17 عاماُ على انتفاضة الأقصى والجرح مازال مفتوحاً

قبل 17 عاماً، وفي مثل هذا اليوم، 28 سبتمبر/أيلول عام 2000، كان الشعب الفلسطيني على موعد ٍ مع ميلاد مرحلة جديدةٍ من مراحل الثورة الفلسطينية الممتدة منذ عقود طويلة، متمثلة في اندلاع الإنتفاضة الثانية “انتفاضة الأقصى”، في أعقاب اقتحام رئيس وزراء إسرائيل آنذاك “أرئيل شارون” باحات المسجد الأقصى المبارك. مؤكداً حينها” أن الحرم القدسي سيبقى منطقة إسرائيلية”. الزيارة وما رافقها أثارت مشاعر وغضب الفلسطينيين والمقدسيين، فاندلعت على إثرها مواجهات بين المصليين والمواطنين وبين جنود الاحتلال المدججبن بالسلاح.
فاستشهد 7 مواطنين وأصيب أكثر من 200 آخرين، بالإضافة إلى 15 جندياً إسرائيلياً.

عوامل وأسباب
زيارة شارون وما رافقها من مواجهات دامية بالقدس المحتلة، شكلت سببا مباشرة لاندلاع مواجهات شاملة في عموم الأراضي الفلسطينية، إذ سرعان ما امتدت المواجهات في مدينة القدس، إلى كافة مدن ومحافظات الضفة الغربية وقطاع غزة، معلنة “انتفاضة الأقصى”.
وشكلت صورة الشهيد الطفل “محمد الدرة” والذي قتل بالرصاص الإسرائيلي على مرأى العالم، بعد تمكن المصور طلال أبو رحمة من تصوير عملية إعدامة في منطقة “نتساريم” في قطاع غزة، وهو يحتمي بوالده.

وازدادت معها مشاعر غضب الفلسطنيين على المستوى الرسمي والشعبي؛ فتعمقت المواجهات أكثر و وصلت إلى عمليات إطلاق الرصاص المتبادل بين قوات الأمن الفلسطيني، وقوات الاحتلال وأسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من الجنود الإسرائيليين.
خاصة وأن المواجهات جاءت في شعور عام بالإحباط لدى الفلسطنيين، جراء تلكؤ إسرائيل في تنفيذ التزاماتها بشأن عملية السلام، وفشل المجتمع الدولي بتحقيق أى تقدم في العملية السلمية.

فشل عملية السلام
اندلعت انتفاضة الأقصى في ظل ظروف سياسة معقدة بعد فشل مباحثات عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وعدم التزام الاحتلال بما تم التوقيع عليه في اتفاقية “أوسلو” وما لحقها من بروتوكولات واتفاقيات، ووصول عملية السلام إلى طريق مسدود رغم مرور تسع سنوات على انعقاد مؤتمر مدريد للسلام 1991، وسبع سنوات على توقيع اتفاق أوسلو 1993. فقد كشفت المفاوضات عن وجود أزمة عميقة بين الطرفين، بسبب التناقض الحاد في المواقف إزاء قضايا الحل الدائم، خاصة بعد أن اتضحت طبيعة الصفقة المذلة المقدمة من قبل الأمريكيين والإسرائيليين، والتي لا تحقق الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية في قمة كامب ديفيد/2 ( يونيو/ تموز 2000) برعاية الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، حين تم استدراج الطرف الفلسطيني إلى تقديم تنازلات كبيرة في قضايا الحل الدائم بما فيها التوقيع على وثيقة إنهاء الصراع مقابل اقتراحات عائمة وغير واضحة المعالم والحدود، و تم تحميل الطرف الفلسطيني مسؤولية فشل المفاوضات والتهديد بسحب المقترحات التي اعتبرت “سخية”، وهو الأمر الذي رفضه الرئيس ياسر عرفات، وترافق ذلك مع استمرار الاحتلال بتنفيذ عمليات الاغتيال والقتل والاعتقال بحق الفلسطينيين، فاجتمعت كل هذه العوامل، لإعلان انتفاضة شعبية مسلحة، كانت شرارتها الأولى اقتحام “شارون” للمسجد الأقصى.

