وفاة الروائي المصري أحمد خالد توفيق عن عمر يناهز 55 عاما

وافق أمس الأحد، الذكرى الخامسة لرحيل الكاتب المصري أحمد خالد توفيق (10 يونيو 1962 – 2 ابريل 2018) صاحب سلاسل “ما وراء الطبيعة” و “سافاري” و “فانتازيا”.

ولطالما اعتُبِر توفيق، بمثابة عرّاب للعديد من الكتّاب المصريين الشبّان، وعلى الرغم من أن توفيق كان يرفض هذا التوصيف، على اعتبار أنه يحمّله مسؤولية جسيمة، ويرفع سقف توقّعات القراء، ربما إلى درجة لا يستطيع توفيق أن يطاولها، إلا أن تلك المسألة تبدو حقيقية إلى حد بعيد.

تميّزت كتابات أحمد خالد توفيق بدقة علمية كبيرة، وقدرة فائقة على غزل الكثير من الحقائق العلمية والطبية في نسيج دراما الروايات التي أنتجها، وبالقطع يمكننا أن نرد ذلك إلى كونه خريج كلية الطب، فقد التحق بكلية الطب بطنطا وتخرج فيها عام 1985، قبل أن يحصل على الدكتوراه في طب المناطق الحارة، من جامعة عين شمس العام 1997.

كما اشتهر توفيق بأسلوب وبصمة خاصين، إذ يمكن تمييز لغته السلسة المتدفقة وأسلوبه الساخر من بين العديد من الكتابات، وربما يكون ذلك الأسلوب الغني ببهارات اللغة وجماليات السخرية الفنية، والتشبيهات المتفردة، عامل الجذب الأول لأجيال من القرّاء، لا سيّما صغار السن والشباب، ممن كبروا على كتابات الروائي المصري الراحل. وبفضل ذلك الأسلوب الخلاب والمميز، اتجه العديد من قرّاء توفيق لكتابة الرواية، ونستطيع القول أن عدداً لا بأس به من الكتّاب الشبان خرجوا من عباءة توفيق، منهم على سبيل المثال الروائي المصري أحمد مراد، وكاتبة روايات الرعب، المصرية سالي عادل، والتي سبق لتوفيق وأن نوّه بها معتبراً إياها وريثته الشرعية في كتابة أدب الرعب.

رفعت إسماعيل.. الشخصية الروائية الأشهر

في العام 1992، تقدّم الطبيب الشاب أحمد خاد توفيق، والذي كان يبلغ من العمر حينها 30 عاماً، برواية “أسطورة مصاص الدماء” إلى المؤسسة العربية الحديثة، ولحسن الطالع فقد لاقى مخطوط الرواية قبولاً لدى المسؤولين عن مؤسسة النشر، لتنطلق معها مسيرة رائد كتابة أدب الرعب والفانتازيا والخيال العلمي في العالم العربي. ولتنطلق معه مسيرة أحد أبرز الشخصيات الروائية (د.رفعت إسماعيل)، الطبيب السبعيني المنحوس، والذي – لسبب أو لآخر – يخوض مغامرات متعاقبة وتحديات ضد كائنات خرافية وأشباح وعفاريت وجان ومسوخ ومخلوقات خرجت من رحم الأساطير القديمة، لاسيّما الأساطير المحلية في مصر مثل ندّاهة الترعة التي تغوي العابرين ليلاً بأن تنادي على أسمائهم بصوت سحري حتى يقتربوا من مصدر الصوت قرب الترعة فتنقض عليهم وتسحبهم إلى الأعماق. أو الأساطير الإغريقية القديمة ككائن القنطور ذي جسد الحصان والرأس البشري، وغيرها من الأساطير والخرافات التي ابتدعتها أمزجة البشر على مر العصور.

يمكننا القول بكل يقين إنه ليست هناك شخصية روائية عربية حظيت بشهرة ومقروئية واسعة الانتشار في جميع أركان العالم العربي كما فعل د.رفعت إسماعيل، بطل سلسلة “ما وراء الطبيعة” البطل الضد، مدمن السجائر والناجي أبداً وبصعوبة من كل المغامرات العجائبية التي خاضها، وقصة حبه الفاتنة والفاشلة مع زميلته الاسكتلندية ماجي ماكيلوب وجملته الغزلية الخالدة:

• للأبد ؟
• ماذا ؟
• ستظل تحبني للأبد ؟
• حتى تحترق النجوم وحتى.. تفنى العوالم.. حتى تتصادم الكواكب، وتذبل الشموس.. وحتى ينطفئ القمر، وتجف البِحار والأنهار.. حتى أشيخ فتتآكل ذكرياتي.. حتى يعجز لساني عن لفظ اسمك.. حتى ينبض قلبي للمرة الأخيرة.. فقط عند ذلك ربما أتوقف.. ربما

الانحياز للجماهير

قبل أقل من أسبوع على رحيله، ظهر أحمد خالد توفيق رفقة الكاتب والإعلامي المصري عمر طاهر في برنامج “وصفولي الصبر” المعني بالكتابة والكتّاب، وتطرق فيه توفيق إلى مسألة النجومية والشهرة والنجاح، وخلط المفاهيم الذي يعاني منه الكاتب المصري، وآليات صناعة الكاتب النجم، المتكئة في المقام الأول على مواقع التواصل الاجتماعي و “السوشيال ميديا”.

