تباينت وجهات نظر المراقبين للأزمة المشتعلة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، فهناك فريق يرجح أن ينتهي المشهد بحرب طويلة الأمد بين الطرفين، في حين يرى آخر أن لغة التفاوض هي التي ستنتصر في نهاية المطاف.

وهناك أبعاد تشير إلى أن الطرفين قد يبتعدان قدر الإمكان عن التورط في معركة من الممكن أن تجعل المشهد أكثر تعقيدًا.

ومع تصاعد الأحداث، تبرز أسباب جديدة قد تمنع صدامًا عنيفًا بين إيران والولايات المتحدة، إذ أصبح على كل طرف أن يعيد التفكير مجددًا قبل اتخاذ خطوة تصعيدية جديدة.

وكلاء إيران ينتظرون الأمر بالتحرك

كشفت صحيفة الجارديان البريطانية في تقرير لها أنه وفقا لمصادر استخباراتية، التقى قائد ​فيلق القدس​ في الحرس الثوري الإيراني، ​قاسم سليماني​، قادة من حلفاء إيران في المنطقة​ خلال زيارته الأخيرة العراق قبل نحو 3 أسابيع وأخبرهم الاستعداد لخوض الحرب بالوكالة على خلفية التصعيد الأمريكي ضد طهران.

ويعد فيلق القدس من قوات الحرس الثوري الإيراني. التي تأسست عقب الحرب العراقية-الإيرانية (1980-1988).

ويأتي من ضمن مهام هذه القوات إنجاز العمليات الخارجية للنظام الإيراني، وينظر إليه على أنه الحلقة المركزية في علاقات طهران مع مجموعات مسلحة مثل حزب الله اللبناني والحوثيين.

ولم ترد إيران على مسألة تدريب وكلائها لكنها نبهت إلى أن حلفاءها بالمنطقة يملكون من السلاح والقدرة ما يمكنهم من استهداف الأعداء إذا واجهت المصالح الإيرانية تهديدًا.

وتلعب إيران بورقة أخرى تتمثل في “حزب الله” اللبناني، الذي يعد ضمن وكلائها، التي تعتمد عليهم،  فمنذ نشأته في عام 1982 وهو يتلقى الدعم المالي من طهران.

وتمد إيران حزب الله بالتدريب العسكري والسلاح. ويعد النموذج الأبرز للتدخل الإيراني في المنطقة، خاصة أنه خرج عن جغرافيته الأساسية للدفاع عن المصالح الإيرانية إلى خارج الحدود اللبنانية.

الصين تدعم إيران

دخلت الصين على خط الأزمة بإعلان مساندتها ودعمها إيران عقب تصاعد الأزمة مع الولايات المتحدة الأمريكية.

وظهر ذلك الدعم عندما أخبر وزير الخارجية وعضو مجلس الدولة الصيني وانغ يي  وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال لقاء جمعهما معًا في بكين، الجمعة، أن الدولتين بحاجة إلى تعزيز التواصل والتنسيق بينهما في ظل خطورة الموقف وسرعة تطوره.

ونقلت وزارة الخارجية الصينية عن وانغ قوله “تعارض الصين بحزم تطبيق الولايات المتحدة عقوبات أحادية وما يسمى’ بالصلاحيات العابرة للحدود، وتتفهم الموقف الحالي ومخاوف الجانب الإيراني وتدعم الجانب الإيراني في دفاعه المشروع عن حقوقه ومصالحه”.

وأضاف وانغ أن الصين تقدر تطبيق إيران للاتفاق النووي بالكامل ونيتها الالتزام به.

الخوف من تكرار سيناريو غزو العراق

ما تعرضت له الولايات المتحدة الأمريكية من خسائر اقتصادية جراء الحرب التي شنتها على العراق عام 2003، دفع عددا كبيرا من المراقبين للمشهد السياسي الدولي من إبداء تخوفاتهم من تكراره مجددا، لكن هذه المرة مع طهران وليس بغداد.

