لبنان على حافة الفتنة.. والسلطة تراهن على «طباره»
تطورات المشهد اللبناني تنبىء بالانزلاق إلى حافة الفتنة والانهيار السياسي، بعد أن وقف لبنان على أبواب الإفلاس المالي، وفي ظل الجمود الحكومي، والانحدار السريع الحاصل على كافة المستويات السياسية والمالية والاقتصادية والاجتماعية، وما شهده اليوم الأربعين للانتفاضة الشعبية، أمس الإثنين، من ليلة حافلة بالعنف عند جسر «الرينغ» بين مناصرين لحركة «أمل» وحزب الله، والمشاركين في الحراك، وتعرض عشرات السيّارات والمحال التجارية للتكسير والتخريب في الأحياء المجاورة لوسط بيروت، وصولاً إلى شارع الجميزة، وحتى مدينة صور، حيث حاول مناصرو «امل» وحزب الله تحطيم خيم المعتصمين.
- فضلا عن إعلان الهيئات الاقتصادية بالإجماع الدعوة إلى تنفيذ الإضراب العام، والإغلاق التام لكل المؤسسات الخاصة في لبنان ـ أيام الخميس والجمعة والسبت في 28 و29 و30 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري ـ وربطت الهيئات تصعيد التحرّك حتى تشكيل الحكومة المطلوبة.
لبنان على أبواب الإفلاس
ومع الجمود الحكومي، وتواصل احتجاجات الانتفاضة الشعبية. أصبح لبنان على أبواب الإفلاس..ويرى الباحث والمحلل الاقتصادي اللبناني، أنطوان فرح، أن لبنان دخل في مرحلة تسبق إعلان التعثّر، (نوع من الإفلاس بعبارة مُلطّفة)، وأن التوقيت المناسب، لم يعد من أجل تحاشي الإفلاس، بل صار من أجل اختيار نوع الإفلاس.. وقال «انطوان»، هذا التوصيف ليس من أجل المبالغة في التشاؤم، بل لتسليط الضوء على الفرق الشاسع بين إفلاس منظّم في وضعية سياسية طبيعية، وبين إفلاس فوضويّ في الوضع السياسي الشاذّ، وأمّا وقد وصلنا الى هذه المرحلة المتقدمة في الأزمة المالية، وأصبحت كلّ القطاعات موضع شكّ، وعلى لائحة المساءلة، يسعى المواطنون حالياً الى معرفة الجواب على سؤال وحيد تحوّل الى Trademark سياسيّ: الآن.. لبنان الى أين؟
طرح اسم الوزير السابق «بهيج طبارة»رئيساً لحكومة من 24 وزيراً
وقبل أن يسقط لبنان في دوامة الفتنة والعنف، بعد أن لاحت بوادر وشواهد عن الاقتراب من مناخ «حرب أهلية» يخشاها اللبنانيون ويتحسبون من الانزلاق إليها..تردد داخل الأوساط السياسية والإعلامية في بيروت، ان اتصالات جرت بين «بيت الوسط» وعين التينة ـ الأول مقر رئاسة مجلس الوزراء، والثاني مقر رئيس مجلس النواب نبيه بري ـ لاحتواء الوضع، وتردّد أنه تم التوصل إلى تسوية قبل أيام تقوم على فكرة تسمية الوزير السابق «بهيج طبارة»رئيساً لحكومة من 24 وزيراً تضم ممثلين عن القوى السياسية الاساسية واختصاصيين يختارهم الرئيس المكلف وفق ترشيحات تقدمها القوى، على أن تحصل مشاورات جانبية لاختيار من يمكن اعتباره ممثلاً لقوى الحراك الشعبي.. ونقلت صحيفة الأخبار اللبنانية عن مصادر سياسية، ، أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال، سعد الحريري، هو من طرح اسم «طبارة»، وأرسلَ في طلبه، حتى إنه أرسل سيارة خاصة له، واجتمع به حوالى ساعة ونصف ساعة.
