على شاكلة “أبو عمار”، يرتدي “ياسر “على الدوام زيا عسكريا باللون الأخضر، بينما زينة ترتدي فستانا مزينا بنقوش ورسوم فلسطينية تراثية، وكلاهما يزين رأسه وكتفه بالكوفية التراثية. وصدره بعلم فلسطين. ينطلق كلاهما من الضفة الغربية من طولكرم والهدف الانفتاح علي الأسواق الأوروبية للمنافسة.
منذ أكثر من 15 عامًا بدأت الفلسطينية هيلانة أبو شريفة – 33 عامًا – بمصاحبة زوجها حسين في تصنيع الدمي أو العرائس، تمتلك هيلانة الآن مصنع الدمى الوحيدة في الأراضي الفلسطينية، وهو مصنع صغير في طولكرم بالضفة الغربية، ينتج المصنع عددا من العرائس المعروفة عالميًأ للأطفال أمثال مجسمات لميكي ماوس وسبونج بوب. بالإضافة لدميتي “ياسر” و “زينة” المستوحتين من التراث الفلسطيني، وهو ما لم يرض سلطات الاحتلال الإسرائيلية.
تقول هيلانة إنها بدأت خط إنتاج “ياسر” و”زينة” عام 2014، بعد أن منعتها السلطات الإسرائيلية، من تصدير بضاعتها للأسواق الخارجية، رغم رواجها بالسوق المحلية، وقالت السلطات حينذاك إنها لا تملك حقوق التصميمات الصناعية لدمي لديها سمعة عالمية كالسنافر.
من هنا بدأت هيلانة إلي الانتباه أن طموحها نحو التوسع والانتشار يجب إن يدفعها لتغير خطتها السوقية، فى ظرف عدة أشهر نجح المصنع الأشهر الآن لدمي بالضفة الغربية، فى تغيير خطط الإنتاج الخاصة به، من خلال تنفيذ مشروع مستوحي من الثقافة الفلسطينية. فكان مشروع “ياسر وزينة”.
يملك روتم Rotem الآن كلًا من الدمية ياسر وزينة وحلا، وعبر صفحته على فيسبوك يضع تعريفا موجزا فيقول “يعمل مصنع روتم لألعاب الفراء منذ أكثر من 20 عاما ، ويعمل على إنتاج كافة الألعاب المحشوة ، ويقيم الآن المصنع في مدينة طولكرم” بالإضافة لذلك ينتج المصنع “ألعاب الدبب المحشوة وبعضا من مستلزمات غرف الأطفال ولعبا فلسطينية زينة وياسر واللعبه حلا”
وبحسب هيلانة أبو شريفة فإن “الفكرة من المشروع هي التعريف بالتراث الفلسطيني ومكونات الهوية الفلسطينية”.
وتضيف هيلانة إن الدمية “زينة” تملك أكثر من تصميم وتقول “لقد وضعت تصورا للعديد من الفساتين من أجل “زينة” لأنه في كل مدينة فلسطينية ترتدي النساء فستانا تقليديا مختلفا”.
أما عن “ياسر” فتقول “صنعت له طقمين من الثياب. الكوفية مع البذلة الخضراء الداكنة تكريما لشخصية ياسر عرفات وبذلة الشاب الفلسطيني بقميص قطني وقبعة عصرية.”
في ديسمبر/ كانون الأول الماضي تعرض مصنع روتم Rotem للعب الأطفال إلي متاعب أمنية، حيث تم إقتحام المصنع من قبل عناصر الجيش الإسرائيلي، وقاموا بمصادرة الدمية “ياسر” تؤكد هيلانة “اتهمنا بالـ “تحريض على العنف”. أصبنا بالذهول لأن دميتنا لا تحمل أي رسالة عنف فهي مجرد تمجيد لثقافتنا الفلسطينية. أكثر من 700 دمية تم مصادرتها فى ذلك اليوم.
عبر منصة إنديجوجو الشهير لجمع التبرعات أطلقت “رشا خطاب” – إحدي قريبات هيلانة- حملة “أنقذوا زينة” لتعويض الخسائر، حتي الآن نجحت الحملة في دعم “ياسر” و”زينة” بحوالي ألف وسبعمائة دولار أمريكي.
عبر الحملة قالت “رشا خطاب” تلك قصتنا لمن يرغب في مساعدتنا، بعد أكثر من 9 شهور من العمل المرهق والصعب، ولدت “زينة” و “ياسر”، كنموذج لمشروعات التنموية الصغيرة، عمي، وزوجته هيلانة، بدآ مشروعا تجاريا صغيرا لصنع الدمى. تصميمات جديدة مستوحاة من ثقافتنا، والتي تتجسد في اثنين من الدمى، هما زينة وياسر. عملنا بجد في تصميم الدمى والتعبئة والتغليف، كانت الاستجابة من المجتمع جيد، كنا فخورين جدا بعملنا، وفي اليوم نفسه تم إطلاق المشروع بـ “منتدي سيدات الأعمال”، إلا أننا فوجئنا بعدد من الجنود يقتحمون الجراج / المصنع لمصادرة الدمي بدعوي أنها تحرض على العنف، وهو ما أثار دهشتنا”.
لم يكن الهدف من حملة جمع تبرعات الدعم لـ “ياسر” و “زينة”، أن تتحول القضية إلى قضية سياسية، وهي ما أكدت عليه رشا خطاب غير مرة قائلة “أن الغرض من الحملة، هو التركيز على ما بذل من جهد شاق، بغرض التقدم، وتعويض بعض من الخسائر، على أمل أن يعود المشروع لمساره الصحيح”.
تصنيع هذه الدمى يتم على يد ست عاملات. بحسب ما روته هيلانة أبو شريفة المسئول التنفيذي عن المشروع، أما عن الخامات، فهي تؤكد “نستوردها من الصين. ونستخدم أيضا أقمشة نعيد تصنيعها من الملابس التقليدية لحياكة ثياب الدمى. وتكلف الدمية الواحدة 70 شيكلا (نحو 17€) في السوق المحلية”.
نجح روتم Rotem في إرسال بعض من نماذج العمل إلى الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة وأوروبا على أمل خلق شراكات عمل بغرض التوسع من ناحية، وللتعريف بالثقافة الفلسطينية في العالم من ناحية أخرى بحسب الفلسطينية هيلانة أم “ياسر” و “زينة”.