كان عام 2020 بمثابة السنة الكبيسة على تركيا، فمع السقوط الاقتصادي المصاحب لهبوط الليرة، كان 2020 عام العقوبات من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، في آن واحد، وهو ما لم يحدث طوال تاريخ تركيا، وذلك بفضل سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ودفعه لبلاده لتصرفات غير القانونية والعدوانية، سواء في البحر المتوسط، أو في منطقة الشرق الأوسط.
الحصار
وتحاصر العقوبات تركيا من كافة الاتجاهات مع نهاية العام، حيث قرر قادة الاتحاد الأوروبي خلال قمة في بروكسل، فرض عقوبات على تركيا بسبب تصرفاتها غير القانونية والعدوانية في البحر المتوسط ضد اليونان وقبرص، ولا سيما عمليات التنقيب عن الغاز التي قامت بها أنقرة في الأشهر الأخيرة في شرق البحر المتوسط في مناطق بحرية تتنازع السيادة عليها مع هذين البلدين.
عقوبات أوروبية
وخرج الاتحاد الأوروبي، بفرض عقوبات على المزيد من الأتراك والشركات التركية المسؤولة عن أعمال التنقيب في المياه المتنازع عليها في البحر المتوسط، ووضع قوائم إضافية، لقائمة العقوبات المعدة بالفعل منذ 2019، بل أنه من الممكن توسيع نطاق قائمة العقوبات إذا تطلب الأمر.
وعقب قرار الاتحاد الأوروبي، ضربت الولايات المتحدة تركيا، بعقوبات بسبب شرائها منظومة الدفاع الجوي الروسية “إس-400″.
عقوبات أمريكية
وبموجب قانون مواجهة أعداء أمريكا من خلال العقوبات لعام 2017، يتعين على الرئيس الأمريكي اختيار ما لا يقل عن خمس من 12 عقوبة لفرضها على البلدان المنتهكة للقانون. وتتنوع العقوبات بين المتوسطة والشديدة وقد تستهدف أشخاصا أو كيانات، ومن أهم العقوبات التي تفرض، عقوبات على الائتمان أو المساعدات من بنك الاستيراد والتصدير الأمريكي، عقوبات على صادرات السلع والخدمات الأمريكية، عقوبات على القروض الكبيرة من المؤسسات المالية الأمريكية.
حجب القروض
ومن ضمن العقوبات أيضا، حجب قروض من مؤسسات مالية عالمية تشمل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، عقوبات على المؤسسات المالية التي تحوز صناديق حكومية أمريكية أو تقوم بدور متعامل أمريكي رئيسي، عقوبات على مشتريات أمريكية من السلع أو الخدمات، عقوبات على أي معاملات نقد أجنبي خاضعة للقانون الأمريكي، عقوبات على أي مدفوعات أو تحويلات مصرفية خاضعة للقانون الأمريكي، عقوبات على أي معاملات مرتبطة بالعقارات، عقوبات على أي استثمارات في أدوات الدين أو الأسهم الأمريكية.
منع تأشيرات السفر
وكذلك رفض منح تأشيرات سفر لموظفي الشركات ذوي الصلة بالكيان أو الشخص المستهدف بالعقوبات، عقوبات على المسؤولين التنفيذيين الرئيسيين الذين لهم صلة بالكيان أو الشخص المستهدف بالعقوبات.
وتحركت العقوبات الأمريكية سريعا في التنفيذ، وذلك عندما فرضت الولايات المتحدة، عقوبات على أكبر هيئة لتطوير الصناعات الدفاعية التركية ورئيسها و3 موظفين بسبب شراء البلاد منظومة الدفاع الجوي الروسية (إس-400).
أردوغان يتودد
ويحاول الرئيس التركي، رجب أردوغان، الذي قلل من العقوبات في البداية، إصلاح العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، خاصة بعد العقوبات الأمريكية والأوروبية، التي تحاصر بلاده، وسط توقعات لانهيار آخر يصيب الليرة التركية بسبب سياسة أنقرة الخارجية، حيث وصل الأمر إلى التودد إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي كثيرا ما هاجمها ، لتخفيف الاتحاد الأوروبي لعقوباته، طالبا بفتح “صفحة جديدة”.
وأعرب أردوغان، خلال مكالمة هاتفية مع رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، عن أمله في فتح “صفحة جديدة” بين بلاده والاتحاد الأوروبي، في أول اتصال بين الجانبين منذ فرضت بروكسل العقوبات على أنقرة
ثم تودد أردوغان للمستشارة الألمانية ميركل، بدعوى أنه يريد فتح “صفحة جديدة” مع الاتحاد الأوروبي، ووضح هذا التودد عندما قدم أردوغان لميركل، الشكر عن “مساهماتها البناءة وجهودها لصالح العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي”، وذلك بحسب الرئاسة التركية.
فكي كماشة
وفي سياق الأزمة، أكد محللون ومتابعون، أن العقوبات المزدوجة على تركيا ليست هينة وستضر بالاقتصاد التركي كثيرا في ظل تدهور العملة المحلية.
وقال الكاتب والمحلل السياسي، ناصر زهير، من باريس، إن تركيا وقعت بين “فكي كماشة” العقوبات، مؤكدا أن حزمة العقوبات الأمريكية أشد قسوة من العقوبات الأوروبية، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا ستناقشان مراجعة صادرات الأسلحة إلى تركيا بعد شهر يناير المقبل.
