«وعد بلفور».. رسالة قصيرة غيرت تاريخ الشرق الأوسط

«إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر»..

تلك هي الرسالة التي أرسلها وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور، إلى اللورد دي روتشيلد، عام 1917، والتي أصبحت بمثابة بركان وضع المنطقة فوق صفيح ساخن، لتتصادم الأضداد وتندفع الحمم، وتكبر المأساة يوما بعد آخر متحولة من حقبة إلى أخرى، من دون أفق للسلام. كما فتحت الطريق بقوة لتأسيس وطن قومي لليهود في الشرق الأوسط، لتحل أوروبا في جرة قلم في نص لا يزيد عن 117 كلمة، ما كان يوسف بالمسألة اليهودية، على حساب الشعب الفلسطيني.

5817775ac36188832c8b457d

 

ويقابل الصورة القاتمة للدور البريطاني عند الشعب الفلسطيني، صورة احتفالية يملؤها الابتهاج والامتنان من قبل اليهود تجاه بريطانيا على المكرمة والدور التاريخي الذي خلق لهم دولة من عدم، في ظرف استثنائي تحول كل العوامل الطبيعية دون قيام كيان سياسي وتحرك مجاميع بشرية فيه في اتجاهين على رقعة جغرافية لا تسمح بهذا التداخل.

وهذا سبب إضافي يعظم من أهمية الحدث، فقوة تأثيره وامتداداته الزمنية لهذه اللحظة. ولعلنا نجزم بأن الذكرى المئوية التي تحل العام القادم، لن تمر دون توقف جاد من قبل طرفي الصراع، فمظاهر الإعداد الصهيوني بدأت باكرا في أروقة ودهاليز السياسة في لندن في محاولة جادة من الصهاينة لتجديد التعهد والتأكيد على بقاء الالتزام وتحقيق مزيد من المكاسب.

ويمكن القول، إن أوروبا بالفعل حلت المسألة اليهودية، على حساب الفلسطينيين، وكفرت عما لحق بهم من مظالم في القارة العجوز بإرسالهم في سفن إلى «أرض الميعاد». فيما كادت أن تكون أوغندا ومنطقة الجبل الأخضر في ليبيا في فترة ما «أرض ميعاد» لليهود، إلا أن المزاد رسا على فلسطين فكانت النكبة التي جرت ولا تزال الويلات على الجميع.

  • مطالبات لبريطانيا بالتراجع عن جريمتها ..

طالبت الحكومة الفلسطينية اليوم الأربعاء، بريطانيا بضرورة التراجع عن «جريمتها» بحق الشعب الفلسطيني، المتمثل بوعد بلفور.

وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان بمناسبة مرور 99 عاما على وعد «بلفور» الذي منح اليهود وطنا في فلسطين، إن «على بريطانيا التراجع عن جريمتها بحق الشعب الفلسطيني، والعمل بشكل جدي من أجل دعم مطالب الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين إلى ديارهم، وذلك تنفيذا للقرارات الدولية، وإنه آن الأوان لإنهاء التخاذل الدولي الذي يتعامل مع هذا الكيان غير الشرعي كدولة فوق القانون».

58199d38c4618824028b45e8

 

وأضافت، «وعد بلفور باطل لعدم شرعية مضمونه، حيث إن موضوع الوعد هو التعاقد مع الصهيونية لطرد شعب فلسطين من دياره وإعطائها إلى الغرباء». وطالبت المنظمة، بريطانيا بالاعتراف بالمسؤولية التاريخية والقانونية والأخلاقية بما لحق بالفلسطينيين من هذا الوعد، «والتكفير عن جريمتها بالاعتراف بحقوق شعبنا الثابتة وبدولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس».

وفي سياق متصل، شارك عشرات الفلسطينيين في قطاع غزة اليوم الأربعاء، في وقفة احتجاجية في الذكرى الـ99 لـ«وعد بلفور». ورفع المشاركون في الوقفة، التي دعت إليها لجنة القوى والفصائل الفلسطينية أمام مقر منظمة الثقافة والتربية والعلوم «اليونسكو» التابعة للأمم المتحدة، لافتات كتب على بعضها، «لن ننسى الوعد المشؤوم»، و«99 عاما على وعد بلفور».

rw-bethlehem-29

 

وقال عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني وليد العوض، في كلمة باسم الفصائل، ألقاها على هامش الوقفة، إن «وعد بلفور جريمة ارتكبتها بريطانيا من خلال منح إسرائيل وطنا قوميا على أرض فلسطينية».

وأضاف العوض، «يجب على بريطانيا أن تتحمل مسؤوليتها تجاه هذا الوعد، والاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس»، داعيا إلى تصحيح ما وصفها، بـ«الخطيئة التاريخية التي تسببت في تدمير وتهجير الشعب الفلسطيني». كما طالب المجتمع الدولي والعرب وكافة المؤسسات الحقوقية، «بتحمل مسؤولياتها» تجاه الشعب الفلسطيني، لتمكينه من العيش «بسلام وتحرر من الاحتلال الإسرائيلي».

palestinian-refugee-02

 

يذكر أن «وعد بلفور»، هو الاسم الشائع المطلق على الرسالة التي أرسلها وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور، بتاريخ 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 1917، إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد، وقال فيها، إن «الحكومة البريطانية تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وإنها ستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية».

  • حملة الـ100 ألف توقيع ..