شهداء وأرقام

ارتقى خلال هذه الانتفاضة 4412 شهيدًا فلسطينيًا و48322 مصابًا، بينما وصلت خسائر الاحتلال لـ 334 قتيلا في صفوفه و735 من المستوطنين و4500 مصاب، علاوة على تدمير وإعطاب عشرات الدبابات والآليات العسكرية، وذلك خلال عمليات عسكرية نفذها مقاتلون فلسطينيين من الأجهزة الأمنية وفصائل المقاومة، وفي مقدمتهم كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح، وكتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية.
وتميزت “انتفاضة الأقصى” مقارنة بسابقتها بكثرة المواجهات المسلحة وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال، بعد فشل عملية السلام وقد شهدت عشرات العمليات الاستشهادية من خلال تفجير الحافلات في شوارع القدس وحيفا، العفولة، الخضيرة، نتيانيا، تل أبيب” تل الربيع” وغيرها من المدن الإسرائيلية فجن جنون الاحتلال وبات غير قادر على وقف العمليات الفدائية، كما لم يستطع تحمل الخسائر الفادحة في صفوف جنوده ومستوطنيه.

محاصرة عرفات 
مع ارتفاع فاتورة الانتفاضة وازدياد كلفتها بالنسبة للإسرائيليين، بدأ الاحتلال في تضييق الخناق على الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في مقر المقاطعة برام الله، وشرعت قوات الاحتلال في اجتياح مدن الضفة كافة فيما عرف بعملية “السور الواقي”، وارتكبت مذابح عدة من أبرزها مذبحة جنين، والبلدة القديمة في نابلس، وغيرها من المدن الفلسطينية، بالإضافة إلى محاصرة كنيسة المهد في بيت لحم.

وقتل العشرات من الفلسطنيين خلال عملية “السور الواقي”، حين مارست قوات الاحتلال كل أنواع القتل والتنكيل بحق الشعب الفلسطيني، واعتقلت الآلاف من المواطنيين. كما لجأ الاحتلال لإقامة جدار الفصل العنصري، الذي سلخ مدن الضفة عن بعضها، واستولى على المزيد من الأراضي الفلسطينية، فيما تفشى سرطان الاستيطان في مدن الضفة الغربية المحتلة.

اغتيال رموز الشعب 

وأقدمت حكومة الاحتلال خلال تلك الفترة على تنفيذ سلسلة اغتيالات بحق قيادات ورموز الشعب الفلسطيني، بدءا من الزعيم ياسر عرفات والذي حوصر في مقر إقامتة وقتل بالسم في نوفمبر/تشرين ثاني عام 2004، ومروراً باغتيال عدد كبير من قادة حماس والفصائل الفلسطينية، وفي مقدمتهم الشيخ أحمد ياسين، مؤسس الحركة (مارس/آذار عام 2004 )، وعبد العزيز الرنتيسي (أبريل/نيسان عام 2004) وصلاح شحادة (يوليو/تموزعام 2002) وإسماعيل أبو شنب (أغسطس/آب عام 2003)، وجمال سليم وجمال منصور (يوليو/تموز عام 2001).كما فقدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أمينها العام، أبو علي مصطفى في (أغسطس/آب عام 2001) ،وصلاح شحادة مؤسس الجناح العسكري لحماس وقيادات ميدانية وسياسية بارزة في المقاومة، مما أدّى لتصاعد وتيرة الأعمال الاستشهادية داخل عمق الاحتلال، بالإضافة الى اعتقال مروان البرغوثي، وأحمد سعدات وغيرهم في إبريل/نيسان عام 2002.

تطور المقاومة

بدأت انتفاضة الأقصى ضد الاحتلال الصهيوني بتظاهرات شعبية من المصلين الفلسطينيين، إثر تدنيس شارون لباحات المسجد الأقصى المبارك في القدس، وقد مرت الانتفاضة بمجموعة من المراحل بدأت بالمسيرات الشعبية وإلقاء الحجارة ومرورا بإطلاق الرصاص والأعيرة النارية المتبادلة مع الاحتلال، وصولاً للاشتباكات المسلحة العنيفة وتنفيذ عمليات اقتحام المستوطنات الإسرائيلية، وليس انتهاءً، عند تنفيذ العمليات الاستشهادية والسيارات المفخخة.

