يبدو أن سنوات العسل، التي امتدت لعقود بين الإخوان المسلمين ودول أوروبية، ستدخل مرحلة العداء.
وبدءا من يوم 16 مارس/أذار الجاري ستنطلق ضربة البداية من إقليم النورد راين الأكبر في ألمانيا، من مقر الأمانة العامة للاندماج، بالحزب الاشتراكي الديمقراطي.
المسار القانوني لعملية حظر الإخوان في ألمانيا
ضربة البداية لحظر الجماعة في ألمانيا، ستنطلق من اجتماع الأمانة العامة للاندماج بالحزب الاشتراكي بالنورد راين، بحضور عدد من القيادات المركزية، ومجموعة من نواب الاشتراكي بالبوندستاغ (البرلمان)، لمناقشة المذكرة التي تقدم بها عضو الأمانة العامة للاندماج بالحزب، حسين خضر.
خضر، سياسي ألماني من أصول مصرية، وهو من سيقدم الطلب بحظر نشاط جماعة الإخوان المسلمين في ألمانيا، وتصنيفها كتنظيم إرهابي.
تناول الطلب أيضا العمل أيضا على حظر شعارات الجماعة ومراقبة أدوات تمويلها.
وفي حال الموافقة على الطلب من جانب المجتمعين، ستكلف الأمانة العامة بالنورد راين، هيئتها البرلمانية بمناقشة الطلب على مستوى الهيئة في ألمانيا في اجتماع آخر، ليدخل بعد ذلك باسم الحزب إلى البوندستاغ.
ويسيطر الحزب الاشتراكي على 153 مقعداً بالبرلمان ضمن ائتلاف الأغلبية، الذي ينتمي إليه، والبالغ عدده 399 من 709 مقاعد بالبوندستاغ .
مذكرة من 7 بنود لإعلان الإخوان جماعة إرهابية بألمانيا
تعتبر الأرض ممهدة سياسياً وأمنياً في ألمانيا أمام تحريك هذا الطلب في مساره، مستهدفاً حظر الجماعة، بعد أن اختتم عام 2018 بتحول جذري يوحي بمستقبل مربك لوضع الجماعة، ليس فقط في ألمانيا، ولكن في أوروبا ككل.
وخرج تقرير من المخابرات الألمانية في 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي، يقول إن جماعة الإخوان أخطر من “القاعدة” و”داعش”، مما ينبئ بضربة قادمة للتنظيم الدولي.
وقد نشأت 4 أجيال للجماعة منذ منتصف الخمسينيات في ألمانيا التي أصبحت أهم المقار التنظيمية والمالية للجماعة، بعد حظر الإخوان في البلد الأم مصر عام 1954.
وسيجر حظر الجماعة في ألمانيا بقية العقد الأوروبي، في ظل القيادة الفعلية لبرلين للاتحاد الأوروبي.
تقارير الأجهزة الأمنية تحذر من الجماعة
قائمة التفسير لمذكرة طلب حظر جماعة الإخوان المسلمين في ألمانيا، انطلقت معتمدة على تقارير الأجهزة الأمنية في السنوات الخمس الأخيرة.
وقالت قائمة التفسير، إن المؤسسات الأمنية الألمانية تحذر باستمرار من التنظيم الدولي لإخوان وتحركاته، وتؤكد خطورتهم التي تفوق خطورة “القاعدة” و”داعش”.
وجاء بالقائمة ،إن الجماعة تتحرك بشكل سرطاني، لا يتم الشعور به، إلا بعد فوات الأوان حسب ما جاء في تقديرات المخابرات وهيئة حماية الدستور في ألمانيا.
العاصمة كولن
أوضح القيادي بأمانة الاندماج للحزب الاشتراكي بألمانيا وصاحب الطلب، حسين خضر، في المذكرة، أن نمو وتوسع هذه الجماعة لا يتوقف، مضيفا أنها تعتمد على التضليل عندما يتم التركيز على نشاطها.
