يعيش ملايين اليمنيين أوضاعا مأساوية تزداد سوء يوما بعد يوما عقب انقلاب الحوثيين على الشرعية باليمن، وظروف الحرب التى يعانى الشعب تحت وطأتها، ما دعا الإمارات أن تتدخل على خط الأزمة لتقدم مساعداتها الإنسانية لليمنيين، وتكون صمام أمان للمنطقة العربية، فخلال العامين الماضيين دعمت الإمارات اليمن بشحنات من الأدوية والأمصال لمواجهة وباء الكوليرا الذى تفشى فى البلاد، ثم دعمت جهودها بوصول طائرتين تحملان 100 طن من الأدوية والمستلزمات، بالإضافة إلى إجراءات طبية أخرى بالتعاون مع الهلال الأحمر.
أزمات يمنية
ووصفت منظمات الصحة العالمية واليونيسف وبرنامج الغذاء العالمي، في بيان مشترك، الأزمة في اليمن بـ «الأسوأ عالميًا»، إذ جعلت الحرب المستمرة لأكثر من عامين، ما يقرب من 75% من السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية، بما في ذلك 11.3 مليون طفل لا يمكنهم أن يعيشوا دون هذه المساعدات.
فعلى المستوى الصحي، تفشى وباء الكوليرا بشكل غير مسبوق، وتخطى عدد المصابين به المليون طفل، توفى من بينهم أكثر من 2000 حالة، طبقا لإحصاءات منظمة الصحة العالمية.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، حيث تسببت الصراعات في اليمن، في تدمير أكثر من نصف المنشآت، ومراكز تقديم الخدمات الطبية، كما تسببت أزمات نقص الوقود والطاقة في تعطيل العديد من المنشآت الأخرى، ما أدى إلى وفات الآلاف من الحالات.
وبحسب إحصاءات الأمم المتحدة عن تداعيات الأزمة الإنسانية في اليمن لعام 2017، فإن أكثر من 60% يعانون من انعدام الأمن الغذائي، فيما يفقد 16 مليون يمني القدرة على الوصول لمياه نظيفة وصالحة للشرب، ما أدى إلى حرمان 25% من السكان باليمن من دخل ثابت يؤمن لهم احتياجاتهم المعيشية.
ويعاني قطاع الصناعات الدوائية من نقص حاد في الأدوية وانعدام بعضها من السوق، نتيجة غلق العديد من المصانع، مع وجود صعوبها في استيراد الأدوية من الخارج، ما أدى إلى وفاة المئات نتيجة نقص الأدوية.
كما تحول عدد كبير من المدارس إلى مأوى لآلاف النازحين من مناطق مجاورة تشهد اشتباكات أو تتعرض لقصف جوي بشكل منتظم. حيث توقفت 1640 مدرسة، من بين نحو 16 ألفا عن التعليم، ما حرم 1.8 مليون طفل من الدراسة لينضموا الى نحو 6,1 مليون طفل آخر لا يذهبون إلى مدارسهم منذ فترة ما قبل النزاع.
ومع هذا فلا يمكن إغفال أن الأوضاع في اليمن، كانت كارثية ومأساوية حتى قبل اندلاع الحرب ضد الحوثيين في مارس 2015. ففي 2010 قال برنامج الأغذية العالمي إن 31.5% من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، منهم 11.8% في وضع صعب للغاية.
بالأرقام.. جهود الإمارات في اليمن
وخلال العامين الماضيين، سعت الإمارات العربية المتحدة لتخفيف آلالام جرحى اليمن، حيث دعمت السوق المحلية بشحنات الأدوية والأمصال المتوفرة لمواجهة وباء الكوليرا، ثم دعمت جهودها بوصول طائرتين تحملان 100 طن من الأدوية والمستلزمات.
ولم تكتف بذلك، حيث قدمت 10 ملايين دولار كدعم لمكافحة الوباء، إضافة لوصول سفينة تحمل على متنها 10 حاويات من الأدوية الخاصة بالكوليرا استلمتها منظمة الصحة العالمية لإيصالها لمستحقيها عبر المركز الإقليمي ومكاتب الصحة في المحافظات.
وقامت الإمارات أيضًا بتوقيع اتفاقية شراكة مع منظمة الصحة العالمية بقيمة 55 مليون درهم تتضمن ترميم 20 مستشفى ومركزاً صحياً في 9 محافظات، إضافة إلى تنفيذ برامج مكافحة أمراض شلل الأطفال والحصبة وغيرها في 11 محافظة بقيمة مليون و752 ألف دولار.
وخلال عام 2017، قدمت الإمارات دعما متواصلا لليمن، حيث أعلنت هيئة الهلال الأحمر الإماراتية في 4 فبراير 2017 تكفلها بعلاج 1500 جريح يمني ممن أصيبوا خلال الحرب في كل من المملكة الأردنية والسودان والهند.
