أجندة تدمير الأقصى.. مخطط الاحتلال لفرض الأمر الواقع

الاقتحامات المتتالية لباحات المسجد الأقصى، والحفريات المتسلسلة أسفل المصليات والحوائط والجدران، ليست مجرد خطوات استفزازية أو مجرد عدوان سلطات الاحتلال على حرمة وقدسية رمز إسلامي كبير، أصبح منذ سنوات قائما على شبكة من الأنفاق الأرضية، ولكنها في حقيقة الأمر خطوات تمهيدية لأجندة دولة الاحتلال، وعلى مسار«التدمير والتهويد»، ومنذ البداية التي شهدت مولد الفكرة التي دفعت بالخطوة الأولى للحركة الصهيونية في مؤتمر بازل 1897، حيث لم تتغير الأفكار والمعتقدات، والتصورات، وبالطبع ولا حتى الأحلام التي تحاصر مدينة القدس عموما، والمسجد الأقصى خصوصا، لكن آليات التنفيذ هي التي تغيرت.

وكانت النوايا عارية تماما، حين نجحت إسرائيل في منع وضع المسجد الأقصى ضمن المباني الآيلة للسقوط، والتي تعطي المسجد الضمانة الدولية في الترميم الأثري برعاية منظمة اليونسكو، وقتئذ لم تلتفت الدول العربية والإسلامية إلى هذه الخطوة، باستثناء المملكة الأردنية الهاشمية، التي حذرت من الممارسات الإسرائيلية الساعية لهدم المسجد الأقصى، ومن خطورة منع وضع المسجد الأقصى ضمن المباني الآيلة للسقوط، وبالطبع ساندت الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وإيطاليا، قرار إسرائيل، وربما بتأثير أتباع المسيحية الصهيونية.

ومراجعة سريعة للمحاولات المستمرة لهدم المسجد الأقصى، تكشف عن المراحل العشر للحفريات الأثرية التي  تقوم بها سلطات الاحتلال، وفي إطار التدمير المنظم للمسجد:

المرحلة الأولى: بدأت بعد حرب 1967 بهدم وإزالة حيّ المغاربة، وانتهت عام 1968 بالحفر على امتداد 70 مترا أسفل الحائط الجنوبي للحرم القدسي، خلف قسم من جنوب المسجد الأقصى وأبنية جامع النساء والمتحف الإسلامي والمئذنة الفخرية الملاصقة له، ووصل عمقها إلى 14 مترا بمزاعم  كشف مدافن ملوك إسرائيل في مدينة «داود».

المرحلة الثانية: بدأت في عام 1969 وكانت على امتداد 80 مترا أخرى من سور الحرم الشريف، ابتداء من نهاية المرحلة السابقة، ومتجها شمالا حتى أحد أبواب الحرم الشريف (باب المغاربة) مارا تحت مجموعة من الأبنية الإسلامية التابعة للزاوية الفخرية، وأسفرت عن تصدع 14 مبنى أزالتها الجرافات الإسرائيلية وأجلت سكانها بتاريخ  14 يونيو/ حزيران 1969،  وأقامت فوق أنقاضها المدارس اليهودية والفنادق.

وفي نفس العام تم حرق المسجد الأقصى (21 أغسطس/ آب 1969).

المرحلة الثالثة: من عام 1970 حتى 1972 وامتدت الحفريات من مكان يقع أسفل عمارة المحكمة الشرعية القديمة، وهي أقدم الأبنية التاريخية بالقدس، مرورا شمالا بأسفل 5 أبواب للحرم الشريف وهي (باب السلسلة، المطهرة، القطانين، باب الناظر أو «باب علاء الدين البصيري»، وباب الحديد) وامتدت 180 مترا بعمق ما بين 10 و14 مترا، وتسببت في هدم عدد من الآثار الإسلامية منها الجامع العثماني، ورباط الأكراد، والمدرسة الجوهرية .

المرحلة الرابعة: بدأت عام 1973 خلف الحائط الجنوبي الممتد من أسفل القسم الجنوبي الشرقي للمسجد الأقصى وسور الحرم الشريف وممتدة 80 مترا إلى الشرق واخترقت الحائط الجنوبي للحرم القدسي ودخلت منه للأروقة السفلية للمسجد المبارك وللحرم في 4 مواقع أسفل محراب المسجد الأقصى وجامع عمر، وأصبحت تهدد السور والمسجد الأقصى بخطر الانهيار.

