إميل أمين يكتب: الأزمة القطرية.. كارثية المشهد داخليا وخارجيا

تقرير يكتبه: إميل أمين

هل باتت الأزمة القطرية تمثل لعنة تصيب كل من يقترب منها بالفشل والإخفاق، بمعنى أن الخسائر التي تحل بالدولة القطرية لم تعد محلية فقط، بل دولية، وكل من يقترب منها تلسعه نيرانها؟

تقرير يكتبه ـ إميل أمين

علامة الاستفهام المتقدمة فرضتها سياقات الأحداث الأيام الماضية، لاسيما بعد فشل الجولة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، في محاولة أمريكية مستترة تارة، ومعلنة تارة أخرى، لإيجاد مخرج لقطر من أزمتها الأخيرة.

حاول تيلرسون ممارسة مهارة اللعب على الحبل أو المشي عليه، وبدا واضحا أنه أخفق في الحالتين، ذلك أن الحياد وفلسفة المؤامات أو التوفقات في المواقف المصيرية لا تفلح، بل يعدها البعض خيانة للأمانة، وقصور في الدفاع عن الحق، خاصة في ظل وضوح المشهد والأدلة والبراهين التي تثبت صدقية الاتهامات، سيما وأن الأوربيين والأمريكيين أنفسهم قد اعترفوا بشأن دعم قطر للإرهاب وتمويل الإرهابيين منذ فترة طويلة.

هل يستقيل ريكس تيلرسون؟

أحد أهم الأسئلة التي تدور في واشنطن اليوم هو ذلك السؤال المتصل بوزير الخارجية تيلرسون، وهل سيستمر في إدارة ترامب أم أن إخفاقاته ستعجل برحيله؟

قبل بضعة أيام فوجئ الأمريكيين والعالم من حولهم بقيام الرئيس ترامب بسحب الملف الإيراني من تيلرسون، وعهد به إلى فريق من كبار مستشاريه ومن مجلس الأمن القومي الأمريكي، في المقدمة منهم، كبير المستشارين في البيت الابيض “ستيف بانون” الرجل اليميني بغير اعتدال، صاحب السطوة الكبري على تفكير ترامب، عطفا على “سيباستيان غوركا” اليميني المتشدد بامتياز، بالاضافة إلى “ديريك هارفي” نائب مستشار الأمن القومي.

سحب ملف إيران من تيلرسون مرتبط ولا شك باخفاقاته في تقديم ما يرغبه ترامب أي اثبات عدم التزام إيران بالاتفاقية النووية، وخرقها عبر مشاهد عدة، وليس عبر البرنامج النووي فقط، ومن بين تلك المشاهد برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، ودعمها للميلشيات العقائدية الموالية لها في لبنان واليمن، وسوريا والعراق، إضافة إلى دورها المثير للقلق في المياه الاقليمية للخليج العربي وتحرشها بالاساطيل الامريكية.

تتحدث شبكة الـ CNN في الايام القليلة الماضية عن أن أيام تيلرسون في البيت الابيض باتت معدوده وربما نهايتها مع انتهاء العام 2017، فالرئيس وادارته يتمسكون بفكرة معاقبة قطر وفرض عقوبات عليها بشكل رادع للحد من أنشطتها المالية والسياسية، التي ترعى وتمول الكيانات الارهابية، وفي المقابل يتمسك تيلرسون باتجاه النواب الديمقراطيين أي الحزب المقابل لحزب الرئيس الجمهوري، والتزام الحياد السلبي في إدارة الأزمات بين الدوحة والعواصم العربية الاربع.