ووضح توفيق أنه عند بداياته اختار الانحياز للقارئ، ورأى أن السوق المصرية تعوزها كتابات الرعب والخيال العلمي، والتي بوجودها، تتكامل إصدارات المؤسسة العربية الحديثة، والتي كانت في ذلك الوقت تطبع روايات الجاسوسية للكاتب نبيل فاروق، ليشكّل توفيق وفاروق المرجع الأول والأبرز عربياً في ما يتعلق بروايات الجيب الموجهة بالأساس لفئة الشباب.

لكن، وبالرغم من هذا الانحياز “الجماهيري”، لم تخل كتابات توفيق من الجدّة الفنية، ومحاولات تجريبية، لاسيما في ما يتعلق بالبناء الروائي، فاعتمد رائد كتابة الرعب الراحل، تقنيات حداثية، كالبوليفونية، والسرد التوثيقي المعتمد على قصاصات من الصحف، وتقنيات التناص، ونص داخل النص، والثنائيات والثلاثيات الروائية. يضاف ذلك لتفرّده في مسألة اختيار الحكاية أو موضوع الحكاية، وقدرته على توظيف الأساطير والحقائق العلمية والخيال الجامح في خلطة فريدة منحته موقع الريادة في هذا الحقل.

توفيق مترجما

مواليد الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، يعرفون جيداً كتابات أحمد خالد توفيق، بل وصل الأمر بالكثير منهم إلى التعلق بشخصية رفعت إسماعيل وانتظار مواسم إصدار الروايات الجديدة بشغف وتوق، مع حلول فصل الصيف في يونيو ويوليو أو مع انتصاف العام الدراسي في يناير وفبراير.

لكن تجدر الإشارة أيضاً إلى أن الإسهام الثقافي لتوفيق لم يتوقف عن حد كتابة روايات محكمة وشيقة تصلح للقراءة من الصغار والراشدين على حد سواء، وإنما امتدت مجهوداته إلى الترجمة، عبر سلسلة “روايات عالمية للجيب” التي أصدرتها المؤسسة العربية الحديثة، والتي قدّم توفيق من خلالها مجموعة ترجمات مبسطة ومميزة لروايات عالمية، تنتمي غالبيتها لحقل الخيال العلمي، أو الفانتازيا، وبعض روايات البوب الخفيفة، منها بعض كتابات جول فيرن، ستيفن كينغ، ستيفن سبيلبرغ، هـ.ج.ويلز، برام ستوكر، أوسكار وايلد، جون غريشام، آرثر كونان دويل.. وغيرهم

نبوءات مشؤومة

أصدر أحمد خالد توفيق عدة روايات بعيداً عن السلاسل المتخصصة التي أنتجها بالتعاون مع المؤسسة العربية الحديثة، ومنها رواية “يوتوبيا” الصادرة عن دار ميريت للنشر، والتي تصدّرت هي الأخرى قوائم الأعلى مبيعاً لسنوات. كما أصدر رواية “مثل إيكاروس” عن دار الشروق، وحصدت جائزة أفضل رواية بمعرض الشارقة الدولي للكتاب. ومثل كل روايات توفيق تصدرت قائمة الأعلى مبيعاً. أما عمله الأخير، والذي صدر قبل شهور معدودة من رحيله، فكانت رواية “شآبيب”، عن دار الشروق، والتي تدور أحداثها في المستقبل، وتوقع فيها توفيق أن يهاجر العرب بسبب الاضطهاد في أوطانهم، ويجتمع عرب المهجر في جزيرة نائية هي جزيرة شآبيب، حيث ستكون الملاذ الأخير لما تبقى من العرب بعد إبادتهم.

ولم تكن تلك النبوءة الوحيدة التي أطلقها توفيق عبر رواياته، فقد سبق أن توقع في رواية “يوتوبيا” أن تتحول البلاد إلى ما يشبه الغابة، فتعيش الغالبية من فقراء الشعب في المدن القديمة الكبرى، بينما ينعزل أبناء الأثرياء في مدن جديدة ومجمعات سكنية مغلقة ومسوّرة، ويتحول التفاعل الاجتماعي بين الطبقتين إلى ما يشبه حرب البقاء.