وتابع قائلا “بدأت الجماعة الآن في تنويع وتغيير أسماء مؤسساتها وجمعياتها في ألمانيا، حتى تراوغ الأجهزة الأمنية، في ظل اتخاذ التنظيم مدينة كولن عاصمة للجماعة في ألمانيا”.
دولة قائمة على الشريعة في أوروبا!
جاء بالمذكرة، أن الجماعة تهدف لتكوين نظام سياسي لدولة قائمة على الشريعة في أوروبا وتنطلق من ألمانيا.
واعتبرت المذكرة أن نهج الجماعة يعارض كل القيم الإنسانية والديمقراطية.
وأوضحت أن من أهم وأقدم مؤسسات الجماعة “آي جي دي”، وهي التي أسسها سعيد رمضان، زوج ابنة مؤسس الجماعة الأم في مصر عام 1928، حسن البنا.
وبحسب التقارير الأمنية، فإن مؤسسات الإخوان تسعى، بل وكادت تتمكن من السيطرة على المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا.
وتحاول هذه المنظمة، من خلال قنواتها التحدث باسم 4.7 مليون مسلم في ألمانيا، الأمر الذي حذرت منه الأجهزة الأمنية.
حجر الأساس للتطرف
ورد بالمذكرة أيضا أن أخطر ما في الأمر أن هذه الجماعة تمارس نشاطها من عشرات السنين بكل استقرار داخل ألمانيا، معتمدة في ذلك على القانون الأساسي الألماني، الذي يكفل حرية العقيدة وممارستها.
وأكدت الأجهزة الأمنية أن تنظيم جماعة الإخوان المسلمين على المستوى الفكري والديني يعتبر حجر الأساس لجماعات أخرى، ظهرت منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وأعلنت نفسها تنظيمات إسلامية وارتدت عباءة الإخوان.
تحطيم القمة الثلجية للجهاديين
نصح خضر في المذكرة، أصحاب القرار في الحزب وهيئته البرلمانية، بالاطلاع على التقارير الأمنية للمخابرات والأمن الوطني، خلال الخمس سنوات الماضية على الأقل.
وقال: “إذا كان هدفنا الأساسي هو تحطيم القمة الثلجية للجهاديين، فلا بد من تحطيم الفكر المساند، فإن هذه الجماعة تقوم بتنظيم شبكتها، مستغلة في ذلك قانون الجمعيات الأهلية الألماني، الذي تقوم من خلاله بإنشاء المساجد التي أصبحت حكراً على الجماعة”.
وأوضح خضر أيضا أن الوضع القانوني الحالي بألمانيا، غير كافٍ لمكافحة ومواجهة نشاطات هذه الجماعة، ولا بد من رقابتها ومكافحتها.
واستكمل:”هذه الجماعة تستخدم العنف للوصول لغايتها، وتحترم النظام الديمقراطي حتى تصل للسلطة، ولكن ترفضه وتطيح به، عندما تصل إلى الحكم، نظامها الداخلي لا يقوم على الديمقراطية، بل على السمع والطاعة”.
الجماعة خطر على الديمقراطية والمجتمع في ألمانيا
ويقول عضو برلمان هيرفورد بشمال ألمانيا، أولاف كراناي، إن داعمي طلب حظر جماعة الإخوان في ألمانيا، يستنكرون ويدينون كل تأثير تقوم به جماعة الإخوان على الجمعيات والمؤسسات الألمانية، سواء كان مادياً أو فكرياً.
وأوضح كراناي أن جماعة الإخوان تُسبب خطراً على المجتمع والديمقراطية والقواعد العامة للدولة، ولذلك على المؤسسات الديمقراطية أن تحمي نفسها من خطر هذه الجماعة.
وأشار كراناي”، إلى أن الأمانة العامة للاندماج بالحزب الاشتراكي الديمقراطي، بولاية نورد راين فيستفالين، قامت بوضع حجر الأساس في هذا الشأن، من خلال طلب الإحاطة المقدم من خلالها. وأردف:”ندعم صاحب الطلب، بما قدم من هذا الشأن، ومن أجل حماية الديمقراطية الألمانية”.
