أكرم عطا الله يكتب: وقت للمصالحة..!

 

 لا يمكن لكل هذه الهوة الكبيرة التي انحفرت في السنوات العشر الماضية أن تردم في ليلة واحدةن فالحدث أكبر كثيرا من مرور عابر، والتفاصيل الإدارية والسياسية بحاجة إلى الوقت الطبيعي، وإلا سنكون أمام مصالحة تشبه حكومة 2014 التي تم سلقها على عجل لنكتشف بعدها أن الأمر لم يكن أكثر من محاولة فاشلة أضيفت لسابقاتها.

يومان على تواجد الحكومة بغزة هي مدة قصيرة قياسا بالزمن الطبيعي لإنهاء ملفات غزة الشائكة، ولكنها طويلة حسب مقاسات الغزيين الذين اشتدت الحبال على أعناقهم ويريدون كل شيء بسرعة  شديدة، فما حدث في اليومين الماضيين ليس أكثر من أجواء تفاؤلية وانطباعات احتفالية ايجابية، لكن الحكومة لم تناقش أي من الملفات الخلافية لأنها ليست مخولة بذلك، فرئيسها ليس عضوا في اللجنة المركزية لحركة فتح حتى يتمكن من نقاش قضايا سياسية هي لب الخلاف بين الجانبين، وإن رافق الوفد الرجل القوي في السلطة مدير المخابرات العامة اللواء ماجد فرج.

كان يجب أن ترفع العقوبات التي فرضتها السلطة على غزة، هذا كان لسان حال الغزيين والفصائل في غزة التي استمعت لوعود السلطة حين شكلت حماس لجنتها الإدارية التي دفعت بالأوضاع إلى التأزم، ولكنها أيضا دفعت الأطراف إلى البحث عن حلول، وقد تداول المواطنون هذا الأمر إلى درجة السخرية عندما طالب رئيس الوزراء  الدكتور رامي الحمدلله إسرائيل برفع العقوبات عن قطاع غزة فيما أجلت الحكومة رفع إجراءاتها العقابية التي فرضتها على القطاع..!!

الأمر ليس بتلك السهولة.. والأطراف تعرف ما الذي تريد، لذا لن تكون تلك التبادلية التي أخلّت بها السلطة مصدر خلاف بين الطرفين، فالسلطة لم تبدأ مفاوضاتها بعد مع حركة حماس، والتي ستكون الأسبوع القادم في القاهرة، وهي تعتقد أن هذه الإجراءات هي التي أرغمت الحركة على التنازل عن إدارة غزة وتسليمها للحكومة، وبالتالي ستبقى هذه الإجراءات كورقة للضغط على طاولة المفاوضات لضمان استلام تام دون معيقات، وكذلك لضمان الوصول إلى تفاهمات تتعلق بالقضايا الخلافية وعلى رأسها ملف السلاح، لذا فهي لا تتعجل الأمر.

حركة حماس هي الأخرى ليست في عجلة من أمرها، لذا لم تُقِم الدنيا لأن هناك من قال:”على حماس حل لجنتها الإدارية وبعد ساعات سيتم رفع العقوبات عن غزة”.. لأنها تدرك أن أية مصالحة ستنتهي بالاتفاق على الانتخابات، وهي تتحين تلك اللحظة، لذا تقدم ما يكفي من المرونة والصمت من أجل الوصول إليها، لأن ذلك يعني دخولها النظام السياسي مستفيدة من تجربة الماضي ومرونة وثيقتها الجديدة لشرعنة حضورها الذي فشلت في تحقيقه منذ سيطرت على غزة.

بل أنها ترى أبعد من ذلك، باعتبار أن قوتها الانتخابية الأكبر في الضفة الغربية تؤمن لها أصواتا لا بأس بها، وأن ما تقدمه من مرونة في قطاع غزة سيخفف من الاحتقان ضدها، وربما مع بروز شخصية مثل السنوار أصبحت مقبولة على الرأي العام خارج حماس، والأهم أنها ستنافس حركة فتح وهي الخصم المشغول بصراعاته منذ سنوات وتشهد حالة تصدع داخلي ينشغل به كوادرها بالإساءة لبعضهم ربما تعتقد الحركة أنها ستضمن الفوز في الانتخابات التشريعية وستتحكم بتشكيل الحكومة لأن منافسها المشغول بحرق ذاته سيتكفل بهزيمة نفسه.

إذن كل يعرف ما الذي يريد، السلطة تريد أن تتسلم على بياض وحركة حماس تذهب أبعد مما يجب دون عوائق، والأهم أن تصل إلى محطة الانتخابات، لذا فالأمور بحاجة إلى بعض الوقت وحوار القاهرة هو الأهم بالرغم من رياح الإسناد المصرية القوية التي تلقتها بوابات المصالحة بوصول وزير المخابرات المصرية ومشاركته المباشرة في مجريات اللحظة الاحتفالية تمهيدا لما هو قادم، لذا من المتوقع أن تستمر حركة حماس في هذا الاتجاه المرن وصولا للهدف الأسمي، وخاصة أن مصر هذه المرة تضع كل ثقلها من أجل إنجاح الخطوة.

لكن كيف يمكن التوفيق ما بين رغبة الرئيس الفلسطيني بسلطة واحدة وسلاح واحد ورغبة حركة حماس باستنساخ تجربة حزب الله؟.. هنا الأزمة التي ستكون على طاولة الحوار والتي لن يتمكن الفلسطينيون من إيجاد حل لها، وهنا يبدو الدور المصري هاما في إبداع حلول توفيقية واستيلاد مقترحات، وهنا ربما أيضا أن الأمر بحاجة إلى تحصيل ضمانات من إسرائيل حتى لا يتحول السلاح في غزة لقميص عثمان في مواجهة السلطة.. إذا ما تمكنت الأطراف من حل قضية السلاح حينها سنرى الدخان الأبيض يصعد من القاهرة ونبدأ بالدخول لمرحلة جديدة في الحياة السياسية الفلسطينية.

نحن أمام تحول كبير إذا ما سارت الأمور كما يجب ولم يجر تخريبها من قبل أي الأطراف التي تتهدد مصالحها بالمصالحة، لذا على الفلسطينيين الصبر وعدم الاستعجال فمراحل الميلاد صعبة وتستحق الانتظار..!

 

Atallah.akram@hotmail.com

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]