كشفت شركة Netflix المتخصصة في مجال تقديم خدمة البث الترفيهي عن الصور الأولى للمسلسل المرتقب “ما وراء الطبيعة”، وهو أول أعمال Netflix الأصلية العربية من الدراما المصرية.

وتُظهر الصور الأولى للمسلسل، والذي تمّ الانتهاء منه مؤخرًا بعد التوقف بسبب جائحة كورونا، الدكتور “رفعت إسماعيل” (أحمد أمين) في الأربعينيّات من عمره، وهو يواجه في هذا العمر سلسلة من الأحداث الخارقة للطبيعة. وتُظهر الصور أيضًا “ماجي ماكيلوب” (رزان جمّال) العالمة الأسكتلندية وزميلة الدكتور “رفعت إسماعيل” السابقة التي لم يعترف لها بحُبّه.

وتستعرض أحداث مسلسل ما وراء الطبيعة رحلة الشك التي يمر بها د. رفعت إسماعيل، طبيب أمراض الدم، العنيد المتهكم والمغامر، حين ينقلب عالمه رأساً على عقب بعد التشكيك بقناعاته العلمية التي آمن بها طوال حياته. إذ تبدأ القصّة عام 1669 حين يدخل “رفعت إسماعيل” الأربعينيّات من عمره، ويبدأ في التعرض لسلسلة من الأحداث الخارقة للطبيعة. ويصحب رفعت إسماعيل في عالم “ما وراء الطبيعة” ماجي زميلته السابقة خلال الجامعة، حيث يحاولان إنقاذ أحبائهم من الخطر الهائل الذي يحيط بهم.

المسلسل المقرر عرضه في خريف 2020، مستوحى من سلسلة الروايات الأكثر مبيعاً في الوطن العربي للكاتب الراحل الدكتور أحمد خالد توفيق والتي باعت أكثر من 15 مليون نسخة.

وأنتج العمل كل من محمد حفظي وعمرو سلامة والذي سيكون المخرج والمنتج التنفيذي. وقد تم تصوير المسلسل في مصر ليعكس التزام Netflix لصناعة محتوى مصري أصلي تستمتع به الجماهير حول العالم.

العمل من بطولة أحمد أمين، رزان جمّال وآية سماحة، والإخراج لعمرو سلامة وماجد الأنصاري.

سادت حالة من الحزن والأسى عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد تأكيد خبر رحيل الكاتب والطبيب المصري أحمد خالد توفيق، مساء أمس الإثنين، عن عمر يناهز 55 عاما، إثر أزمة صحية ألمت به.

وأعرب العديد من الشباب الذين تشكل وعيهم بقراءة كتب الرعب والخيال العلمي الشيقة التي تميز بها توفيق، وأبدوا امتنانهم للكاتب الراحل عن ما قدمه من متعة.

وتحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى ما يشبه حفل تأبين، حيث تداول الكثيرون عبارات ومقولات شهيرة لتوفيق، كما شارك البعض بنشر مواقف إنسانية لهم مع “العراب”.

كما نعت إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة المصرية، الكاتب والروائي أحمد خالد توفيق لما تركه من تأثير على الحياة الثقافية في مصر والوطن العربي، وأضافت أن الكاتب الراحل ترك للمكتبة العربية العديد من الروايات والكتابات النقدية الهامة، وكان أحد أبرز كتاب قصص التشويق والشباب في الوطن العربي التي تميز أسلوبه الممتع والمشوق، مما أكسبه قاعدة كبيرة من الجمهور والقراء.

يذكر ان لطبيب والكاتب المصري أحمد خالد توفيق الاثنين عن عمر ناهز 55 عاما في إحدى مستشفيات العاصمة المصرية القاهرة إثر أزمة صحية مفاجئة.

وكان توفيق من الكتاب العرب القلائل الذين برعوا في كتابة روايات الخيال العلمي وقصص الرعب فأصدر أكثر من سلسلة قصصية مثل “ما وراء الطبيعة” و”فانتازيا” و”سافاري”.

أطلق عليه محبوه لقب “العراب” وهو ما رفضه مرارا قائلا إن “الهالة التي يضفيها قراءه عليه تزعجه عندما يشعر أنه يتوقع منه ما هو أكبر من إمكاناته”.

ولد توفيق في مدينة طنطا بمحافظة الغربية في العاشر من يونيو/حزيران 1962، وتخرج في كلية الطب عام 1985 وحصل على الدكتوراه في طب المناطق الحارة عام 1997.

وأصدر العديد من الروايات منها “السنجه” و”يوتوبيا” و”مثل إيكاروس” و”في ممر الفئران”، كما صدر له عدد من القصص القصيرة منها “قوس قزح”، و “عقل بلا جسد”، و “حظك اليوم”، “الآن نفتح الصندوق”، و “لست وحدك”.

وترجم عشرات الكتب والروايات وكان يكتب مقالات في بعض الصحف والمواقع الإلكترونية.