توجهت مجموعة من العلماء الروس مطلع الأسبوع الجاري لزيارة مدينة «تدمر» السورية، لمعرفة مدى الضرر الذي تعرضت له المواقع الأثرية من قبل تنظيم «داعش». يقول بعض أعضاء الوفد الذين كانوا تحت تأثير الصدمة بعد دخولهم المدينة، «سوريا بلد فريد من نوعه، وآثارها الرائعة لا توجد فقط في تدمر التي تقع تحت حماية اليونسكو، ولكن الآثار موجودة في مدن عدة داخل سوريا.. كان الانطباع فظيعا منذ رؤيتنا ما حل بآثار تدمر..».
تحدث ألكسندر ليسوفو، الذي زار مدينة تدمر في وقت سابق قبل اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، «عندما مررنا بالطائرة فوق المدينة، رأيت أن نحو 90 بالمئة من الآثار هناك قد تم تدميرها بالفعل».
يقول ليسوفو، إن «قوس النصر الشهير رمز من رموز مدينة تدمر السورية، أعاد الفرنسيون ترميمه عام 1930، ولكن ليس بشكل جيد للغاية بسبب استخدام الكثير من الخرسانة في عملية الترميم.. لقد دمر بالكامل..».
ويضيف، «إنها كما لو كانت لعنة حلت على هذه المدينة. لقد تم إعدام تاريخ الحقبة الرومانية التي توثقها مدينة تدمر السورية. كان قوس النصر ثالث موقع أثري يدمره عناصر داعش منذ سيطرتهم على المدينة في مايو/ أيار الماضي».
ومنذ أن فرض تنظيم «داعش» سيطرته على مدينة تدمر السورية، قام بتدمير مواقع أثرية لا تقدر بثمن بما في ذلك معبد «بل» و«بعل شامين». وفي أغسطس/ آب الماضي، قتل التنظيم الإرهابي، خالد الأسعد، رئيس هيئة الآثار بمدينة تدمر، بعد أن رفض الكشف عن مواقع القطع الأثرية التي تم إخفاءها.
ويقول ليسوفو، «هذا الدمار الهائل يظهر رعب هؤلاء الإرهابيين من التاريخ. كما أنهم يسوقون ذرائع (شرعية) واهية لتبرير جرائمهم. أقل ما يقال عن تلك الأفعال أنها تتم بدافع الحقد والجهل بقيمة هذه الآثار».
ويضيف، «مدينة تدمر تمثل الحوار بين مختلف الثقافات والشعوب والحضارات، وهذا شيء يمقته المتطرفون، فحياتهم قائمة على الحقد والتعصب الأعمى والجهل».
كما قام تنظيم «داعش»، بهدم المواقع الأثرية سعيا لكسب الشهرة من خلال تسليط الضوء إعلاميا على تلك الحالة، إلى جانب سعي التنظيم لبيع تلك الآثار في السوق السوداء وتهريبها خارج سوريا. في عام 2013 أنشأ المجلس الدولي للمتاحف، «قائمة الطوارئ» لجمع القطع الأثرية التي سرقت وتم تهريبها من سوريا والعراق.
وتظهر الصور التي تم تداولها في وسائل الإعلام، كيفية تدمير الهياكل الأثرية القديمة، وقيام المتشددين بنهب القطع الأثرية الثمينة قبل قيامهم بتحطيم المعالم التاريخية في المدينة السورية.
وبحسب أحد الخبراء الروس، فإن «المتخصصين السوريين لديهم وثائق صحيحة مع رسومات قياس لأغلب القطع الأثرية التي تم تدميرها، «لذلك فمن الممكن استعادة تلك الآثار وتجميعها بشكل دقيق جدا من خلال تقنيات خاصة، وباستخدام محلول من الجير والرمل مع إضافة العديد من المواد البلاستيكية والخرسانة، وبالتالي كل شيء يمكن القيام به هنا».
وبالحديث عن موقع آخر، يقول أحد علماء الآثار، «توجد مقبرة في مدينة تدمر، تم تدميرها بشكل كامل تقريبا، كما تم تفجيرها بعد ذلك. نقوم بإجراء بعض الأبحاث الضرورية والحفر ومحاولة تحليل العوائق التي نواجهها.. لذلك تقييم حالة المقبرة الآن أمر صعب جدا».
وعن المدرج الروماني في تدمر، يقول ليسوفو، «هذا المدرج تم الحفاظ عليه تماما لأنه المكان الذي أعدم فيه تنظيم داعش، الكثير من المدنيين السوريين، وعندما تراجع التنظيم وخرج من المدينة لم يكن لديه الوقت لتفجيره. وقام الجيش الروسي بتفكيك الألغام التي زرعها التنظيم في تلك المنطقة».
وكان الجيش السوري، استعاد السيطرة على مدينة تدمر في 27 مارس/ أذار الماضي، بعد قتال عنيف مع مسلحي تنظيم «داعش»، الذين سيطروا على المدينة في 21 مايو/ أيار 2015، وتمكنوا من دخول المدينة واحتلالها وارتكاب مجازر عديدة بحق الأهالي وتدمير العديد من الآثار والأماكن التاريخية.