في الـ25 من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أطلق مركز العودة الفلسطيني في العاصمة البريطانية لندن، داخل البرلمان حملة تحت عنوان، «حملة الاعتذار عن وعد بلفور. مئة عام من الظلم». والتي تهدف إلى جمع مائة ألف توقيع من الشعب البريطاني يطالب حكومته بالاعتذار عن «وعد بلفور».

وجاء إطلاق هذه الحملة ضمن ندوة استضافتها البارونة البريطانية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني من حزب الديمقراطيين الأحرار الطبيبة جيني تونغ. وتم بث وقائع الإطلاق على وسائل التواصل الاجتماعي وشاهدها الآلاف. يمكن اعتبار ذلك نموذجا للتحرك المطلوب لإعلاء الصوت الفلسطيني في هذا الشأن.

وما يدلل على نجاعة مثل هذه الخطوة، هو الالتفات المنزعج للوبي الصهيوني في غير مكان لهذا الحراك، والذي تم التعبير عنه بحضور مندوب الإذاعة الإسرائيلية وتسجيله لوقائع الندوة، وكذلك رصد الحدث في محاولة لإيجاد ثغرة ينفذوا من خلالها للتصعيد وضرب الحملة وتشويهها. وقد كان أن وجدوا في تعليق أحد الحضور في الفقرة المخصصة للأسئلة وهو حاخام يهودي مناهض للكيان الصهيوني من جماعة «ناطوري كارتا»، بأن ساوى بين الصهيونية وتنظيم «داعش»، واعتبر أن الصهيونية بأفعالها أدت لجرائم النازية بحق اليهود.

maxresdefault-2

 

التقطت يومية «التايمز» البريطانية الصادرة في اليوم التالي لانعقاد الندوة، الموضوع واستغلته للهجوم على البارونة ومركز العودة وحملة الاعتذار، تحت عنوان: «ندوة في البرلمان تلوم اليهود على مذابح الهولوكوست»، في محاولة لحرف مسار الحملة.

وقد جعل هذا من حملة الاعتذار خبرا رئيسيا في الصحافة البريطانية، ودخلت السفارة الإسرائيلية على خط الاحتجاج، وشكل ذلك ضغطا على البارونة تونغ، لتستقيل من حزب الأحرار، وتحتفظ بمقعدها في مجلس اللوردات كعضو مستقل. ولم تخمد الحملة الإعلامية وتعدت ذلك لتصل لرئيس حزب العمال المعارض الداعم للقضية الفلسطينية جيرمي كوربن، الذي كان ضمن وفد مركز العودة لزيارة مخيم اللاجئين الفلسطينيين في العراق على الحدود السورية العراقية في مخيم التنف عام 2009. وتم وضع صورة للوفد وهو يلتقي بالرئيس السوري بشار الأسد، والإيحاء بأن الزيارة تمت قريبا، بل وأنها كانت لإحياء ذكرى «وعد بلفور».

ورغم بعض المظاهر من قبيل الهجوم على شخصيات داعمة للقضية ووسمها بأنها «معادية للسامية»، فإن ذلك خدم حملة مركز العودة بأن جعلها خبرا رئيسيا في وسائل الإعلام المنوعة والواسعة الانتشار، ولم  يكن الأمر ليصل ولو بأي شكل من الأشكال دون تلك الضجة المفتعلة. بل وتعدى الأمر ذلك إلى تمكين المركز والسماح بأن تكون أعماله في خدمة اللاجئين في صدر الصفحات الرئيسية مع إبرازها بمستواها الرفيع دبلوماسيا.

  • فلسطيني في «الكومنولث» ..

قال الصحفي الفلسطيني سامي أبو سالم اليوم الأربعاء، «زرت برفقة زملاء آخرين، مكتب الشؤون الخارجية ودول الكومنولث FCO (وزارة الخارجية)، واجتمعنا بمسؤولين هناك، استعرضوا دعم المملكة المتحدة لعملية السلام وللسلطة الفلسطينية عبر عدة مشاريع منها مشاريع الصرف الصحي (المجاري)».

وأضاف أبو سالم في سرد لوقائع الحكاية في تدوينة على موقع «فيس بوك»، «أدلى زملاء لي ما استطاعوا بتركيز على الاحتلال وبطشه بشعبنا. رفعت يدي لأدلي بدلوي حول دور بريطانيا غير الحقيقي في إنهاء الاحتلال.. كسرت الروتين والأبهة الإنجليزية الكلاسيكية.. صمت قليلا، نظرت إلى السقف، ساد صمت قصير وسط الفخامة الإنجليزية العتيقة».

وتابع أبو سالم، «قلت: أشعر بالاختناق، لا أستطيع أن أتنفس. قال المسؤول: هل أنت بخير؟ هل هناك خطب ما؟. قلت: نعم، فأنا أجلس في الخارجية البريطانية، هذا المكان الذي صدر منه تصريح بلفور.. هذا المكان الذي أضاع بلادي، أنا أجلس في هذا المكان الذي ألصق بجدي وبأبي وبي وبشعب بأكمله صفة (لاجئ). وتشتت في أرجاء العالم.. من هذا المكان ضاع وطننا، وشرد شعبا وزرع مكانه غرباء.. ومددتوهم بكل شيء ليصبحوا دولة على أرضنا، ثم تستعرضون أنكم تدعمون مشاريع مجاري. من الطبيعي أن أختنق».

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]