المرحلة الخامسة: تضمنت توسيع الحفريات تحت الجدار الغربي عام 1974.

وبدأت المرحلة السادسة عام 1975- 1976 بين باب السيدة مريم، والزاوية الشمالية الشرقية من سور المدينة، وأزالوا مقابر للمسلمين تضم رفات الصحابيين الجليلين ( عبادة بن الصامت وشداد بن أوس ) رضى الله عنهما، لتوسيع الحفريات تحت الجدار الغربي.

وقد مهدت للمرحلة السابعة اللجنة الوزارية الإسرائيلية بتاريخ 15/ 6/ 1977 بموافقتها على مشروع لتوسيع ساحة البراق الشريف والتي يسمونها ساحة المبكى، وهي الملاصقة للحائط الغربي للمسجد الأقصى والحرم الشريف، وهدمت الجرافات 200 عقار عربي إسلامي وشردوا 800 من أهالي القدس من  الفلسطينيين، ووصلت الحفريات عام 1977 إلى مسجد النساء داخل المسجد الأقصى.

المرحلة الثامنة: بدأت عام 1979 وتجددت فيها الحفريات خلف جدران المسجد الأقصى وجنوبها، وهي استئناف للمرحلتين الخامسة والسادسة، وشهدت شق نفق واسع يخترق المسجد من شرقه إلى غربه ومحصن بالأسمنت المسلح، كما افتتح الرئيس الإسرائيلي ورئيس وزراؤه رسميا ــ وقتئذ ــ كنيسا يهوديا صغيرا .

واخترقت المرحلة التاسعة،  التي بدأت عام 1986، الحائط الغربي للحرم الشريف، وأعادت فتح نفق اكتشفه الكولونيل الإنجليزي «تشارلز وارين» بين باب الحرم المسمى باب السلسلة وباب القطانين، وتوغلت أسفل ساحة الحرم من الداخل بامتداد 25 مترا شرقا، وعرض 6 أمتار، ووصلت أسفل سبيل قايتباي ، وأدت هذه الحفريات إلى تصدع الأروقة الغربية الواقعة بين بابي السلسلة والقطانين.

المرحلة العاشرة: بدأت عام 1988 (وهي المرحلة التي نشهدها حاليا) وهي أخطر مراحل الحفر، وتهدف لتفريغ الأتربة والصخور من تحت المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة لترك المسجدين قائمين على فراغ ليكونا عرضه للانهيار بفعل أي تقلبات مناخية أو اهتزازات طبيعية أو حتى صوت عال تسببه طائرة تخترق حاجز الصوت.

وبات واضحا أن خطوات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تجاه المسجد الأقصى، تسعى  لفرض سياسة الأمر الواقع التي فرضها الاحتلال على الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل.

ويعد الحرم الإبراهيمي الشريف من أقدم الأماكن الدينية، واكتسب هذه المكانة لأنه أقيم فوق مغارة يقال إن الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف، عليهم السلام، دفنوا فيها.

وأقدم الاحتلال على تقسيم المسجد بين اليهود والمسلمين بعد المجزرة التي ارتكبها يهودي متطرف بحق المصلين المسلمين عام 1994، وفرضت سلطات الاحتلال  على المسلمين قيودا عدة، من بينها منع الأذان أكثر من 50 يوما في السنة مثل أيام السبت وأيام الأعياد اليهودية.

كما يمنع أذان المغرب يوميا بدعوى تزامنه مع صلوات للمستوطنين في القسم المخصص لليهود، واستولى اليهود على أكثر من 60% من مساحة الحرم الإبراهيمي منذ أن قسمته سلطات الاحتلال.

وفي حقيقة الأمر، فإن التربص بالمسجد الأقصى، «مخطط  إسرائيلي» يتجاوز كثيرا مجرد فرض سياسة الأمر الواقع، كما حدث في «الحرم الإبراهيمي» بالخليل، لأن الهدف المعلن والمستند إلى أوهام الأساطير والمعتقدات التوراتية، وتدعمه الصهيونية المسيحية، وارتقوا به إلى حد «القداسة»، ودونه «محرمات ومحظورات» توجب اللعنة، وهو إقامة «الهيكل الثالث» على أنقاض الأقصى المبارك.

