منذ إعلان إثيوبيا بدء عمليات تشييد سد النهضة، دخلت القاهرة والخرطوم من جهة وأديس أبابا من ناحية أخرى في مفاوضات شاقة، على أمل الوصول لاتفاق يساعد إثيوبيا في إتمام مشروعها، ويجنب مصر والسودان أضراراً متوقعة.
لكن هذه المفاوضات وعلى مدار عقد كامل لم تشهد سوى الخلافات والمماطلات من الجانب الإثيوبي، الذي يؤكد أنه ذاهب نحو الملء الثاني للسد يوليو/ تموز المقبل.
وانخرطت مصر في اجتماعات بالعاصمة الكونغولية كينشاسا برعاية الاتحاد الأفريقي، واصفة هذه الجولة بالفرصة الأخيرة.
وناقشت الحلقة الجديدة من برنامج (مدار الغد) عددا من الباحثين والمحللين والخبراء لمعرفة ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع إذا ما فشلت هذه الجولة من المباحثات.
بداية، قال وزير الري المصري الأسبق، الدكتور محمد نصر الدين علام، إن الجانب الإثيوبي عليه أن يتفهم أن الملء الثاني لسد النهضة سيضر بمصلحة مصر، موضحا أن تصريحات الرئيس السيسي لم تكن موجهة لأحد، وإنما كانت للتأكيد على الماء يمثل لمصر قضية أمن قومي.
وأضاف وزير الري الأسبق أن الشعب المصري ليس لديه مصدر آخر غير مياه النيل للشرب والزراعة والتنمية، حيث يبلغ نصيب الفرد من المياه نحو 550 مترا مكعبا في السنة وهو ما يعني نصف مستوى الفقر المائي الذي حددته الأمم المتحدة.
كما أكد أن مصر لديها عجز في الميزان الغذائي بحوالي 11 مليار دولار سنويًا، فيما تعمل الحكومة على تحلية المياه بحوالي 100 مليار جنيه سنويا، وقال “نعاني أزمة مائية ولو تفاقمت بسبب سد النهضة سيؤدي إلى آثار اجتماعية قاسية لن يسمح أحد بحدوثها”.
وأشار وزير الري الأسبق إلى أن”القاهرة ليست ضد التنمية في إثيوبيا، ومتحيزة للتنمية في البلد الذي يعاني أزمة في الكهرباء، وكان يجب التعاون بين الدول الثلاث بالتراضي وليس بسياسة الأمر الواقع”.
وأكد وزير الري الأسبق أن مصر والسودان تؤيدان حق إثيوبيا في التنمية، لكن تعنت الجانب الإثيوبي قد يحول سد النهضة من مشروع تنموي إلى مشروع تدميري، بحسب قوله.
خيارات أخرى
وفي السياق ذاته، أكد خبير الشؤون الإستراتيجية بمركز العلاقات الدولية في الخرطوم، اللواء دكتور أمين إسماعيل، أن إثيوبيا لعبت على العامل الزمني، وتماطل في المفاوضات الخاصة بسد النهضة.
وأضاف اللواء أمين إسماعيل، أن تقرير الاستشاريين واللجنة الثلاثية أكد أن هناك مخاطر بشأن سلامة السد، مشددا على ضرورة مشاركة الجانب الإثيوبي البيانات مع مصر والسودان بشأن تشغيل السد وفض المنازعات.
كما أوضح اللواء أمين إسماعيل، أن هذه هي الخطوة الأخيرة بالنسبة لمسألة التفاوض بين الدول الثلاث قبل الانتقال إلى مجلس الأمن الدولي أو إلى خيارات أخرى.
وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أهمية التوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة الإثيوبي قبل موسم الفيضان المقبل.
جاء ذلك في رسالة من السيسي سلمها وزير الخارجية المصري إلى رئيس الكونغو الديمقراطية الذي تستضيف بلاده الاجتماع الوزاري الحالي بشأن قضية سد النهضة.
وكان رئيس الكونغو الديمقراطية أعلن في مؤتمر صحفي أن المفاوضات الوزارية بين مصر والسودان وإثيوبيا التي انطلقت في كينشاسا تسعى إلى وضع خارطة طريق لحل أزمة سد النهضة.
من جانبه أبلغ الوفد السوداني في المفاوضات رئاسة الاتحاد الأفريقي رفضه الملء الثاني لسد النهضة دون اتفاق.