والمؤكد أن المتابع لجولة تيلرسون الاخيرة في المنطقة والتصريحات المستفزة التي اطلقها من عينة “عقلانية أو منطقية الموقف القطري”، قد خلص إلى أن الرجل لدية مصالح ما يخاف عليها وعلى مستقبلها، فهو قادم من خلفية رجال الاعمال، وجماعة لوبي النفط في الولايات المتحدة، وهي جماعة لها حضورها القوي والفعال، ولهذا لم يكن غريبا أو مثيرا أن تشير “التليغراف” البريطانية إلى أن تيلرسون “يعاني التهميش” بعد اكتشاف الدور المزدوج له داخل إدارة ترامب، وولاءاته المزدوجة لبعض من رجال الاعمال والمسؤولين القطريين السابقين والحاليين، ما جعل الاوساط الدبلوماسية في واشنطن تصف جولته الأخيرة بـ “النكسة الدبلوماسية”، بعد أن عجز عن أن يحرك ساكنا… هل من ضحايا آخرى آخرين تصيبهم لعنة الازمة الدبلوماسية القطرية مع الدول الخليجية والعربية الاربع؟

الاقتصاد القطري.. مستقبل مظلم

الذين استمعوا إلى الخطاب الذي ألقاه الأمير تميم، وقر لديهم أن الاوضاع الاقتصادية في الامارة الصغيرة مستقرة وفي افضل حال، سيما وأنه صور قطر في إطار الدولة الكبرى القادرة على التصدي والتحدي لحصار جيرانها، غير أن واقع الحال اشار ويشير إلى عكس ذلك بالمرة، إذ كشف تقرير تحليلي امريكي عن أن استمرار الحصار الخليجي العربي لدولة قطر سيؤدي إلى ازمات ضخمة لها الفترة المقبلة.

التقرير الذي نحن بصدده نشره موقع “فوكس نيوز” وكشف عن أن قطر تنفق حاليا اموالا طائلة لتوفير الطعام لسكانها، خاصة وان تكلفة نقله أصبحت باهظة جداً، إذ هي تحضره عن طريق الجو نظرا لغلق كل الطرق البرية والبحرية التي تتقاطع مع الدول الخليجية التي تتهمها بالارهاب.

هل الاقتصاد القطري قادر على الصمود إلى ما لا نهاية؟

لا يمكن أن يكون ذلك كذلك، سيما وان أقصي فترة زمنية يمكن لقطر أن تتحمل فيها مثل هذه الاوضاع لا تتجاوز 6 – 12 شهر، ولن تتحمل الانفاق على هذا الشكل من أجل تهدئة الرأي العام القطري، وتجنب ردات الفعل.
والشاهد أن الذى يتابع المشهد القطري من الداخل، يدرك جيدا أن هناك غضب وغليان داخليين من أثر الحصار… ماذا عن ذلك؟

الرواتب والعمال ومونديال 2022

قبل بضعة أيام شاهد العالم دوريات تركية وأخرى إيرانية تجوب شوارع قطر وقد تساءل المشاهدون… “هل هذه القوات الرمزية تهدف إلى إخافة دول المقاومة أم أن لها اسباب وذرائع أخرى؟

بكل تأكيد وتحديد كان الهدف هو الداخل القطري المحتقن، سيما بعد أن كثرت أعمال الشغب وتمرد العمال المقيمين والوافدين، من جراء تأخر رواتبهم، وظروف العمل السيئة التي يعيش فيها على نحو خاص العمال القائمين على منشآت كأس العالم 2020، ما أدى إلى تظاهرات عنيفة ، وهروب العماله من قطر، ما يعني حالة من حالات فراغ اليد القطرية من الايدي العاملة، الأمر الذي لن تفلح معه الأيادي الايرانية أو التركية.

ولعل أحد أكبر الضحايا القادمين على الطريق في قطر، دورة نهائيات كأس العالم والتي تسعي قطر لانهاء أعمال تشييد المنشآت والملاعب والمرافق اللازمة لها، والمتصلة بهذا الحدث الرياضى الكبير.

يقول تقرير “فوكس نيوز” أن قطر تنفق 500 مليون دولار أسبوعيا على مشروعات البنية التحتية الرئيسية استعداداً لاستضافة نهائيات كاس العالم 2022، وان هذا الانفاق سيستمر لمدة 3 أو 4 سنوات مقبلة، وهو الامر الذي يصعب حدوثة في المستقبل القريب مع الازمات الاقتصادية للدول الخليجية.

