تجددت حركة من المد والجزر وسط العاصفة التي تحيط بشبكة العلاقات الدولية بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية بعد اتهامات المخابرات الأمريكية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتورط في الهجوم الإلكتروني الذي استهدف الحزب الديمقراطي خلال الانتخابات الرئاسية، وتلاعبه في نتائجها لصالح ترامب، من أجل إحراج القيادة الأمريكية أمام حلفائها وإيصال رسالة مفادها أنها «لم يعد بوسعهم الاعتماد على الولايات المتحدة كقائدة عالمية يمكن الوثوق بها».
أما الاستخبارات الأمريكية (سي آي ايه)، فقد أكد أحد المسؤولين فيها لشبكة «إن بي سي» الأمريكية أمس الأول وقوع هذا الاختراق الروسي، في الوقت الذي أعلنت فيه الوكالة نيتها لهجوم معلوماتي انتقامي «يهدف إلى مضايقة وإحراج الكرملين».
بوتين يسخر
وفي خطاب سابق للرئيس الروسي، خصص بوتين قسما كبيرا لانتقاد الولايات المتحدة مع صعود موجة الاتهامات إلى بلاده، مستخدما نبرة ساخرة: «هل يعتقد أحد حقا أن روسيا تستطيع أن تؤثر بطريقة ما على خيار الشعب الأمريكي؟ هل الولايات المتحدة جمهورية موز؟ الولايات المتحدة قوة عظمى. الرجاء أن تصححوا ما أقول إن كنت مخطئا».
وأضاف بوتين «من بين المشكلات الأسطورية والمتخيلة هناك الهستيريا، ولا أجد وصفا آخر، التي انتشرت في الولايات المتحدة عن التأثير المزعوم لروسيا على الانتخابات الرئاسية».
ونفى بوتين بقوة تلك الاتهامات، وقال إنها تهدف إلى تشتيت انتباه الناخبين الأمريكيين عن المشاكل الداخلية، وأضاف: «من الأسهل بكثير تشتيت اهتمام الناس وتحويله إلى ما يسمى بالقراصنة والجواسيس الروس وعوامل التأثير الروسية وما إلى ذلك».
وانتقدت السلطات الروسية واشنطن بسبب تهديداتها «غير المسبوقة» بعد أن صرح نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن لشبكة «إن بي سي» هذا الشهر، بأن بوتين سيتلقى «رسالة تتعلق بالقرصنة المزعومة».
ترامب على خطى بوتين
وكانت صحيفة «واشنطن بوست» نشرت نقلا عن تقرير سري أعدته وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي آي إيه» الأسبوع الماضي، أن روسيا تدخلت في حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية من خلال القرصنة الإلكترونية، لغرض محدد هو مساعدة المرشح الجمهوري دونالد ترامب، على الفوز، وليس من أجل عرقلة سير العملية الانتخابية فحسب.
ولكن الرئيس المنتخب دونالد ترامب، أكد من قبل أنه «لا يصدق» هذه المزاعم، وقال في مقابلة تليفزيونية مع شبكة «فوكس نيوز»، «أعتقد أنه أمر سخيف. إنها ذريعة جديدة لا أصدقها»، ووصفها بأنها «مزاعم مثيرة للسخرية» ولها دوافع سياسية، في الوقت الذي تقول هيئات استخباراتية أمريكية إن لديها أدلة كثيرة على أن قراصنة روس مرتبطين بالكرملين يقفون وراء الهجمات.
بوتين ينتقم
وبحسب شبكة «إن بي سي»، فإن بوتين أراد حرمان كلينتون من الفوز لرغبته بالانتقام منها بسبب التصريحات العلنية التي أدلت بها حين كانت وزيرة للخارجية في 2011، والتي شككت خلالها بنزاهة الانتخابات التشريعية في بلاده، إضافة إلى أنه يحمل الوزيرة السابقة المسؤولية عن تشجيع التظاهرات الاحتجاجية التي شهدتها يومها مدن روسية عدة.
أوباما يهدد
وتدخل الرئيس الأمريكي باراك أوباما على خط الأزمة، صباح اليوم الجمعة، وتعهد بأن يتخذ إجراءات ضد روسيا بسبب تدخلها المزعوم في حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية.
وقال أوباما في مقابلة مع الإذاعة الوطنية العامة الأمريكية: “نحتاج إلى اتخاذ إجراء، وسنفعل ذلك”.
قال الكرملين اليوم، الجمعة، إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أبلغ نظيره الأمريكي باراك أوباما “بجواب واضح للغاية” على المزاعم الأمريكية بأن موسكو تدخلت في الانتخابات الرئاسية عبر اختراق مواقع مؤسسات الحزب الديمقراطي.
ونقلت وكالة تاس الروسية عن يوري أوشاكوف، المسؤول في الكرملين، قوله للصحفيين في طوكيو، إن بوتين أوضح موقف روسيا بشأن هذا الموضوع لأوباما على هامش قمة مجموعة العشرين في سبتمبر/ أيلول.
ونسبت الوكالة إلى أوشاكوف قوله “دار نقاش مباشر بينهما تناول مواضيع مختلفة”، وأضاف “نوقش هذا الموضوع، وقدم جانبنا إجابة واضحة جدا، ربما لم تتفق مع ما كان أوباما يحاول شرحه لنا”.
وعد المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بسكوف، الجمعة، اتهامات البيت الأبيض لروسيا بالإخلال بمجرى الانتخابات الرئاسية الأمريكية عبر القرصنة المعلوماتية هي اتهامات “وقحة”.
وقال بيسكوف، في ما يتعلق باتهام موسكو بالمسؤولية في هذه الاختراقات، “في هذه المرحلة بات على الأمريكيين إما التوقف عن التطرق إلى هذا الموضوع أو تقديم أدلة، وإلا فهذا يفوق الوقاحة”، وذلك في حديث مع الصحفيين على هامش زيارة للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الى طوكيو.
روسيا بين أوباما وترامب
في الوقت الذي كشفت وسائل إعلام أمريكية عن قيام أشخاص مرتبطين بموسكو بتسليم موقع ويكيليكس رسائل إلكترونية مقرصنة من حسابات جون بوديستا، المدير السابق لحملة المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون والحزب الديمقراطي، وهو ما عدته موسكو اتهامات «مجانية» و«تفتقر إلى المهنية» و”«لا تدعمها أي معلومات أو أدلة».
وألمح ترامب مجددا، أمس الخميس، إلى «التحيز الحزبي» للبيت الأبيض عبر اتهام بوتين بالوقوف وراء عمليات القرصنة المعلوماتية ضد منافسته الديمقراطية، بينما قال أوباما: “أعتقد أنه عندما تحاول حكومة أجنبية التأثير على نزاهة انتخاباتنا، فإننا نحتاج إلى اتخاذ إجراء وسنفعل في وقت ومكان نختاره”.
وأضاف: “السيد بوتين يدرك جيدا مشاعري بشأن هذا الأمر لأنني تحدثت معه بصورة مباشرة حول ذلك”.
ولم تتضح بعد طبيعة الإجراءات التي تنوي الولايات المتحدة اتخاذها، علما بأن أوباما سيغادر البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الأول.
المخابرات الأمريكية تهدد
وبحسب وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه)، فإن هدف روسيا كان تحويل دفة الانتخابات لصالح ترامب، وأكدت أن لديها أدلة تثبت ذلك، في الوقت الذي هددت روسيا بهجوم معلوماتي انتقامي «يهدف إلى مضايقة وإحراج الكرملين».