ووفرت الهيئة الوسائل كافة لنقل الجرحى إلى المستشفيات لتوفير العلاج والرعاية الصحية اللازمة لهم وفقاً لبرنامج تم إعداده بهذا الخصوص وبناء على التقييم الصحي لكل حالة من الحالات، وتحملت الهيئة تكاليف المرافقين الصحيين للجرحى لضمان تهيئة كافة الظروف النفسية والمعنوية التي تسرع في شفاء المصابين.
وفي 15 أبريل، أعلنت الهيئة تكفلها بعلاج 53 جريحاً يمنياً ممن تأثروا جراء الحرب اليمنية وذلك في مستشفيات خارج البلاد، كما أعلنت تحمل تكاليف 42 من المرافقين الصحيين للجرحى.
وفي 22 يونيو 2017 غادرت طائرة خاصة مع طاقم طبي تقل 90 جريحاً يمنياً مع مرافقيهم ممن تأثروا جراء الحرب والانتهاكات الحوثية إلى الهند لاستكمال علاجهم على نفقة الهلال الأحمر الإماراتي في مستشفيات الهندية.
وفي 17 أغسطس من العام نفسه غادر العاصمة اليمنية المؤقتة عدن 90 جريحاً يمنياً ممن تأثروا جراء الحرب والانتهاكات الحوثية المتواصلة ضد الشعب اليمني إلى الهند وذلك لتلقى العلاج في المستشفيات الهندية على نفقة دولة الإمارات.
وبدأت منظمة الصحة العالمية من العاصمة اليمنية عدن، في 21 فبراير الجاري، وبدعم مقدم من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، توزيع مساعدات ومستلزمات طبية على 20 مركزاً صحياً في 10 محافظات يمنية. وتم إرسال دفعة من هذه المستلزمات الطبية إلى مراكز الشحر وتريم بحضرموت، ومستسفى مأرب العام، ومركز الخبر والمحفد ولودر بمحافظة أبين، ومستشفى المخا العام بمحافظة تعز.
تلبية النداء العاجل
وقال الدكتور علي الوليدي وكيل وزارة الصحة العامة والسكان اليمنية، إن المساعدات الطبية المقدمة من الهلال الأحمر الإماراتي لمنظمة الصحة العالمية وتوزع بإشراف الوزارة بـ10 محافظات يمنية، تأتي في إطار تواصل الدعم الإماراتي الذى وصفه بالسخي للقطاع الصحي في مختلف المحافظات اليمنية والذي يسهم بشكل كبير في تعزيز أدائه وتقديم خدمات علاجية لأبناء الشعب اليمني.
وثمن الوليدي حرص الإمارات على دعم القطاع الصحي بشكل مستمر في مختلف المدن اليمنية المحررة، وإعادة تأهيل العديد من المرافق الرئيسة التي تمد الأسر اليمنية بالخدمات المتنوعة مثل الكهرباء والرعاية الصحية والغذاء ما كان له أطيب الأثر في نفوس المواطنين اليمنيين.
من جانبه، أكد المهندس جمعة عبدالله المزروعي رئيس فريق الهلال الأحمر الإماراتي، أن الإمارات كانت ولا تزال سباقة إلى تلبية النداءات العاجلة التي أطلقتها السلطات والشخصيات الاجتماعية في العديد من المناطق المحررة باليمن للتدخل الإنساني العاجل ونجدة الأسر المعوزة فيها عبر تسيير مئات القوافل التي تحمل آلاف الأطنان من المواد الغذائية والإغاثية، إضافة إلى إقامة المشاريع التنموية التي كان لها بالغ الأثر في التخفيف من معاناة الأهالي الإنسانية.
ووصلت إلى ميناء عدن سفينة إماراتية تحمل على متنها 9 حاويات أدوية مقدمة من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي سلمت لمنظمة الصحة العالمية وسيتم توزيعها على المحافظات اليمنية، في رسالة من دولة الإمارات أنها حقا صمام الأمان.
دور تاريخي
يقول اللواء سعد الجمال، رئيس لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب المصري، في تصريحات لـ «الغد»، إن ما تقوم به الدول العربية الشقيقة وعلى رأسها دولة الإمارات، ومبادرة خادم الحرمين الشريفين لدعم الاقتصاد اليمني، يأتي في إطار التوحد العربي والوقوف مع الأشقاء في محنتهم، مشيرًا إلى أن اللجنة ومجلس النواب يقدرون هذا الدور التاريخي، الذي يثبت حقًا أن الإمارات صمام الأمن بما تقوم به من دور داعم ومساند لكافة القضايا العربية.
وأضاف «الجمال»: «لجنة الشؤون العربية تضع ملف المساعدات الإنسانية والطبية للأشقاء في اليمن على رأس أولوياتها، ونحن نبذل كافة الجهود التي تمكننا من تأمين هذه المساعدات وضمان وصولها بشكل عاجل».
وقال رئيس لجنة الشؤون العربية، إن هناك تنسيقا بين كافة مؤسسات الدولة لتقديم معونة إنسانية تضم أدوية ومستلزمات طبية لإرسالها إلى الشعب اليمني الشقيق، من خلال الهلال الأحمر المصري.