هنا تبدو الكبوة القطرية المالية نتاج طبيعي لسياسات المكابرة ورفضها الاعتراف بالواقع الذي تعيشه والرجوع عن طريقها في دعم الارهاب، وكذا تمويله وإثارة القلاقل في العالم العربي وما وراءه من أوربا تحديدا، والآن بدأنا نستمع عن هذا الدور في أمريكا كذلك… ماذا عن سلسلة اللعنات وبقيتها؟

مانهاتن وملفات إرهاب قطر

استدعى ارهاب قطر المستمر فتح ملفاتها الخفية ومؤامرتها حول العالم، اليوم والتقليب في ملفاتها وأضابيرها المرتبطة بالارهاب العالمي، لاسيما أكبر حدث ارهابي جرت به المقادير في المائة عام الاخيرة، أي أحداث سبتمبر 2001 والاعتداء على وآشنطن ونيويورك.

الملف الجديد الذي سيكلف قطر ولا شك الكثير في قادمات الايام هو علاقاتها بالرأس المدبر لاحداث سبتمبر “خالد شيخ محمد”، بداية من احتضانه لسنوات، ثم توفير الحماية له، وليس انتهاء بتزويده بكافه المتطلبات المادية لضمان تحقيق اهدافه ومخططاته الارهابية.

هذا الملف يحتوي على احداث مثيرة، فخالد شيخ محمد، هو ابن عم “رمزي يوسف”، المتهم الأول في احداث التخطيط لتفجير برج التجارة العالمي عام 1993 في نيويورك، وقد كان من موظفي الحكومة القطرية، بل أكثر من ذلك إن وزير الاوقاف ووزير الداخلية الاسبق “عبدالله بن خالد آل ثانى” هو من كان يستضيف الرجل في مزرعته الخاصة.

والرواية المعروفة انه فيما كان مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية “لويس فرية” جالسا في أحد فنادق الدوحة ينتظر تسلم “خالد شيخ محمد” هو وفريق من الـ FBI كان وزير الدخلية القطري، يساعد الارهابي المعروف على الهرب من قطر إلى باكستان، وهناك كان التخطيط جاريا على قدم وساق لاحداث سبتمبر المشؤومة، ولم تفلح كافة الاتصالات الامريكية مع الدوحة لاستجلابه إلى الاراضي الامريكية قبل أن يلقي القبض علية لاحقا.

إرهاب قطر.. والقوائم الجديدة

ولعل لعنة قطر أضحت تهز أركانها بعد أن صبر الاشقاء طويلا عليها، وعلية فها هي الأدلة تظهر واحد تلو الاخر، وقد كان آخرها القوائم الجديدة للارهاببين الذين تقدم لهم قطر المأوى والدعم لاسيما في اليمن، حيث أظهرت القوائم الاخيرة عددا من الاسماء الارهابية المرتبطة ارتباط وثيقا بتنظيم القاعدة في اليمن.

والشاهد ان الحديث عن الدور التخريبي القطري في اليمن يؤكد بما لا يدع مجالا للشك العلاقة العضوية بين قطر وايران، فالاخيرة تعتمد علي الحوثيين بوصفهم قطاع ايديولوجي موالي لطهران، وفي الوقت ذاتة تمولهم الدوحة بالأموال والاسلحة، وقد عملت قطر على دعم المتمردين الحوثيين وحليفهم المخلوع صالح سرا وعلانية، إضافة إلى دعم الجماعات المتطرفة وحزب الاصلاح، الفرع اليمني لجماعة الاخوان المسلمين، والذي جعل هدفه هو تقويض جهود التحالف العربي.

من هنا يمكن للمرء أن يفهم دلالات التصريحات التي أطلقها من قبل وزير الدفاع الدفاع القطري والذي اشار إلى ان بلاده لم تكن راغبة في الانضمام للتحالف العربي في اليمن.

هذا التصريح يبين ويوضح للعالم وليس للعرب فقط مقدار التناقض الواضح والفاضح في السياسات القطرية، فالوزير عينه يتحدث من قبل عن التصريحات التي قدمها الجيش القطري، متناسيا أن قوات بلاده لم تشارك في المعارك، واقتصرت معظم ادوارها على الانتشار على الحدود السعودية اليمنية، هذا قبل اكتشاف خيانة قطر للتحالف ودعمها للمتطرفين والانقلابيين وانهاء دورها في هذا التحالف الداعم للشرعية في اليمن.

