قرار مُزلزل أصدرته المحكمة الجنائية الدولية تمثّل في إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدعوى مسؤوليته عن جرائم حرب في أوكرانيا، وهو ما تسبب في ردود أفعال دولية واسعة بين مؤيد ومنتقد له.
وتعود مفاوضات تأسيس المحكمة إلى عام 1994 عندما بدأت سلسلة اجتماعات لبحث إنشاء محكمة دائمة تمارس الاختصاص في الجرائم الدولية الجسيمة.
وبعد 4 سنوات؛ في يوليو عام 1998 تم اعتماد النظام الأساسي للمحكمة المعروف باسم ميثاق روما في اجتماعٍ بالعاصمة الإيطالية.
بينما في إبريل من العام 2002 تحوَّل ميثاق روما إلى معاهدة ملزمة لتتحول المحكمة إلى كيان قائم بصفة قانونية.
وبحلول عام 2015، بلغت عدد الدول المصادقة على قانون المحكمة 123 دولة تشمل غالبيةَ أوروبا وأمريكا الجنوبية ونصف القارة الإفريقية.
سحب التوقيع
وللمفارقة سحبت الولايات المتحدة وروسيا التوقيع على الاتفاقية والتي لم توقع عليها الصين أيضا.
وتتولى المحكمة الجنائية الدولية محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائمِ ضد الإنسانية وجرائم الحرب.
بينما تقوم محكمة العدل الدولية بالحكم في النزاعات بين الحكومات، لكنها لا تستطيع مقاضاة الأفراد.
كما أنه ليس للمحكمة قوة شرطة خاصة بها لتعقب واعتقال المشتبه فيهم، وبدلا من ذلك تعتمد على خدمات الشرطة الوطنية لإجراء الاعتقالات ونقل المتهمين إلى لاهاي.
صعوبة التنفيذ
يشير أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جونز هوبكنز إدوارد جوزيف إلى أن الجنائية الدولية من الصعوبة تنفيذ قرارها بشأن توقيف بوتين.
وقال في تصريحاته عبر برنامج “مدار الغد”، إنه لا بد من التعاون الدولي في تلك المسألة، موضحا أن روسيا تخطف الأطفال من أوكرانيا، كما ترفض إعادتهم إلى بلادهم.
وأضاف: “الرئيس بوتين عليه أن يحضر إلى المحكمة، ويجب على المسؤولين في روسيا تبرئة أنفسهم من تلك الاتهامات”.
تحكَّم أوروبي
من جانبه، يقول أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور ألكسندر لوكين، إن المحكمة الجنائية الدولية ليس لديها سلطة التأثير في روسيا، لأنها تعمل وفقا للنظام في روما، كما أن موسكو ليست ضمن أعضاء المحكمة الجنائية الدولية.
وأضاف لوكين خلال تصريحاته لبرنامج “مدار الغد” أنه ليس لدى المحكمة الجنائية قدرة على اعتقال أي شخص، لأن مثل تلك القرارات تتعلق بالدول الأعضاء.
وأوضح أن المحكمة الجنائية يتحكم فيا الأوروبيون، الذين يريدون أن يظهروا نوعا من الانتقاد لبوتين خاصة قبل زيارة الزعيم الصيني لموسكو، ممن يرغبون في إظهار استيائهم من بوتين.
ووقَّع بوتين في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2016، أمر يقضى بإيقاف مشاركة موسكو فى اتفاقية روما الخاصة بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية؛ ما يعنى خروج الأراضي الروسية من تحت صلاحيات المحكمة.
جاء نص الأمر، أن بوتين اتخذ القرار استجابة لاقتراح قدمته وزارة العدل الروسية بالتنسيق مع وزارة الخارجية والهيئات المعنية للسلطة التنفيذية، والمحكمة العليا، والنيابة العامة، ولجنة التحقيق الروسية.
وفي تلك الأثناء، أصدر الرئيس الروسي تعليمات بإبلاغ أمين عام الأمم المتحدة بنية روسيا إيقاف مشاركتها باتفاقية روما المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية، والتي تبناها المؤتمر الدبلوماسي برعاية الأمم المتحدة في روما يوم 17 يوليو/تموز عام 1998.
الحد من السفر الدولي
على الجانب الآخر، أشار تقرير للجارديان البريطانية أن مذكرة التوقيف لحظة مهمة دولياً، لأنه يرسل إشارة قوية إلى كبار المسؤولين الروس -عسكريين ومدنيين – الذين قد يكونون عرضة للمحاكمة إما الآن أو في المستقبل، ويحد من قدرتهم على السفر دوليًا، بما في ذلك حضور المنتديات الدولية.
ونفت موسكو الاتهامات بارتكاب قواتها فظائع أثناء حربها ضد أوكرانيا.
