قلق أصحاب السلطة من«الجائعين الغاضبين» في شوارع لبنان

المشهد العام في لبنان، ينذر بعواقب وخيمة ، ولا يُمكن الرهان على إنقاذ لبنان من دوامة الأزمات الخانقة التي يتخبّط فيها، في ظل الانقسامات السياسية، والصراعات الحزبية، وما يُحيط بها من فقدان للرؤية الاستراتيجية الضرورية، والقابلة للتنفيذ في إطار زمني محدد، وتحقيق الإصلاحات المالية والإدارية الموعودة، بحسب تقديرات الباحث والمحلل السياسي اللبناني صلاح سلام، ويرى المراقبون، قلق أصحاب السلطة من «الجائعين الغاضبين» في شوارع لبنان.

 

حدّة الأزمات  وقود  إضافي للثورة

بينما يرى المحلل السياسي، رفيق خوري،  أنه ليس صحيحاً أن أصحاب السلطة قلقون حيال اندفاع الجائعين الغاضبين في شوارع طرابلس وصيدا وسواهما، وقيام بعضهم بإحراق مصارف وأماكن أخرى. الصحيح أن ما يخيفهم هو الثورة الشعبية السلمية الديمقراطية، التي بدأت في الخريف الماضي واستمرت أشهراً، ثم أجبرها فيروس كورونا على الانكفاء قبل العودة منذ أيام، فالظروف باتت ناضجة لمرحلة ثانية من الثورة الشعبية، لأن ازدياد حدّة الأزمات هو وقود إضافي للثورة، التي ستبقى عصية على التطويع والاحتواء بكل الوسائل والألاعيب السياسية واللجوء إلى «احتياط» العصبيات الطائفية والمذهبية.

 

العمودان الأخيران: الليرة والجيش

والأخطر أن هناك مخططات لتوظيف هذا الوضع وزيادته سوءاً، والسلاح التقليدي هو دفع البلد المثقل بالأزمات النقدية والمالية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والوطنية إلى الفوضى والعنف. فالعمودان الأخيران الباقيان للبلد هما «الليرة والجيش»، والليرة تنهار بسرعة هائلة بعد السطو على المال العام ثم المال الخاص كودائع في المصارف.. والجيش يُراد زجه في مواجهة شعب جائع جعلوه فقيراً، قرأ في الكتب المدرسية ما قاله أحد أبطال الإسلام أبو ذر الغفاري «عجبتُ لمن لا يجد قوت عياله كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه».

  • ويؤكد «خوري»، أن لبنان محكوم بمعادلة خطرة وخطيرة لا سابق لها حتى في سنوات الحرب الطويلة: لا خروج من حفرة عميقة، ولا توقف عن الحفر!! ونظام اقتصادي حرّ مفلس مأزوم ومعطّل بالجوع إلى المال والسلطة، وسط تجويع الناس!! ونظام سياسي فاشل مأزوم عاجز عن إصلاح ذاته ومستمر، منفصل في الداخل عن الواقع، وفي عزلة مع العرب والغرب بخيار مفروض بالقوة، واضطرار مرفوض شعبياً وتاريخياً!!

لبنان على مفترق مصيري وحاسم

وهكذا .. لايُمكن الرهان على إنقاذ لبنان من دوامة الأزمات الخانقة التي يتخبّط فيها، في ظل الانقسامات السياسية، والصراعات الحزبية، وما يُحيط بها من فقدان للرؤية الاستراتيجية الضرورية، والقابلة للتنفيذ في إطار زمني محدد، وتحقيق الإصلاحات المالية والإدارية الموعودة، بحسب تعبير الباحث صلاح سلام،  فلبنان على مفترق مصيري حاسم وبالغ الخطورة، وأهل السلطة ما زالوا يلهثون وراء الصفقات والمصالح الأنانية والفئوية!

قصف الخطة الاقتصادية

وامام غضب الجائعين، والمحتجين بغضب على تردي الأوضاع المعيشية، فإن الخطة الاقتصادية التي أقرتها الحكومة الأسبوع الماضي، تعرضت للاهتزاز منذ الساعات الأولى لولادتها، وبدأ القصف عليها أولاً من أطراف مشاركة في الحكومة، قبل ظهور انتقادات المعارضة، وجاهرت قطاعات اقتصادية رئيسية بعدم موافقتها على بعض ما ورد في الخطة، في حين شككت قطاعات أخرى في قدرة الدولة على تنفيذها، في حال تأخر وصول المساعدات الخارجية. وذهب العديد من الخبراء أبعد من ذلك حيث اعتبروا الخطة مجرد أمنيات واقتراحات، ستبقى حبراً على ورق!

  • ويضيف سلام، ليس في الأفق ما يدعو للتفاؤل، لأن مُسببات إخفاق الخطط السابقة ما زالت تتحكم بالوضع السياسي، من انقسامات وكيديات، ومحاولات التسلط على السلطة، والاستئثار بالقرار من قبل فريق رئيس الجمهورية وتياره الحزبي، فضلاً عن التباينات الجوهرية الحاصلة بين مكونات الحكومة نفسها.

وفي مثل هذه الأجواء من التوتر وشد الحبال، فقدت جولة المشاورات التي يُجريها رئيس الجمهورية بعد غد الأربعاء في بعبدا مع رؤساء الكتل النيابية، أهميتها الوطنية والسياسية، لأنها جاءت متأخرة، بعد إقرار الخطة الحكومية، وإثر إرسال طلب المساعدة والمفاوضة مع صندوق النقد الدولي. مما يعني أن الخطة أصبحت أمراً واقعاً، والاجتماع هو فقط من باب رفع العتب، والتزام حدود المجاملة مع ممثلي الأمة.

حسابات أكلة الجبنة من السياسيين «المتواطئين فيما بينهم»

السطو على أموال المودعين صغاراً وكباراً، سواء من قبل الحكومة أو المصارف، لا يمت للإصلاح بصلة، بل هو إمعان وإفراط في ممارسة أبشع أساليب الفساد، فضلاً عما ينطوي عليه من مخالفات دستورية فاضحة، لأن الدستور اللبناني يضمن الملكية الفردية، والاستسهال في مد اليد على أموال المودعين لتغطية العجز الحاصل بسبب الأموال المنهوبة من المنظومة السياسية، يعني أن الحكومة غير قادرة على تنفيذ تعهداتها في استرداد تلك الأموال، بحسب تعبير صلاح سلام، رغم  تصريحات كبار المسؤولين ليل نهار، وبغض النظر عما ورد في الخطة الاقتصادية من بنود والتزامات لاستعادة مئات المليارات من الليرات التي خرجت من الخزينة إلى حسابات أكلة الجبنة من السياسيين المتواطئين فيما بينهم.

تفجير ثورة الجياع

أما ترك هذا الانحدار المخيف بقيمة الليرة، من دون وضع سقف محدد لارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي، وترك وحش الغلاء على غاربه، يلتهم كل يوم المزيد من لقمة عيش هذا الشعب الصابر، فهو العجز الفادح عن السيطرة على الحد الأدنى من متطلبات الأمن الاجتماعي، وتجنيب البلاد والعباد المزيد من الاضطرابات والخدمات الاجتماعية، وتفجير ثورة الجياع التي قد تُطيح بما تبقى من مقومات الأمن والاستقرار في البلد، ولا تعود تنفع معها كل الخطط والتنظيرات الساذجة.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]