الدبلوماسية تنتصر على «الحرب» في الخليج
«حرب لا يريدها أحد في الخليج، وفي المقدمة واشنطن وطهران»، بحسب تعبير الدوائر السياسية والعسكرية في لندن، رغم التصعيدات الكلامية بين الولايات المتحدة وإيران، والتي تأخذ منحنى متذبذب من الحرب، في إطار «الردع بالتهديد».. وبات واضحا أن الدوائر العسكرية والسياسية في واشنطن لا ترغب في خوض صراع غير محسوب العواقب في تلك المنطقة التي تمثل منطقة الغام خطرة، من التوتر وعدم الاستقرار، والإضطرابات، والتهديدات من الجماعات الإرهابية، وربما كانت تلك التقديرات من حسابات واشنطن، هي السبب في انسحاب حاملة الطائرات الأمريكية ووقوفها على بُعد 700 كم من الحُدود الإيرانيّة؟ لتبدأ حسابات أخرى في تعاطيها مع الأزمة الإيرانية، فتحت الأبواب أمام مساعي دولية للتوسط بين واشنطن وطهران، ومنح الفرصة للدبلوماسية أن تلعب دورها وتطفىء نيران «الحرب الكلامية».
إطلاق قنوات دبلوماسية تقليدية
صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، كشفت عن مساع يبذلها مسؤولون أوروبيون وعرب، للتوسط بين الولايات المتحدة وإيران وتجنيب منطقة الخليج أي نزاع جديد..ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين غربيين قولهم إنه، على الرغم من قرار إدارة الرئيس دونالد ترامب إرسال تعزيزات عسكرية جديدة إلى الشرق الأوسط، وموافقتها على بيع أسلحة بمليارات الدولارات للسعودية والإمارات لمواجهة «خطر إيران»، بذلت كل من واشنطن وطهران مساعي أولية تعكس توجههما نحو إطلاق قنوات دبلوماسية تقليدية.
السفير البريطاني لدى العراق «جسر التواصل» بين واشنطن وطهران
وأكدت الصحيفة أن إيران اشترطت عبر دبلوماسيين أوروبيين تخفيف العقوبات الأمريكية على صادراتها النفطية لبدء الحوار، وأعرب مسؤول أمريكي للصحيفة عن ثقته بأن الإفراج عن أي من المعتقلين الأمريكيين لدى طهران، سيهيئ «الظروف الملائمة لخفض التوتر»، وأن إيران إذا ما أرادت تغيير المناخ العام، لأطلقت سراح الرهان )4 أمريكيين محتجزين حاليًا في إيران بتهمة التجسس التي يقول النشطاء الحقوقيون إنها تهم لا أساس لها من الصحة)..الصحيفة الأمريكية، أشارت إلى وسطاء آخرين بين واشنطن وطهران (سلطنة عمان والعراق)، وأن هناك دورا يلعبه السفير البريطاني لدى العراق، جون ويلكس، وهو يمثل «جسرا» بين الولايات المتحدة وإيران، وقد عقد مؤخرا اجتماعا مع مسؤولين عراقيين رفيعي المستوى والسفير الإيراني في بغداد، إيرج مسجدي، وأكد «ويلكس»، في تصريح مسجل، أن اللقاء تناول سبل تفادي النزاع ومنع العودة إلى أجواء التوتر السائد خلال الأسابيع الماضية.
العراق ساحة رئيسية للجهود الدبلوماسية لتسوية الأزمة
مصادر الصحيفة الأمريكية الكبرى،«وول ستريت جورنال»، تؤكد على أن الدبلوماسية سوف تنتصر على «مؤشرات الحرب» في الخليج، موضحة أن العراق يشكل ساحة رئيسية للجهود الدبلوماسية لتسوية الخلاف بين الولايات المتحدة وإيران حليفتيه الكبيرتين، إذ كان رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي قد أعلن عن إرسال وفدين إلى طهران وواشنطن وتسليم رسائل من إحداهما للأخرى في إطار جهود التهدئة والوساطة..وأشارت الصحيفة إلى زيارة وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي إلى طهران في وقت سابق من الأسبوع الماضي، بعيد اتصال بين السلطان قابوس بن سعيد، ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو.
أمريكا تحذر من حرب «بالغة الكلفة وغير قابلة للانتصار تقريبا»
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين غربيين أن سفارتي سويسرا في الرياض وطهران تشكلان أيضا قناة اتصال بين المملكة والجمهورية الإسلامية بشأن التصعيد الحالي، وأن الإدارة الأمريكية تحذر من أن أي حرب ضد إيران ستكون «بالغة الكلفة ومدمرة وغير قابلة للانتصار تقريبا»..ومن مؤشرات ارتفاع سقف وساطة التحركات الدبلوماسية الدولية والعربية، تصريحات وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، أنّ بلاده لا تُريد تغيير النّظام في طِهران، وأن الرئيس ترامب مُصمّم على تغيير نهجه فقط.
الدبلوماسية وليس النزاع المسلح..أفضل لمصالح واشنطن
وبدأت تحركات أمريكية داخلية متوازية مع الوساطات الدولية، للضغط على الرئيس دونالد ترامب للتراجع عن مزيد من التصعيد، وتمثلت المساعي الأمريكية الداخلية، في توقيع أكثر من 70 قائد عسكري أمريكى متقاعد، خطاب مفتوح يحث الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، تجنب الحرب مع إيران، ونصح زعماء القوات المسلحة السابقين، ترامب بالتهدئة..وجاء في الخطاب المفتوح : « بصفتك رئيسًا والقائد الأعلى للقوات المسلحة، لديك قوة كبيرة تحت تصرفكم لتقليص المستويات الخطيرة من التوتر الإقليمى على الفور، ويجب وضع تدابير لوقف تصعيد الأزمة، بالتعاون مع القيادة الإيرانية على المستويات العليا للحكومة كمقدمة للدبلوماسية الاستطلاعية في المسائل ذات الاهتمام المشترك”.. الدبلوماسية وليس النزاع المسلح ستكون أفضل لمصالح الولايات المتحدة.. و حماية المصالح الوطنية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط وسلامة أصدقائنا وحلفائنا تتطلب حنكة سياسية مدروسة ودبلوماسية بدلاً من نزاع مسلح غير ضرورى».
- وأكدت الدوائر السياسية في واشنطن، أن تنسيق الرسالة الموجهة بصفة شخصية للرئيس ترامب، تم من قبل الكلية الأمريكية لقادة الأمن القومي، وهي مجموعة من الأمريكيين المتقاعدين والجنرالات والسفراء وكبار المسؤولين التنفيذيين الحكوميين.
