تتفق الدوائر السياسية في أنقرة ودمشق، على أن رياح هادئة وإيجابية بدأت تهب على العلاقات الثنائية التركية السورية، وانه بات واضحا أن هناك تغيرا ملموسا في الخطاب السياسي التركي تجاه سوريا، وهو ما عبر عنه الرئيس رجب طيب إردوغان، أمس الجمعة، بأن على حكومة دمشق إدراك أن تركيا لا تطمع في أراضي سوريا، وأن الشعب السوري «أشقاؤنا»، مؤكدا رغبة بلاده بخطوات مع الحكومة السورية لـ «إفساد المخططات».
- وقال الرئيس التركي إنه «يتوجب الإقدام على خطوات متقدمة مع سوريا من أجل إفساد مخططات في المنطقة»، مؤكدا التزام بلاده «بوحدة الأراضي السورية».
رغبة تركيا لتطبيع العلاقات مع سوريا
التصريحات التي وصفت بأنها «إيجابية وتحمل رسالة مباشرة لسوريا»، أدلى بها الرئيس التركي للصحفيين على متن الطائرة خلال عودته من زيارة أوكرانيا التي أجراها الخميس.
وأضاف أردوغان: “يتوجب علينا الإقدام على خطوات متقدمة مع سوريا يمكننا من خلالها إفساد العديد من المخططات في هذه المنطقة من العالم الإسلامي”. وأعرب عن أمله في صياغة دستور سوري جديد بأسرع وقت خلال الفترة المقبلة، والإقدام على خطوات في سبيل حل الأزمة السورية.
أمريكا وقوات التحالف وراء الإرهاب في سوريا
ولفت إلى أن تركيا تتحمل العبء الأكبر في قضية اللاجئين حيث تستضيف قرابة 4 ملايين لاجئ سوري.. وتساءل: لماذا نستضيف هذا العدد من اللاجئين، هل لكي نظل في حالة حرب باستمرار مع النظام (السوري)؟ لا، بل بسبب روابطنا مع الشعب السوري ولا سيما من حيث العقيدة، والمرحلة المقبلة ربما ستحمل الخير أكثر.
- وأكد الرئيس التركي أن الولايات المتحدة وقوات التحالف هم المغذي للإرهاب في سوريا في المقام الأول، فعلوا ذلك دون هوادة ولا زالوا مستمرين.
منعطف هام في السياسة التركية
ويرى محللون وسياسيون، أن قطار التحول بالسياسة الخارجية التركية يتوقف هذه المرة في سوريا، قد ينهي عقدا من التوتر العاصف بين الجارتين..وهو منعطف يرتقي لأن يكون نقطة ارتكاز في سياسة تستهدف استعادة استراتيجية «صفر مشاكل» مع محيطه العربي، بعد سنوات من العزلة الإقليمية على خلفية تدخلات وملفات عاصفة.
استراتيجية تطرح نفسها كجسر حتمي تجتهد أنقرة عبره في محاولة للقفز على الخلافات التي تسببت فيها بالتدخل المباشر في شؤون المنطقة والتوجه التوسعي عبر التموضع عسكريا في سوريا وليبيا، وتوسيع وجودها العسكري القائم في شمالي العراق، فضلا عن استعداء القوى الإقليمية الكبرى.
مطالب وشروط متبادلة
وسائل الإعلام التركية، رصدت مؤشرات تحرك ايجابي ينبئ بالرغبة في تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا.. وفي نفس المسار نشرت 5 مطالب متبادلة بين أنقرة ودمشق لإعادة فتح قنوات الاتصال وتطبيع العلاقات بين البلدين.
مطالب سوريا
وطرحت الحكومة السورية 5 مطالب يتعين على تركيا تحقيقها من أجل إعادة فتح قنوات الاتصال بين الجانبين، تتلخص في:
- إعادة محافظة إدلب إلى إدارة دمشق.
- نقل جمرك معبر كسب الحدودي، مع معبر جيلفي غوزو «باب الهوى» إلى سيطرة الجيش السوري والحكومة السورية، إضافة إلى السيطرة الكاملة للحكومة السورية على الطريق التجاري (M4) الواصل بين شرق سوريا، دير الزور- الحسكة، وحلب – اللاذقية.
- عدم دعم تركيا العقوبات الأوروبية والأمريكية ضد رجال الأعمال الموالين والشركات الداعمة لعائلة الأسد والحكومة السورية.
- مناقشة الدعم المطلوب من تركيا لإعادة قبول سوريا في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والمؤسسات والمنظمات الدولية المماثلة والذي تم تعليقه.
- تنفيذ تركيا عرضها في التعاون والقضاء على الإرهاب وإعادة النفط السوري للحكومة السورية، وأن تواصل تركيا دعمها لسوريا في مجالات السدود والطرق السريعة والكهرباء والمؤسسات التعليمية والمياه والزراعة.
مطالب تركيا
ونشرت وسائل الإعلام التركية بالمقابل 5 مطالب حددتها أنقرة من جانبها أيضا لعودة الاتصال مع سوريا.
- تطهير الحكومة لمناطق من عناصر حزب العمال الكردستاني / وحدات حماية الشعب بالكامل.
- القضاء التام على التهديد الإرهابي على الحدود التركية السورية.
- الاستكمال التام لعمليات التكامل السياسي والعسكري بين المعارضة ودمشق، والعودة الآمنة للاجئين.
- أنقرة تطالب بأن تكون حمص ودمشق وحلب مناطق تجريبية لعودة آمنة وكريمة في المرحلة الأولى، ومن ثم توسيع هذا الإطار، ومراقبة تركيا لعملية عودة السوريين بشكل آمن والممارسات المطبقة مع السوريين حتى بعد عودتهم وإسكانهم.
- تطبيق مسار جنيف، وكتابة دستور ديمقراطي، وإجراء انتخابات حرة، والإفراج الفوري عن السجناء السياسيين، وخاصة النساء والأطفال وكبار السن وذوي الظروف الصحية السيئة.
قطع العلاقات منذ العام 2011
يذكر أن التواصل السياسي بين تركيا وسوريا، انقطع منذ آخر اجتماع عقد في 2011، على مستوى وزراء الخارجية، وذلك خلال زيارة أجراها وزير الخارجية التركي آنذاك، أحمد داود أوغلو، إلى دمشق، عقب اندلاع الأحداث في سوريا.
وحينها، التقى داود أوغلو وزير الخارجية السوري الراحل وليد المعلم، والرئيس بشار الأسد، قبل أن تنقطع العلاقات، وتتحول تركيا إلى دعم المعارضة، قبل أن تتدخل عسكريا في عام 2015.