وعلى ضوء تطورات الأوضاع الميدانية وممارسة الاحتلال للارهاب بحق الفلسطينيين، عملت المقاومة الفلسطينية على تطوير قدراتها وامكاناتها العسكرية خلال سنوات الانتفاضة، فبدأت بتصنيع قذائف الهاون و الصاروخية قصيرة المدى، لتتمكن فيما بعد من تطوير ذاتها وأن تصنع صواريخ طويلة المدى وصلت إلى عمق مدينة حيفا داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، فانتقل الصراع إلى مرحلة خطرة وحرجة، ونفذت إسرائيل من خلال ذلك كل ما يمكن من مخططات عنصرية بحق الفلسطينيين، وفي مقدمتها بناء الجدار العازل.

هدم المنازل

مع اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر/أيلول 2000، شهدت الأراضي المحتلة عودة قوات الاحتلال لسياسة تدمير المنازل وجرف الأراضي الزراعيّة من جديد، حيث تتم عمليّة الهدم بذريعة مقاومة أحد أفراد العائلة للاحتلال، فبتاريخ 1 أغسطس/آب 2002، أعلنت قوات الاحتلال رسميًا عن انتهاجها لسياسة هدم منازل ذوي فلسطينيين تدعي أنهم نفذوا، خططوا أو ساعدوا للقيام بأعمال ضد أهداف صهيونية في الأراضي المحتلة أو داخل الكيان الصهيوني كوسيلة من وسائل الردع في مواجهة الانتفاضة.
وقد حظيت هذه السياسة القديمة الجديدة بمباركة وتأييد أعلى المستويات السياسية والقضائية في الكيان الصهيوني. ووجدت تأييدًا كاملًا من رئيس الوزراء الإسرائيلي، أرئيل شارون، وكذلك حظيت هذة السياسة بغطاء قانونى.
وتشير الإحصائيات الى أن عدد المنازل المهدمة، في قطاع خلال انتفاضة الأقصى: وصلت إلى 5107 بيت تم هدمها بشكل كلي، فيما هدم 6549 بشكل جزئي، وفي الضفة الغربية المحتلة والقدس، حيث وصل عدد المنازل المهدمة في القدس 661 منزلًا والضفة الغربية، 1323 منزلًا ، وتم إنذار أكثر من 5655 منزل بالهدم.

تجريف الأراضي الزراعية 
عملت سلطات الاحتلال خلال انتفاضة الأقصى، على تنفيذ سياسة هدم وتدمير الاقتصاد الفلسطيني، من خلال عمليات تجريف الأراضي والحقول الزراعية، تحت حجج أمنية واهية تهدف بالأساس لزيادة رقعة الاستيطان، والسيطرة على المزيد من أراضي المواطنين، وتشكيل حماية للجنود والمستوطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث بلغت مساحة ما جرفته قوات الاحتلال، من الأراضي الزراعية منذ بداية انتفاضة الأقصى وحتى نهاية شهر أبريل/نيسان 2004، حوالي 22892 دونمًا؛ أي قرابة 14.6% من مجموع الأراضي الزراعية للقطاع.
فيما بلغت مساحة الأراضي الزراعية التي تم تجريفها في الضفة الغربيّة منذ بداية انتفاضة الأقصى وحتى نهاية شهر أبريل/نيسان 2004؛ 70.4 الف دونم، والتكلفة التقديرية لخسائر تجريف الأشجار بلغت 77. 9 مليون دولار ، وعملت سلطات الاحتلال على بناء جدار الفصل العنصري، والذي يبلغ طوله 728 كم،  ويلتهم 23% من أراضي الضفة الغربية، خاصة في مناطق (جنين وقلقيلية وسلفيت والقدس) ويقسم الضفة الغربية إلى كنتونات منفصلة، ودخول 11 تجمعا سكانيا فلسطينياً 26 ألف نسمة إلى أراضي الداخل الفلسطيني.

انتفاضة الشعب الفلسطيني لم تتوقف، مازال النضال مستمر ولازالت الحقوق الوطنية للفلسطينيين مسلوبةً من قبل الإحتلال ؛بعد توقيع اتفاق “هدنة” بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قمة “شرم الشيخ” في 8 فبراير/شباط عام 2005 . ومن ثم الوصول إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وفوز حركة “حماس ” بنتائج الانتخابات ؛ ومن ثم سيطرتها على مقاليد الحكم بالقوة المسلحة وحدوث الانقسام الفلسطيني، لتبدأ مرحلة جديدة أكثر سوداوية، تحاول الأطراف الفلسطينية العمل على إنهائها.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]