42 عاما على يوم الأرض.. الحق الفلسطيني لا يسقط بالتقادم

بين الفلسطيني وأرضه علاقة جدلية ورباط وثيق، يصل إلى درجة العبادة والتقديس والالتصاق بكل حبة تراب من هذا الوطن الجميل، المجبول بعرق الفلاحين والكادحين ودمائهم ودموعهم، فالأرض هي رمزٌ لبقاء ووجود وصمود الفلسطيني وسر وجوده، ومنبع الشوق والحنين اللاهب للمشردين والمغتربين في شتات الأرض ومنافيها القسرية.

خاطبها الشاعر الجليلي منيب مخول قائلا، جذوري تغور تغور ببطن الأزل.. مع السنديان ولدت قديما بأرض الجليل ولما أزل.. خلاياي من نبت هذا الحمى غدا جسدي خيره فاآتمل.. وروحي تعطرها ريحة تفوح بغصن رطيب خضل.. دمي من عناصر هذا الثرى إذا ما تحلل تربا يحل.. بلادي بلادي فداك دمي جراحي لعينيك أحلى قبل.

وخاطبها الشاعر الفلسطيني توفيق زياد بالقول: كأننا عشرون مستحيل.. في اللد، والرملة، والجليل.. هنا.. على صدوركم، باقون كالجدار.. وفي حلوقكم كقطعة الزجاج , كالصبار .. وفي عيونكم زوبعة من نار.. هنا.. على صدوركم، باقون كالجدار.. نجوع.. نعرى.. نتحدى ننشد الأشعار

حكاية يوم الأرض

وللأرض جعل الفلسطينيون يوما خالدا يحيونه في الثلاثين من مارس من كل عام، ليشكل محطة من محطات الدفاع الفلسطيني عن هذه الأرض، والتي مازالت محفورة في ذاكرة الفلسطينيين رغم مرور السنين، بعد أن شكلت منعطفا تاريخيا في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وسياسته الهادفة لسرقة الأرض واقتلاع ساكنيها.

ويحيي الفلسطينيون، اليوم الجمعة، الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض الخالد، ولسان حالهم أن رهان الاحتلال على تدجين الذاكرة الفلسطينية خاسر، فهذه الذاكرة لن تفلح يد النسيان أن تطولها، وأن الحقوق لن تسقط بالتقادم مهما طال أمدها.

وقد جاء يوم الأرض بعد هبة الجماهير العربية داخل أراضي 1948، معلنة صرخة احتجاجية ضد الاستيلاء على الأراضي، والاقتلاع، والتهويد التي انتهجتها إسرائيل، وتمخض عن هذه الهبّة ذكرى تاريخية سميت بـ”يوم الأرض”.

ففي الثلاثين من مارس من العام 76 قررت حكومة الاحتلال مصادرة 21 ألف دونم من أراضي قرى عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد وغيرها في الداخل المحتل عام 48، وذلك لتخصيصها لإقامة المزيد من المستوطنات، في نطاق خطة تهويد الجليل، وتفريغه من سكانه العرب، وهو ما أدى إلى إعلان الفلسطينيين في الداخل، وخصوصا المتضررين المباشرين، عن الإضراب العام في يوم الثلاثين من آذار.

وفي هذا اليوم أضربت مدن، وقرى الجليل، والمثلث إضرابا عاما، وحاولت السلطات الإسرائيلية كسر الإضراب بالقوة، فأدى ذلك إلى صدام بين المواطنين والقوات الإسرائيلية، كانت أعنفها في قرى سخنين، وعرابة، ودير حنا.

وتفيد معطيات لجنة المتابعة العليا -الهيئة القيادية العليا لفلسطينيي 48- بأن إسرائيل استولت على نحو مليون ونصف المليون دونم منذ احتلالها لفلسطين حتى العام 1976، ولم يبق بحوزتهم سوى نحو نصف مليون دونم، عدا ملايين الدونمات من أملاك اللاجئين وأراضي المشاع العامة.

أول تحد للاحتلال

وعم الإضراب العام في منطقة الجليل الفلسطيني المحتل، والذي حاولت قوات الاحتلال كسره بالقوة، والمسيرات الداخل المحتل بدءا من الجليل حتى النقب، واندلعت مواجهات عنيفة ردت عليها قوات الاحتلال ردا عسكريا شديدا باعتبارها أول تحدٍ لسلطته، ما أسفر عن استشهاد ستة فلسطينيين، وإصابة واعتقال المئات، رغم حظر التجوال الذي أعلنته قوات الاحتلال على تلك القرى المستهدفة التي خرج الأهالي فيها ليدشنوا أول انتفاضة شعبية تمسكاً بالأرض ورفضاً للتهويد، ومنذ ذلك الحين يحي الفلسطينيون يوم الأرض الخالد تمسكاً بالأرض ورفضا لكل سياسات الاحتلال في الاقتلاع والتهجير.

ورغم مطالبة فلسطينيي 48 دولة الاحتلال إقامة لجنة للتحقيق في قيام الجيش، والشرطة بقتل مواطنين عُزَّل يحملون الجنسية الإسرائيلية، إلا أن مطالبهم قوبلت بالرفض التام، بادعاء أن الجيش واجه قوى معادية.