قطر.. انتكاسة أوربية وأمريكية

تتوالي الضربات على الدوحة من كل صوب وحدب، كان آخرها قبل عدة أيام عندما صرحت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الاروبي ” فيدريكا موغيريني” بأن الاتحاد يدعم مطالب الدول الداعية لمكافحة الارهاب، السعودية والامارات والبحرين ومصر، بوقف دعم الارهاب”.

تدرك دول أوربا اليوم أبعاد المشهد التخريبي الذي لعبته السياسات القطرية المرتكنة إلى الاموال المشبوهة، في تخريب السلم المجتمعي للدول الاروبية، وكذا تشجيع الجماعات اليمينية المتطرفة، وكانها تريد خلق حالة من الصراعات الأهلية هنا، وفرنسا بالتحديد تدرك أبعاد هذا المشهد القاتل.

من هنا كان للمرء أن يتفهم الحسم الأروربي كما تبدى على لسان موغيريني: “موقف الاتحاد الاروبي واضح، كل الدول الاعضاء تقف وراء مطلب الدول الأربع بوقف دعم الارهاب، أكدت ذلك لاصدقائنا في المنطقة من بينهم الوزير شكري”، في اشارة إلى وزير الخارجية المصري سامح شكري.

لم تكن أوربا وحدها التي تصيب قطر بنكسات فمن قبلها وجهت واشنطن طعنه قاتلة لقطر التي خيل إليها انها باستضافتها لقاعدة العديد العسكرية الامريكية، قد حازت “ورقة بيضاء” تمكنها من فعل ما تشاء أنى تشاء.

إلا أن تصريحات دونالد ترامب قد سببت ذعر للقطريين حين اشار إلى أنه “اذا كان علينا أن نترك القاعدة فسوف نتركها وعندها سيكون لدينا 10 دول ترغب في بنائها، وهم علي استعداد لدفع الثمن”.

وربما فات قطر هنا أن الولايات المتحدة التي تؤيد علنا الجهود التي تقوم بها الدول الاربع، قد بحثت عن خيارات التي أخرى، في إطار ما وصفته بتخطيط العمليات المعياري، بمعنى وجود بدائل جاهزة لقطر، التي ربما تستشعر هذا الوضع بالفعل الآن، وعليه تحاول الهروب إلى الامام عبر إيران وتركيا.

قطر واستحقاقات النار الهادئة

يخلص المرء إلى أن قطر قد أختارت السير في الطريق الذي وصفه معالي الوزير “أنور قرقاش” ب “النار الهادئة”، سيما وأن قطر تعمل جاهدة الهروب إلى الامام والمزايدة البكائية، ومحاولة توصيف أوضاعها بانها تعيش مظلومية تاريخية.

على أن أكثر ما يلفت النظر في المشهد القطري مؤخرا أحاديثها عن اللجوء إلى مجلس الامن ومنظمة التجارة العالمية، فهل تدرك قطر أن لدى المجلس الآن وما هو جار التحضير له، كفيل باحالتها هي نفسها للفصل السابع من الميثاق، المعروف بـ”الاتحاد من أجل السلم” وفيه يمكن أن تلاقي مصيرا كمصير العراق او ليبيا ، وتتحول المقاطعة إلى حصار حقيقي، حال اكتشاف العالم قدر الأساءة والارهاب التي تسببت فيها الدوحة للعالم منذ عام 1995 وحتى الساعة؟

حكما ستمضي دول المقاطعة في طريقها، والمجال لا يحتمل أي تفاوض، وجريمة الارهاب لا بد وان تتم عبر مقاربة شاملة ومستديمة ومن خلال ادراك الحقائق والتعامل معها سعيا للتوصل لحلول دولية سواء ارتضتها قطر او رفضتها، وساعتها سيكون الحصار حصارا لا مقاطعة فحسب.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]