الكنيسة الشرقية تفند أكاذيب الهيكل

والكنيسة الشرقية ترى أن هذا الاعتقاد نوعا من الوهم يتعارض تماما مع الكتاب المقدس، العهد القديم، والإنجيل، وكانت كلمات -أحد أعمدة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وسكرتير عام المجمع المقدس سابقا، نيافة الحبر الجليل الراحل الأنبا بيشوي-  حاسمة، بأن هيكل سليمان لن يتم بناؤه من جديد بنص الكتاب المقدس، الذي يؤمن به اليهود، وحتى يتم بناء الهيكل لا بد من وجود تابوت العهد، وهو التابوت الذي صنعه موسى بتكليف من الله، ووصل إلى النبي سليمان الذي قام ببناء الهيكل، ولم يتم بناء الهيكل إلا بعد أن أدخل سليمان تابوت العهد إلى قدس الأقداس بالهيكل، والهيكل يستحيل بناؤه من جديد دون وجود تابوت العهد، وهذا التابوت أخذه «تيتوس» الروماني حينما غزا المنطقة وهدم الهيكل واصطحب معه التابوت ضمن الغنائم.

ويضيف الأنبا بيشوى: «هذا التابوت كان له غطاء ذهبي، وهذا الغطاء «سيّحه» تيتوس في روما، وبالتالي فتابوت العهد لم يعد له وجود، والوحيد القادر على صناعة تابوت عهد جديد هو موسى، فليحضروا موسى إذا كانوا يريدون فعلا بناء الهيكل! حتى ولو جاء النبي موسى فإنه سيقرأ سفر أرميا ويعرف أن الله قال إنه لن يتم بناء الهيكل بعد هدمه، والمؤكد أنه سيطيع الله ويرفض.. إذن هيكل سليمان لن يتم بناؤه أبدا، وأتحدى!!».

وتابع الأنبا بيشوى، ردا على تساؤل في لقاء سابق معه في العام 2018 وقيل  رحيله بشهور قليلة: وما معنى ذلك؟ قال : «معناه أن الرب ضد فكرة إعادة بناء الهيكل مرة أخرى، ومعناه إن ربنا يقول في الكتاب المقدس الذي يؤمن به اليهود أنفسهم، أن الهيكل لن يتم بناؤه مرة أخرى ، ودليلي في العهد القديم وتحديدا في سفر أرميا، ولدى صورة أصلية من هذا السفر، مكتوبة بالعبرية، ففي سفر أرميا الآيات من 3 إلى 16 تقول  ( تكون إذ تكثرون وتثمرون في الأرض في تلك الأيام ، يقول الرب إنهم لايقولون بعد تابوت عهد الرب، ولايخطر على بال، ولايذكرونه، ولايتعهدونه، ولايصنع بعد)، وما يؤمن به أتباع المسيحية الصهيونية هو ضد تعاليم الرب، فهم يعتقدون أن اليهود سيؤمنون بالمسيح فورا في حالة واحدة، وهي إعادة بناء هيكل سليمان، وبعد بناء الهيكل سيقدمون ذبائح للرب، وعندها لن تنزل نار من السماء وتأكل الذبائح، وحينئذ سيؤمن اليهود بأنهم مرفوضون من الرب، وعلى الفور يؤمنون بالمسيح، ولتحقيق هذا السيناريو يدافع أنصار المسيحية الصهيونية عن إسرائيل، ويساندونها لكي تضع يدها على القدس وبناء الهيكل، رغم أنه ومنذ أن جاء السيد المسيح ليس هناك داع لأن يقدم اليهود ذبائح ليكفروا بها عن خطاياهم، فمنذ أن جاء المسيح بطلت الذبائح الكفارية، وفي المفهوم المسيحي فإن ذبيحة التكفير عن الخطيئة هي ذبيحة الصليب، ثم أن بناء الهيكل مرة أخرى لن يتم، وأنا أحاججهم بسفر أرميا وهو أحد أسفار العهد القديم التي يقدسها اليهود».

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]