إبراهيم إبراش يكتب: «الربيع الخليجي» وانقلاب السحر على الساحر

كثير من الدول الغربية التي شاركت ومولت فوضى الربيع العربي أخذت في الفترة الأخيرة تتهرب تدريجيا من مسؤوليتها عما يجري في بلدان الربيع العربي وقبله ما جرى مع عراق صدام حسين ،وأخذت خيوط المؤامرة تتكشف والاعترافات تتوالى من المتآمرين الكبار في واشنطن ولندن وباريس وغيرها من العواصم الغربية ،اعترافات عن دورهم في الجريمة التي بدأت باحتلال العراق وإعدام صدام حسين ثم تم تمريرها على العرب تحت مسمى (الربيع العربي) .وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب آخر من فضح ما يسمى بالربيع العربي لأسباب خاصة بالمصالح الأمريكية.
نعتقد أن المراجعات أو إعادة تقييم الموقف فيما يتعلق بـ(الربيع العربي) والتي تصدر عن الغرب وخصوصا واشنطن لا تعود لعودة الوعي أو صحوة ضمير ، بل لأسباب سياسية وإستراتيجية أهمها:
1- إن واشنطن ودول الغرب ودول المنطقة التي قامت بدور وظيفي حققوا مراميهم بنشر الفوضى والخراب والدمار والحرب الأهلية وإطلاق مارد الطائفية ،وضمنوا أنه لن تقوم قائمة في المدى القريب للمشروع القومي العربي أو تستعيد عافيتها أية من الدول العربية التي كان من الممكن أن تهدد المصالح الغربية وإسرائيل.
2- تريد دول الغرب أن تبيض صفحتها حتى تتمكن من العودة للمنطقة كمنقذ ترسو عليه عطاءات إعادة الأعمار التي تقدر بآلاف المليارات ، بما يقطع الطريق على المنافسين الآخرين كروسيا الاتحادية والصين.
3- انتقال الإرهاب من دول الشرق الأوسط للغرب نفسه وما جرى في الأيام الأخيرة في بريطانيا وقبلها في فرنسا كان رسالة واضحة للغرب أن السحر اخذ ينقلب على الساحر.
4- توجه الإدارة الأمريكية الجديدة نحو نقل تجربة (فوضى الربيع العربي) إلى دول أخرى وخصوصا دول الخليج العربي وإيران ، ولكن بأدوات وذرائع جديدة ، والقلق أيضا على دول المغرب العربي.
بالرغم من أن الغرب بدأ يعترف بدوره ولو بطريقة غير مباشرة عما يجري في العالم العربي ،إلا أن الأنظمة العربية الخليجية التي شاركت ومولت جماعات العنف والفوضى في دول الربيع العربي استمرت تكابر وتعاند الواقع إلى أن جاء ترامب واخذ بابتزازها وتهديدها بالخطر الإيراني وخطر الجماعات الإسلاموية المتطرفة إن لم تدفع ثمن حماية واشنطن لها سابقا وثمن حمايتها مستقبلا ، وإلى أن أصبح الإرهاب يطرق أبوابها.
استشعرت دول الخليج أخيرا أن فوضى الربيع العربي ستطرق بابها ، وكان من المنطقي أن يحدث ذلك لأن جماعات التطرف لا تعترف بحدود سياسية ولأن من يقف وراءهم ويمولهم يريد أن ينقل الفوضى لهذه الدول حتى يبتزها ويستنزف مواردها ،ولكن الأهم من ذلك لأن هذه الأنظمة أخطأت عندما قبِلت أن تكون أداة بيد الغرب عندما تحالفت معه ضد نظام صدام حسين (السني) ! ثم تحالفت معه ضد نظام بشار الأسد(الشيعي) ! وكان تحالفها تحالف التابع وليس تحالف الند ،أيضا لم تُحسن هذه الأنظمة وخصوصا العربية السعودية التصرف في إدارتها للحرب في اليمن حيث انتقلت الحرب لداخل بلدانها ،وكان في استطاعة واشنطن إن أرادت أن تحسم الحرب في اليمن ،بدلا من ترك السعودية وبعض دول الخليج لوحدهم ، ولكن يبدو أن واشنطن كانت تريد ان تصل الأمور في اليمن لهذا الحد لتبرز اخيرا كالمنقذ للسعودية من الانهيار.
تعاملت دول الخليج مع أحداث (الربيع العربي) وقبلها مع حرب الخليج الثانية من منطلق مصالحها الخليجية وأحيانا مصالح كل دولة على حده وليس التزاما ودفاعا عن الأمن القومي العربي أو المشروع القومي العربي ،فالدول –عراق صدام حسين وسوريا وليبيا ومصر – التي تم استهدافها من الجماعات الإسلامية المتطرفة بدعم بل ومشاركة من واشنطن والغرب ودول الخليج كانت تشكل دعائم المشروع القومي العربي وضمان حماية الأمن القومي العربي ،ومن المردود عليه الزعم بأنها أنظمة دكتاتورية ،لأن الغرب ليس حريصا على دمقرطة العالم العربي ولأن الجماعات الإسلاموية المتطرفة ودول الخليج ليست أكثر ديمقراطية من تلك الدول المُستَهدفة.
ومن هذا المنطلق وبعد أن باتت فوضى الربيع العربي تطرق أبواب الخليج العربي، كمجموعة (مجلس التعاون الخليج) حيث بدأ يتفكك بعد التسريبات القطرية والخليجية والحرب الإعلامية بين قطر والإمارات العربية والسعودية ،أو كدول ،بعد كل ذلك ليس من حق العربية السعودية والذين اجتمعوا في قمم الرياض 20-21 مايو 2017 – دون انكار تفاوت في المواقف بينها- أن يختزلوا الأمتين العربية والإسلامية بهم ،فهم لا يمثلون هاتين الأمتين ، فالعرب يمثلهم رسميا جامعة الدول العربية ،والمسلمون تمثلهم منظمة المؤتمر الإسلامي ،هذا ناهيك أنه حتى على هذا المستوى فالصفة التمثيلية رسمية و حكومية ولا تعبر عن إرادة الشعوب ،حيث تفتقر غالبية هذه الدول للديمقراطية ،ومن جهة أخرى تتم عملية خلط ما بين أمن الأنظمة العربية والأمن القومي العربي ، فكل ما جرى في القمم الثلاثة والحديث عن حلف عسكري لمواجهة الجماعات الإسلاموية المتطرفة وإيران إنما هدفه في الحقيقة حماية أنظمة تآكلت شرعيتها وعجزت عن الدفاع عن نفسها ،وكان على الأنظمة العربية أن تستنهض وتُعيد بناء دولها الوطنية و المشروع القومي العربي على أسس ديمقراطية حضارية بدلا من المراهنة على واشنطن لحمايتها.
وأخيرا لا نرغب ولا نريد أن تنتقل فوضى الربيع العربي إلى أية دولة عربية أو إسلامية لأن الغرب وإسرائيل هما من سيستفيد من هذه الفوضى ، ولكن نتمنى على دول الخليج ألا تقايض أمنها ومصالح مقابل التفريط بالقضية الفلسطينية من خلال التطبيع مع إسرائيل والتحالف العسكري معها ،لا نريد ذلك ليس من أجل فلسطين فقط بل من أجل الأمتين العربية والإسلامية لأن إسرائيل ومعها الغرب يتصرفون دفاعا عن مصالحهم فقط وهما بذريعة حماية دول الخليج سيعملان على نقل الفوضى لهذه الدول.
Ibrahemibrach1@gmail.com

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]