بعد شهر من اختفائه عن الأنظار، وأيام من التقارير المتداولة وغير المؤكدة عن وفاته، أعلنت السلطات الحكومية، اليوم الجمعة، وفاة رئيس البلاد إسلام كريموف عن عمر يناهز 78 عاما بعد إصابته بسكتة دماغية قبل أيام وفق ما أعلنت ابنته على أنسجرام.
ولد الرئيس الراحل في سمرقند عام 1938، ونما في دار أيتام سوفيتية قبل دراسته الهندسة والاقتصاد بالجامعة، وعمل في بداية حياته مهندس طائرات ثم مستشارا اقتصاديا.
تولى السلطة منذ عام 1989، زعيم الحزب الشيوعي في أوزباكستان السوفيتية، ليصبح رئيسا لها بعد عام واستمر كذلك حتى بعد الاستقلال.
وفي عام 1995، نظم استفتاء لتمديد فترة ولايته إلى عام 2000، حيث أعيد انتخابه مرة أخرى بالتزكية، فيما أجرى استفتاء آخر في 2002، لتمديد ولاية الرئيس من 5 سنوات حتى 7 سنوات، في حين تولى لمدتين أخريين في انتخابات أجريت في ديسمبر 2007 ومارس 2015، وصفتها المعارضة بأنها «صورية».
وفيما كانت أوزباكستان تحتفل بعيدها الوطني الـ25، الثلاثاء الماضي، أكد مراقبون أن الدولة لن تعلن عن حالة الرئيس إلا بعد انتهاء الاحتفالات، في الوقت الذي نقلت فيه وسائل إعلام روسية صورا التقطت في بلدة كريموف سمرقند، تظهر بعض العاملين الذين يعدون لمقبرة تاريخية في مدافن عائلته بالمدينة.
ووفق صحيفة الـ«بي بي سي» البريطانية، فإن كريموف استخدم أدواته السلطوية لقمع كافة أشكال المعارضة، متخذا خطر التشدد الإسلامي مبررا لغياب الحقوق المدنية.
المعارضة تلتقط أنفاسها
واختلفت ردود الفعل عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر، ففيما ألحقت عدد من الصحف العالمية اسم الرئيس الراحل بـ«الدكتاتور»، تساءل العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، عن ما إذا كانت الحكومة القادمة ستسير على خطى كريموف، وإن كانت وفاته هي «طوق نجاة» للعديد من السجناء السياسيين.
من سيخلف كريموف؟
رحل رئيس أوزباكستان تاركا وراءه فراغا رئاسيا، ودولة خالية من كافة أشكال المعارضة، حيث كان هو الرئيس الوحيد للبلاد منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.
وتصاعدت خلال السنوات الأخيرة مسألة خليفة كريموف، ما سلط الضوء على ابنته الكبرى جولنارا، إلا أن الصراع على السلطة اشتعل في أواخر عام 2013، إلى جانب تحقيقات في غسيل الأموال ما دفع لوضع ابنته تحت الإقامة الجبرية، فيما وجهت النيابة العامة لها اتهامات بسرقة أموال الدولة.
قمع وسلطوية
نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ستيف سويردلو، المحلل في منظمة هيومن رايتس واتش، أن «الدولة بكاملها كانت إسلام كريموف، طوال أكثر من ربع قرن، وقد حكمها بيد من حديد».
ويتهم عدد كبير من المنظمات غير الحكومية إسلام كريموف بأنه دائما ما عمد إلى تزوير الانتخابات، واعتقل اعتباطيا مئات المعارضين وأيد الاستخدام المتكرر للتعذيب في السجون.
وشهدت البلاد أكبر مجزرة في تاريخها في مدينة أنديجان عام 2005، بعد عدة احتجاجات شهدتها المدينة، وهو ما تنفيه السلطات، فيما قالت منظمة هيومان رايتس ووتش، إن «تقارير حقوق الإنسان في أوزباكستان شنيعة، الآلاف مسجونون بتهم ودوافع سياسية، التعذيب أداة رئيسية في النظام الجنائي للدولة، فيما تواصل السلطات حملاتها على نشطاء المجتمع المدني ومعارضيها، فضلا عن قمع الصحفيين».
وانتقدت منظمات دولية عديدة النظام الأوزبكي بسبب انتهاكاته المستمرة لحقوق الإنسان وقمعه لحرية الصحافة، ومن الشاهدين على هذه التصرفات السفير البريطاني السابق في أوزبكستان كريج موراي 2002 – 2004، وكتب مذكراته المعنونة «جريمة قتل في سمرقند» عن الفساد المالي المستشري وانتهاكات حقوق الإنسان، ووصف نوعا بشعا من التعذيب في معتقلات النظام، وهو عبارة عن «غلي الناس حتى الموت».
ووصفت الأمم المتحدة التعذيب بأنه سياسة ممنهجة ومستمرة في الدولة، وعلى مدى سنوات عدة اختارت مجلة Parade كريموف واحدا من أسوأ الحكام المستبدين، مشيرة إلى سياسات التعذيب والرقابة على الإعلام وتزوير الانتخابات.
