رجحت مصادر في حركة حماس، عدم حدوث تغييرات جذرية أو مفاجآت في الهيئات القيادية العليا، والمناصب المركزية لحركة حماس، خاصة فيما يتعلق برئاسة وأعضاء المكتب السياسي للحركة، في الانتخابات التي انطلقت الجمعة الماضية، رغم حالة التنافس غير المعلنة.
وتوقعت المصادر أن يحافظ كلٌ من رئيس حركة حماس إسماعيل هنية، ورئيس الحركة في قطاع غزة يحيى السنوار، على موقعيهما في قيادة الحركة، مع إحداث تغيير طفيف في بعض الشخصيات والمواقع القيادية خلال هذه الانتخابات.
ورجحت المصادر إمكانية عودة خالد مشعل للتنافس على الموقع الأول في الحركة، لكن مهمته تبدو مستحيلة في ظل التنافس غير المعلن في أروقة حماس الداخلية ، والتي يتوفر في عدد من قيادتها التاريخية المؤهلين لتولي الموقع الأول في الحركة أمثال: موسى أبو مرزوق، إسماعيل هنية، صالح العاروري، يحيى السنوار، فضلا عن ماهر صلاح الذي يتولى مسؤولية حماس بالخارج.
وتشير التقديرات الأولية من المرحلة الأولى من الانتخابات إلى أن نتائج الانتخابات تصب في مصلحة إسماعيل هنية ويحيى السنوار اللذين يتمتعان بدعم كبير من أطر الحركة المختلفة، بالإضافة إلى دعم سخي من كتائب القسام الجناح المسلح للحركة، علاوة على علاقتهما المميزة مع دول الإقليم وفي مقدمتها مصر.
قطاع غزة
وانطلقت الانتخابات الداخلية لحماس في قطاع غزة، أول أمس الجمعة، باعتبارها مركز وقاعدة حماس الرئيسية وتتواجد بها نواتها وقيادتها السياسية والعسكرية الصلبة، بمشاركة عشرات الآلاف من أبناء حماس ممن يحق لهم الانتخاب والترشح، حيث تجاوزت نسبة المشاركة 80%. على أن تجرى باقي الأقاليم انتخاباتها وفق ما تسمح به الظروف والحالة الأمنية، حيث تختتم الانتخابات بتجديد هيئاتها القيادية ومجالسها الشورية وصولا لانتخاب أعضاء المكتب السياسي للحركة، والتي من المتوقع الإعلان عنها نهاية مارس القادم .
وتجري حماس انتخاباتها الدورية كل 4 سنوات بطريقة “ديمقراطية سرية”، تتوزع على 3 أقاليم، رئيسية هي: قطاع غزة، والضفة الغربية، والخارج، بالإضافة إلى السجون والمعتقلات الإسرائيلية.
وتأتي الانتخابات، هذه المرة، في ظل توقعات بتأجيلها لمدة عام كامل وذلك نظرا للمتغيرات السياسية الكبيرة التي رافقت الحوارات الفلسطينية الداخلية والتوصل لاتفاق القاهرة الذي نص على إجراء الانتخابات العامة وفق المرسوم الرئاسي.
وعلى الرغم من أن نظام حماس يمنع أي عنصر أو قيادي من ترشيح نفسه لتولي المناصب داخل أطر الحركة، إلا أن هذه المرة شهدت تحالفات ووجود قوائم بعينها “سرية”، حيث تم حث الناخبين على انتخابها والتصويت لها ،على غير المعمول به في الأنظمة الداخلية.
انتخابات نموذجية
وأكد الكاتب والمحلل السياسي، إياد القرا، في حديث للغد، أن عشرات الآلاف من عناصر حركة حماس، أدلوا بأصواتهم في صناديق الاقتراع التي تم تخصيصها لاختيار قيادة الحركة على مستوى القيادة الصغرى وصولا إلى أعلى الهرم في سلم القيادة والتي تتمثل في انتخاب مجلس الشورى العام “المشير” واللجنة التنفيذية الكبرى للحركة والتي تتمثل في المكتب السياسي.
وأوضح إياد القرا أن العملية الانتخابية الديمقراطية في حماس، سياسة ثابتة اتبعتها منذ لحظة تأسيسها الأولى وهى مستمرة إلى الآن ولا تتأثر بالمتغيرات السياسية والميدانية ، منوها إلى أن الحركة انجزت انتخاباتها في ظروف معقدة، كما تقوم على تطوير أنظمتها الانتخابية واختيار قيادتها بمستوياتها المختلفة، وكذلك تطور إدارتها الداخلية في إدارة التنظيم وآليات اتخاذ القرار.
هنية ومشعل
وفيما يتعلق بإحداث تغييرات جوهرية في قيادة حماس، وإمكانية عودة خالد مشعل لقيادة الحركة، قال القرا، إن عملية التغيير في حركة حماس سنة متبعة وطبيعية، حيث يجري في كل دورة انتخابية إحداث تغيير ما نسبته 20% من قيادة الحركة وقد تتسع هذه النسب في القيادات والهياكل التنظيمية الصغرى، وكل دورة انتخابية تشهد تغييرات بالوجوه والشخصيات القيادية، لاعتبارات لها علاقة بالعمل التنظيمي والانجازات في الملفات.
