مقاربة «اقتصادية تجارية» يرفضها الفلسطينيون الذين أكدوا تمسّكهم بأرضهم، ولا مجال لهؤلاء الفلسطينيين لبيع حلم الدولة الفلسطينية المستقبلية مقابل وعود وهمية لإدارة ترامب.. وتقول الصحيفة، إن خطة السلام الأمريكية يُنظر اليها كمناورة،
المقابل السياسي لمليارات الدولارات
الدوائر السياسية في موسكو، أشارت إلى نشر البيت الأبيض الجزء الاقتصادي من «صفقة القرن»، ويتضمن استثمارات بقيمة 50 مليار دولار في اقتصادات فلسطين ومصر والأردن ولبنان، بمفهوم «السلام من أجل الرخاء»، وهو أيضا عنوان المؤتمر الاقتصادي التي يفتتح في البحرين اليوم، والمكرس لمستقبل فلسطين.. وتقول كل من «ماريانا بيلينكايا ويليزافيتا ناعوموفا» ـ من المتخصصين في الشئون الدولية في موسكوـ إن الولايات المتحدة لا تخفي نيتها، فلن يكون هناك أموال إذا لم توافق جميع بلدان المنطقة على مبادرات السلام، لكن أحدا في المنطقة لا يريد الموافقة على خطة تعد بالاستثمارات، من دون معرفة المقابل السياسي الذي ستطلبه واشنطن.. وهو ما يتحسب له الفلسطينيون جيدا، ويعتقدون ـ بحسب استطلاع للرأي ـ أن شيئا يُمنح للفلسطينيين من قبل إدارة ترامب لابد أن فيه خدعة !
السطر الأخير في «صفقة القرن»
هناك عوامل ومؤشرات دفعت وللمرة الأولى وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، وفقا لما نشرته صحيفة «الواشنطن بوست» في اجتماعه المغلق مع رؤساء الجاليات اليهودية بنيويورك، إلى الإعراب عن تشككه فى إمكان اكتساب «صفقة القرن» زخما الآن، وأيده الرئيس الأمريكى فى ذلك رغم تأكيده تمسكه بها بوصفها الفرصة الوحيدة المناسبة لتحقيق السلام من وجهة نظره.. هذه المؤشرات قد تعطى انطباعا إما بإلغاء الصفقة أو تأجيل الإعلان عنها، خاصة مع بدء الاستعداد للانتخابات الرئاسية الأمريكية
هل يلجأ «ترامب» إلى أسلوبه المعتاد ؟!
ومن المستجدات التي ستقف عقبة أمام تمرير الخطة الأمريكية،إعلان الجانب الفلسطينى مقاطعته التامة لورشة عمل المنامة، وهو الطرف الأصيل والمعنى بالتسوية، كما صرحت السعودية خلال قمم مكة الثلاث، الخليجية والإسلامية والعربية، أنه لا بديل عن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين المستقبلية، بما يخالف ما تقترحه تلك الصفقة، وكذلك أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسى، أن مصر لن تُقدم على شىء يرفضه الفلسطينيون لتقرير مصيرهم، وأنه لا تنازل عن أى جزء من الأراضى المصرية، ومن الناحية المقابلة مازال الأوروبيون يتحفظون على الصفقة، بل وهناك فى الدوائر الأمريكية الدبلوماسية والبحثية من يرى أنها غير قابلة للتطبيق.. وإن كان الاحتمال القائم، أن يلجأ الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى أسلوبه المعتاد فى الضغط والعقوبات بمنع كافة المساعدات عن الفلسطينيين، أو يتخذ خطوة جديدة من جانب واحد بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على المستوطنات فى الضفة أسوة بما فعله حيال القدس والجولان!
الحلول الاقتصادية فشلت في حل الصراع
ويؤكد السفير هاني خلاف، مساعد وزير الخارجية المصري للشئون العربية سابقا، أن هناك رفضا عربيا لفكرة مقايضة الحقوق السياسية الأساسية للشعب الفلسطيني بحزمة من مشروعات التنمية وفرص الإنعاش الاقتصادي والمزايا التجارية..ويرى المحلل السياسي الأردني، فهد الخيطان، أن «كوشنر» وفريقه بلا خبرة في تاريخ الصراع بالشرق الأوسط، وكان بإمكانهم العودة لأرشيف عملية السلام بعد أوسلو ووادي عربة وقبلهما كامب ديفيد، ليدركوا أن الحلول الاقتصادية لم تفلح في حل الصراع.. وقال الخيطان: لفقد عقدت مؤتمرات اقتصادية وتبنى قادة إسرائيليون خططا للازدهار الاقتصادي، تحولت كلها لسراب في غياب آفاق الحل السياسي العادل والقائم على ضمان حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.