الاستيلاء على الأرض

وقبل قيام دولة الاحتلال كان 75% من الفلسطينيين يحصلون على عيشهم من الأرض التي ظلت تلعب دوراً هاماً في حياة 156 ألف فلسطيني والذي بقوا داخل ما بات يسمى إسرائيل، غلى جانب كونها مصدراً هاماً للتأكيد على الانتماء للمكان والهوية الوطنية.

واستولت على نحو مليون ونصف المليون دونم منذ احتلالها لفلسطين حتى العام 1976، ولم يبق بحوزتهم سوى نحو نصف مليون دونم، عدا ملايين الدونمات من أملاك اللاجئين وأراضي المشاع العامة.

ويشير باحثون إلى أن الاستيلاء على الأراضي بهدف التهويد بلغت ذروتها مطلع 1976 بذرائع مختلفة، تجد لها مسوغات في “القانون”، و”خدمة الصالح العام”، أو في تفعيل ما يعرف بـ”قوانين الطوارئ” الانتدابية.

وثيقة كيننج

وصدرت وثيقة سرية (كيننج) في 1/3/1976 من قبل متصرف لواء الشمال في وزارة الداخلية الإسرائيلية (يسرائيل كيننج)، سمّيت فيما بعد باسمه، والتي تستهدف إفراغ الجليل من أهله، والاستيلاء على أراضيهم، وتهويدها، حيث كانت الوثيقة من مسببات الاتجاه نحو الإضراب.

وركزت الوثيقة على تكثيف الاستيطان اليهودي في شمال الجليل، وإقامة حزب عربي يعتبر “أخا” لحزب العمل، ويركز على المساواة والسلام، ورفع التنسيق بين الجهات الحكومية في معالجة الأمور العربية، وإيجاد إجماع قومي يهودي داخل الأحزاب الصهيونية، حول موضوع العرب في الداخل المحتل.

رغم مرور ( 42 عاما) على هذه الذكرى، لم يمل فلسطينيو أراضي 48، الذين أصبح عددهم أكثر من 1.3 مليون نسمة، بعدما كانوا 150 ألف نسمة فقط عام 1948 من الاحتفال “بيوم الأرض”، الذي يجمعون على أنه أبرز أيامهم النضالية، وانعطافه تاريخية في مسيرة بقائهم، وانتمائهم، وهويتهم منذ نكبة 1948، تأكيدا على تشبثهم بوطنهم وأرضهم.

محطة مهمة

الثلاثون من مارس/آذار من كل عام يعتبر محطة هامة في كفاح الشعب العربي الفلسطيني لتأكيد تجديد العهد والولاء والتمسك بالأرض الفلسطينية؛ ولتأكيد الإجماع الفلسطيني السياسي والمجتمعي والثقافي في كل تجمعات الشعب على أولوية الأرض في المشروع الوطني.

بالإضافة إلى تأكيد الترابط بين الأرض وحق العودة، كحق مقدس لا يمكن التراجع عنه أو الألتفاف عليه، ورفض كل أشكال الاستيطان والمشروع الإستعماري الإسرائيلي، ورفض اي مشروع أو مقترح سياسي ينتقص من الحقوق والمصالح والأهداف الوطنية بغض النظر عمن يقف خلف ذلك المشروع، علاوة على إشهار سيف الحق الوطني في الإنعتاق من ربقة المشروع الكولونيالي الإستعماري الإسرائيلي، وإعلاءا لصوت الأرض في المشروع الوطني، التي يحاول قادة دولة التطهير العرقي الإسرائيلية تغييبها، وخلق هوة كبيرة بين الوجود الفلسطيني في المدن والقرى والمخيمات، وبين أرض وطنهم الأم.

نقطة تحول

وشكل يوم الأرض نقطة تحول بالعلاقة بين (سلطات الاحتلال)، والعرب بالداخل، إذ أن مراد الاحتلال في الإثبات للفلسطينيين في الداخل المحتل انها أسياد الأرض لم يتحقق، وبقي أصحاب الأرض منغرسين في أرضهم رغم كل محاولات الاحتلال ومخططاته لاقتلاعهم وتهجيرهم، لتبقى المعركة محتدمة حفاظا على الأرض وليتحول يوم الأرض إلى يوم وطني خالد في حياة الشعب الفلسطيني، وهو ما يؤكد عليها من خلال المسيرات والفعاليات الشعبية التي تأخذ طابعا مغايرا هذا العام من خلال مسيرة العودة الكبرى التي تنطلق في ذات اليوم، يوم الأرض.

وتزداد الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض ثقلا وصعوبة هذا العام، كونها تأت في أعقاب تكالب وإشتداد هجمة المشروع الصهيوأميركي على الحقوق والمصالح الوطنية بعد إعلان الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، والتطابق مع مركبات المشروع الصهيوني في تقزيم وسحق المشروع الوطني الفلسطيني، وانفلات عقال الاستيطان الاستعماري على حساب الإنسان والأرض الفلسطينية، وتعطل مشروع السلام، ومع حدوث شقوق واختراقات في المواقف العربية الرسمية تجاه قضية العرب المركزية، ما أحدث تراجعا وانكفاء في وحدة وتماسك الموقف العربي نتيجة جملة من العوامل الداخلية والإقليمية والدولية.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]