خيار حكومة تكنو ـ سياسية
وبحسب المعلومات التي كشفت عنها الصحيفة اللبنانية، فإن سعد الحريري طلب من طبارة الاجتماع برئيس مجلس النواب، نبيه بر، الذي التقاه نحو ساعة ونصف ساعة أيضاً، والاجتماع بكل من معاون الأمين العام لحزب الله، الحاج حسين الخليل، ووزير المالية علي حسن خليل، وأعطاه لائحة بالأسماء المقترحة للوزراء الجدد، كما التقى طبارة الوزير جبران باسيل، وأكدت المصادر أن شكل الحكومة الذي جرى التفاوض عليه بين «الخليلين» و«طبارة» هو حكومة تكنو ـ سياسية، وقد أبدى الرجل موافقته على الأمر، مشترطاً خطوات خاصة في ترشيحه، أبرزها أن يعلن الرئيس الحريري نفسه عن ترشيحه وبموافقة الرؤساء السابقين للحكومة ودار الفتوى أيضا.
نصائح الحريري لـ «طبارة»
وذكرت المصادر أن الحريري حثّ «طبارة» على طلب صلاحيات تشريعية استثنائية لمتطلبات (مواجهة الأزمة الاقتصادية، وكيفية إدارة المرافق العامة، وأنه يمكن تهدئة الشارع من خلال الدعوة الى انتخابات نيابية مبكرة وفق قانون جديد )، كما أشار عليه بضرورة أن يختار هو، وحده، أسماء جميع الوزراء، لا سيما الاختصاصيين منهم، وأن يكون لديه حق الفيتو على الوزراء السياسيين، كما أبلغه الحريري أنه سيرشّح وزراء، لكنه لن يمنحهم ثقة مطلقة ومفتوحة، ولن يكون ضامناً لأدائهم داخل الحكومة.
الخيار الثاني : حكومة تكنوقراط تضم بعض السياسيين
وعلى نفس المسار، أفادت معلومات شبه رسمية، أن هناك تقدما ما في الموضوع الحكومي، وأن الاتفاق بات شبه قريب على حكومة تكنوقراط تضم بعض السياسيين، خاصة من ثنائي «امل وحزب الله»، وان الرئيس الحريري قد يكون اقتنع بضرورة معالجة الازمة باقل الخسائر السياسية الممكنة حتى لا يصاب البلد بخسائر اكبر اقتصاديا وامنيا.وفي حال جرى التوافق النهائي على اسم الرئيس المكلف، قد تجري الاستشارات النيابية الملزمة يوم الخميس او الجمعة المقبل.
- ويبدو أن السلطة تراهن حاليا على اسم الوزير السابق «بهيج طبارة» ، الأمر الذي أكدته مصادر سياسية لصحيفة النهار اللبنانية، بأن اجتماعاً بعيداً من الاضواء انعقد الجمعة الماضي، طرح خلاله اسم الوزير السابق بهيج طبارة بديلا من الرئيس سعد الحريري ، اذا استمر الأخير على رفضه رئاسة حكومة تكنو ـ سياسية، وعلم أن «الخليلين» ـ الوزير علي حسن خليل، والمعاون السياسي لزعيم حزب الله علي الخليل ـ التقيا «طبارة» وبحثا معه في امكانية قبوله المهمة، وانه استمهلهما. لكن المصادر المتابعة توقعت أن الطرح يسقط في السياسة قبل الشارع كما حصل مع تجربة الوزير السابق ، محمد الصفدي.
هل يقبل الحريري برئاسة حكومة تكنو ـ سياسية ؟!
ويؤكد مصدر وزاري، أن الاتصالات لم تتقدم، وأن الرهان يجري على قبول الرئيس الحريري مجددا برئاسة حكومة تكنو ـ سياسية، وإن طال الأمر بعض الوقت، وان باريس تعمل على دفع هذا الخيار قدماً، خوفاً من انزلاق أمني، وأكثر تجنباً لانهيار اقتصادي.. وقال المصدر، إن خيارات الرئيس عون باتت محدودة بين «اصرار حزب الله وأمل على تولي الحريري شخصياً رئاسة الحكومة»، وبين إصرار الأخير على شروط محددة يرفضها الثنائي الشيعي.
- ويرى مراقبون في بيروت، أن تضارب المعلومات والتصريحات والتوقعات، داخل الدوائر السياسية ـ الرسمية وشبه الرسمية ـ وداخل أوساط البرلمانيين والإعلاميين، يؤكد أن زمن الأزمة لا يزال مفتوحا، و لا يزال الطريق مسدودا أمام حل يقبله الشارع اللبناني، الذي يصرّ على رحيل كل رموز النظام، وتغيير «الهيكل السياسي»، مما يفتح أبواب التوقعات أمام الأسوا والأخطر !!