وتأثر الاقتصاد العالمي بحرب العراق، وهو ما نجم عنه ارتفاع  أسعار النفط.

وقالت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية في تقرير لها إن الفرق بين العراق عام 2003 وإيران اليوم هو أنه إلى الآن لا يبدو أن هناك خطة لغزو أمريكي.

ويقول المحلل السياسي الأمريكي مايكل معلوف في مداخلة مع قناة الغد، إننا لا نريد أن نتعجل ونشن حربا كما فعلنا في 2003 في العراق.

وتابع: «أعتقد أن هذا هو الشغل الشاغل لأعضاء الكونجرس، فهم لا يريدون تكرار الخطأ الذي حدث في 2003».

ورغم أوجه التشابه، فإن صراعًا مع إيران لن يكون مجرد تكرار لحرب العراق عام 2003. بل سيكون الأمر مختلفًا تمامًا من نواح كثيرة، ومن المؤكد أنه سيكون أسوأ. فإيران في الوقت الحاضر بلد مختلف اختلافًا كبيرًا مقارنةً بالعراق عام 2003.

لكن تظل هناك اختلافات جوهرية بين حالة العراق وقت الحرب وإيران الآن.

وأشار أحد التقديرات لعام 2005 إلى أن الجيش العراقي كان يضم أقل من 450 ألف فرد عندما بدأ الغزو، بينما تشير التقديرات الأخيرة إلى أنه لدى إيران حوالي 523 ألف عسكري عامل.

استهداف النفط والملاحة

تأتي ضمن تخوفات الولايات المتحدة الأمريكية من شن هجوم على إيران، أن تتجه طهران لاستهداف سفينة تجارية أمريكية، بما يشمل ناقلات النفط، أثناء إبحارها عبر الممرات المائية في منطقة الشرق الأوسط.

وقالت الإدارة الأمريكية للملاحة البحرية في مذكرة إن احتمالات اتخاذ إيران أو وكلائها في المنطقة إجراءات ضد مصالح الولايات المتحدة وشركائها تزايدت منذ بداية مطلع الشهر الجاري.

وأضافت أن تلك المصالح تشمل البنية التحتية لإنتاج النفط بعد أن هددت طهران بإغلاق مضيق هرمز الذي يمر منه نحو ثلث الخام المنقول بحراً في العالم.

وقالت إدارة الملاحة: «إيران ووكلاؤها قد يردون باستهداف السفن التجارية، بما يشمل ناقلات النفط، أو السفن الحربية الأمريكية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب أو الخليج».

خلاف أمريكي داخلي

تشهد الولايات المتحدة الأمريكية خلافا داخليا بشأن التصعيد مع إيران، وهناك اتجاه قوى يرفض فكرة الحرب، في حين توجد أصوات تدفع نحو التصعيد.

ويعد مستشار الأمن القومي جون بولتون أحد صقور الإدارة الأمريكية التي تؤمن بضرورة تشدد بلاده مع إيران، كما يوافقه وزير الخارجية مايك بومبيو.

وتشير تقارير صحفية أمريكية إلى أن بولتون وبومبيو يحاولان دفع ترامب إلى طريق الحرب، لكن الرئيس الأمريكي نفى ذلك الأمر واصفا إياه بالهراء.

يأتي ذلك في الوقت الذي ضغط فيه رؤساء 3 لجان بالكونجرس الأمريكي تختص بالأمن القومي على وزير الخارجية مايك بومبيو ليفصح عما إذا كان تقرير لإدارة الرئيس دونالد ترامب عن الحد من التسلح تم تسييسه وانحرف بالتقييمات التي تضمنها عن إيران.

ووفقا لرويترز فإن التقرير السنوي المقدم من الإدارة الأمريكية إلى الكونجرس حول تقييم الالتزام باتفاقات الحد من التسلح أثار خلافا مع أجهزة المخابرات الأمريكية وبعض المسؤولين في وزارة الخارجية.