وأوضح القرا في حديث للغد، أن عملية التغيير طبيعية، مبينا أنه في هذه الدورة من الطبيعي أن يدرج خالد مشعل ضمن الشخصيات التي يمكن أن تصل لرئاسة المكتب السياسي، وفق الأنظمة الداخلية، لكن ذلك يبقى مرتبطا بقرار إرادة المجموع الانتخابي.
واستبعد القرا أن يحصل مشعل على موقع رئيس الحركة على اعتبار أن عملية التغيير تحتاج إلى وقت، والقيادة الحالية للحركة لم تأخذ فرصتها نظر لطبيعة الظروف الصعبة التي أحاطت بعملها، مرجحاً بأن يحصل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي الحالي على دورة جديدة في هذه الانتخابات وأن يبقى في موقعه دون أي تغيير، وهذا الأمر ينسحب على رئيس الحركة في قطاع غزة يحيي السنوار، في ظل الحق بالمنافسة من القيادات الأخرى.
انتخابات حماس والمصالحة
وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس، حسام بدران، إنهم يفتخرون بمحفظاتهم بصورة دورية على إجراء الانتخابات الداخلية، وقدرتهم على تنظيم هذه الانتخابات في ظل عملها على المشاركة في الانتخابات العامة الفلسطينية، كما تم التوافق على ذلك وفق اتفاق القاهرة 9فبراير /شباط، ووفق المرسوم الرئاسي بهذا الخصوص.
وأكد أن نتائج الانتخابات الداخلية في حماس، لن تؤثر أو تغّير من موقفها من الانتخابات العامة، مشددا على وجود حالة إجماع في الحركة على ضرورة إجراء الانتخابات العامة بالتتابع، وهوما توافق مع رأي الكاتب والمحلل السياسي المقرب من حماس إبراهيم المدهون الذي استبعد أن تؤثر الانتخابات الداخلية لحماس سلبا على المشهد السياسي العام وخاصة فيما يتعلق بالمصالحة الفلسطينية، وإنهاء الانقسام.
وأضاف الكاتب إبراهيم المدهون، في حديث للغد، أن أي قرار يتم اتخاذه داخل أروقة الحركة لا يمكن إبطاله، حتى إذا جاءت قيادة جديدة ومختلفة، معرباً عن اعتقاده الجازم أن طريق حماس نحو المصالحة سيتطور ويتعزز بشكل أفضل وأكبر في المرحلة القادمة.
وقال: “حماس رسمت استراتيجيتها على المضي قدما في مسار المصالحة والانتخابات وتعزيز الأدوار وحدوث انتخابات وهى قادرة على السير في أكثر من مسار والتوازن في المسار السياسي والاستراتيجي وفي التغيرات الداخلية، ولهذا لا أعتقد أن الانتخابات الداخلية ستؤثر على حوارات القاهرة وعلى التزامات الحركة تجاه الدولة المصرية، وتجاه السلطة وحركة فتح، وسيعطيها دفعه وقوة”.
وأضاف :”لكن السؤال هل ستستمر السلطة الفلسطينية في عملية المصالحة والانتخابات خاصة بعد بروز أصوات تنادي بـ (ناصرالقدوة، مروان البرغوثي، محمد دحلان) بالعودة للمشهد السياسي، هذا أمر شأنه فتحاوي داخلي”.
الانتخابات والمتغيرات
وأضاف المدهون أن أهم عناصر قوة حماس، هو المداومة على إجراء انتخاباتها الدورية كل 4 سنوات، حيث يتم إجراء الانتخابات في كافة مفاصل الحركة، منوهاً إلى أن آخر انتخابات كانت مطلع 2017، قبل ذلك كانت في بداية 2013 ، و2009 ، مشدداً على أن حماس حريصة على أن تنتظم في هذه الانتخابات في مواعيدها دون تغيير، حتى وإن كانت الظروف التي تحيط بها معقدة، مشيراً إلى أنه بعد حربي 2008 و 2012 جرت انتخابات.
وأوضح المدهون أن الحروب والمتغيرات السياسية الكبرى لا تمنع حركة حماس من إجراء انتخاباتها الداخلية، واليوم تعيش الحركة استحقاقات وطنية كبرى تتمثل في الانتخابات العامة الفلسطينية وهى تستدعي حالة الطوارئ للتفرغ لها، لكنها أصرت على إجراء هذه الانتخابات واحترام موعدها للحفاظ على حيويتها وقيمها.
وبيّن المدهون أن ما يميز انتخابات حماس أنها تجدد كل مفاصلها وأطرها التنظيمية من “أمير و مسؤول الشعب والمساجد والمناطق الى رئيس الحركة”، وبدأت هذه الانتخابات في قطاع غزه بمشاركة عشرات الآلاف من المنتمين والمنضبطين ومن يحق لهم الانتخابات وتنطبق عليهم الشروط من لهم أكثر من 10 سنوات، وفي بعص المناطق أكثر من 5 سنوات، وهم جميعا لهم حق الانتخاب والترشح، لكن ليس هناك من يبادر بترشيح نفسه، بل يتم ترشيحه من قبل الآخرين.
وأضاف أن الانتخابات في حركة حماس، تمر بمراحل لاختيار شوريات الحركة ومجلس الشوى ومن ثم انتخاب اللجان التنفيذية والهيئات الفاعلة التي ستكون مسؤولة بشكل مباشر في المرحلة القادمة، متوقعا معرفة من هو رئيس الحركة القادم في غضون أسابيع.
