‏”لامارتين”.. أن يكون السياسي شاعرًا

قلة هم من جمعوا بين عالمين يبدو أن لا رابط بينهما، عالم الشعر وعالم السياسة، دائما ما يقف أحدهما على يسار الآخر، مترصدًا ومترقبًا، بل وجلادًا إن لزم الأمر، كل وله طريقته، إلى هؤلاء الشعراء المحاربين السياسيين ينتمي ألفونس دي لامارتين، شاعر فرنسا وأحد مؤسسي الرومانسية في الأدب الحديث.

في مثل هذا اليوم 21 أكتوبر، من عام 1790، وفي شمال مدينة ‏ليون الفرنسية، تحديدًا في منطقة ماكون، حيث الريف الهادئ، الذي لم يعرف ثورة المدينة بعد، ولد “لامارتين”، الطفل الذي سيكون له مستقبلًا حافلا بالانتصارات والانكسارات.

انتمى “لامارتين” لعائلة ارستقراطية، عهدت بتعليمه لمدرسة اليسوعيين في بيلّي، وربما يفسر هذا سبب حماسته الدينية العارمة، هناك تربى على كتابات فرجيل وهوراس، شاتوبريان‏،‏ شب الشاعر الصغير، وخدم ضمن حرس الملك لويس الثامن عشر، في العام 1814، سنة سقوط الإمبراطورية، ثم ‏استقال بعد معركة واترلو.‏

تجربة حب مؤلمة، جعلت من الجندي الشاب شاعرًا مشهورًا في الأوساط الأدبية، حيث كتب “لامارتين” على إثرها مجموعته الشعرية الأولى التي عنونها بــ”تأملات” عام 1920، لينشر بعدها عدة كتب من بينها: موت سقراط، وآخر أنشودة، جحيم للطفل هارولد، وما لبث عالم الشعر يستحوذ عليه، إلا واختطفه عالم السياسة، إذ عين ملحقاً للسفارة الفرنسية في ‏نابولي، ثم تم تعيينه سكرتيراً للسفارة في فلورنسة في العام 1825.

انتُخِب نائباً عن منطقة ماكون منذ العام 1833 وحتى العام 1851، وخلال هذه الفترة، ‏اعتبر من أهم خطباء عصره السياسيين، ورفض الانتماء إلى أي حزبٍ كان، وبدأ يتجه نحو ‏اليسار إلى أن جاءت الثورة في العام 1848، حيث كان يقف في صفوف المعارضة مطالباً ‏بإحلال الجمهورية.

وانتخب بأكثر من مليون ونصف من الأصوات ليكون مديراً منفذاً في ‏الحكومة، إلاّ أنه حين رشّح نفسه لرئاسة الجمهورية، فلم يحصل إلاّ على 18000 صوت، مقابل ‏خمسة ملايين صوت للأمير نابوليون، وهكذا انتهت حياته السياسية بهذه الخسارة.‏

بعد أن لفظه عالم السياسة الشرس، لم يجد بدًا من استسلامه لعالم الشعر، الذي أبقى على سيرته حتى الآن، إلا أنه قد انطوى على نفسه وراح يكرِّس جل وقته للأدب والكتابة، وفضّل الصمت والمعارضة السرية غير الناشطة، وعاش السنوات الأخيرة من حياته بشكل تعيس وحزين، فقد كان مضطراً للعمل ليل نهار لكي يستطيع أن يعيش ويأكل الخبز.

هكذا خرج ابن الأسرة الارستقراطية من العالم السياسة فقيرا، لأنه لم يستغل مواقعه السلطوية لكي يغتني كما فعل الكثيرون، واشتكى في إحدى الرسائل إلى فيكتور هيجو أنه يخشى أن يصادروا بيته ومكتبه والأثاث، لأنه لا يستطيع أن يدفع الفواتير.

ثم اضطر تحت ضغط الحاجة الماسة إلى قبول هبة من الدولة عام 1867، وعاب عليه المثقفون “اليساريون” ذلك، واتهموه بالتواطؤ مع الديكتاتور المستبد نابليون.

في شبابه كان لامارتين كثير السفر، حتى أنه اتجه مع زوجته وابنته في رحلة لاستكشاف الشرق، وزار الشام وفلسطين حيث مهد المسيح، وتعرف خلال تلك السفريات على نبي الإسلام محمد، صلى الله عليه وسلم، وكتب عنه إعجابًا وإجلالًا، مثل “ما مِن إنسان مثله قطُّ نَشَدَ، إرادياً أو‎ ‎لاإرادياً، هدفاً أكثر نبلاً من ذلك الهدف، طالما أنه ‏كان فوق طاقة البشر: ألا وهو هدم الخرافات المتوضعة عائقاً بين المخلوق والخالق، وإعادة ‏الله إلى الإنسان والإنسان إلى الله، وإعادة تأسيس الفكرة العقلانية والمقدسة للألوهية في ‏خضّم فوضى الآلهة المادية والمشوَّهة في عبادة الأوثان تلك”.

“إنه فيلسوف وخطيب فصيح ورسولٌ ومشرّع ومحارب وفاتح لأفكار جديدة ومؤسس لعقائد عقلانية ولعبادةٍ دون صُور، ومؤسس لعشرين إمبراطورية على الأرض ولأمبراطورية روحية واحدة؛ هذا هو النبي محمد!، فمَن نجد أعظم منه إذا ما قيس بكل مقاييس العظمة الإنسانية؟!”

ومن القصائد الشهيرة لشاعر الرومانسية، قصيدة البحيرة، التي ضمها إلى مجموعته الشعرية الأولى، وفي ذكرى ميلاده نقرأ منترجمة شاعر الرومانسية العربي إبراهيم ناجي: من شاطئ لشواطئ جُدد/ يرمي بنا ليلٌ من الأبدِ/ ما مرّ منه مضى فلم يعد هيهات مرسى يومه لغدِ!/ سنة مضت! وختامها حانا/ والدهر فرّق شملنا أبدا/ ناج البحيرة وحدك الآن/ واجلس بهذا الصخر منفردا!

قل للبحيرة تذكرين وقد/ سكن المساء ونحن باللجّ/ لا صوت يُسمع في الدنى لأحد/ إلا صدى المجداف والموج/ فإذا بصوت غير معتاد/ هزّ السكون هتافه العذب/ أصغى العبابُ ورجع الوادي/ أصداءه وتناجت السُحب/ يا دهرُ رفق ولا تدر: ساعاته في هينة وقفي/ حتى تتاح هناءة العمر/ وتطول لذتها لمُقتطف/ هلا التفت لذلك الكون/ وعلمت كم في الناس من باكي/ يدعوك خذني والأسى المضني/خل المُمتع وامض بالشاكي.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]