في محاولة لرصد مؤشرات العام 2016، والتي يراها الباحثون والمحللون السياسيون تحمل دلالات على متغيرات ومستجدات في العالم العربي، كشفت تقارير مراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية عن احتمالات قائمة بتطورات جديدة على مسار حل الأزمات في المنطقة العربية، في حين تبقى بعضها عالقة وربما تتفاقم.
وسيشهد العام 2016 نهاية “ظاهرة داعش” وتداعياتها، وأن هذه المتغيرات والتطورات، كما يرى الخبير بمركز دراسات المستقبل في لندن، أدمز روثني، ستظل خارج التوافق العربي بشأن رؤية استراتيجية موحدة، ولذلك “سيظل العرب في مفترق طرق”، حسب تعبيره.
ويرسم تقرير المركز البحثي الروسي للدراسات الأمنية الدولية والأبحاث الجيو استراتيجية بموسكو، صورة للتطورات المرتقبة على صعيد الأزمات، التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط، ومن أبرز ملامحها أن الحرب على الإرهاب ستكون طويلة، وستنتهي قبل نهاية العام 2016 بالقضاء على داعش، مع التزامن ببدء تنفيذ آليات الحل السياسي للأزمة السورية، وبقاء “ظلال داكنة” وآثارها المحدودة في شمال شرق سوريا.
ويستبعد خبير الشؤون السياسية بالمركز البحثي الروسي، الكسندر رودالوف، استقرار الأوضاع الأمنية “تماما” في سوريا، ولكن ستبقى مناوشات على الأطراف السورية، وعلى هامش تطبيق خارطة الحل السياسي، في حين تظل الأزمة اليمنية “مشتعلة داخليا” لاختلال التوازن السياسي والقبلي بين الأطراف الداخلية.
وأشار إلى أن المتغير المتوقع هو إعلان انفصال جنوب اليمن، والعودة إلى ما قبل الوحدة اليمنية، تأسيسا على تحركات القوى المحورية في جنوب اليمن ذات التوجه اليساري والاشتراكي، والتي قطعت شوطا كبيرا تحت مظلة الحراك الشعبي الجنوبي، وجاءت الحرب اليمنية لتعطي دفعا أكبر للتحرك باتجاه الانفصال.
والتصورات التي وضعتها المراكز البحثية، تضع المنطقة العربية في العام 2016 أمام خريطة يعاد ترسيمها، ولم يتبق سوى “التحديد النهائي ديمغرافيا” على أساس عرقي ومذهبي، حسب دراسة أعدتها المؤسسة الأكاديمية الفرنسية للدراسات الإستراتيجية.
ولفت الدراسة إلى أن ليبيا أصبحت تنافس العراق في دائرة الاحتمالات القائمة للتقسيم “الثلاثي”، أي الانشطار إلى ثلاثة أقاليم داخل الدولة الواحدة.
ويقول البروفيسور أدموند أولايبن، الخبير بالمؤسسة البحثية، إذا تم رسم الخريطة فإن المنطقة العربية مرشحة لتوترات داخلية تنتهي بمواجهات عسكرية عربيةـ عربية، وإذا تعثر إعادة ترسيم الخريطة العربية، فإن الفكر السياسي العربي، أو الإرداة السياسية، ستظل عاجزة عن مواكبة ما يجري من متغيرات، أو عدم القدرة على التوافق العربي باتجاه موقف سياسي موحد، وهو ما يعني بقاء التردد العربي على مفترق الطرق.
ويشير التقرير الفرنسي إلى التحركات داخل المنطقة العربية لمكافحة الإرهاب المتدثر برداء الدين، وهي تحركات ستسفر عن “تحجيم” التنظيمات والجماعات الإرهابية، وبدء انحسارها قبل نهاية العام 2016.
ويتفق تحليل المؤسسة الأكاديمية الفرنسية، مع تقرير المؤشر العربي، الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات في الدوحة، بأن “داعش” لا باقية ولا تتمدد، وهي ظاهرة ستنتهي، لأنها ضد التاريخ والإنسان.
ويشير رئيس وحدة الرأي العام في المركز العربي للأبحاث، الدكتور محمد المصري، إلى أن الرأي العام العربي على كافة الأصعدة مركب ومتنوع، وليس أحادي الاتجاه، وبما أن “داعش” تنظيم أحادي الجانب فإنه يتناقض جوهريا مع عقلية وتركيبة المواطن العربي، مؤكدا أن تنظيم داعش سيندثر بسرعة كما ظهر بسرعة.