أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية تعليق مشاركتها في مهام حلف شمال الأطلسي “الناتو” البحرية على شرق المتوسط لضمان عدم تهريب الأسلحة إلى ليبيا، والحجة هي سلوك تركيا في ليبيا، والعدائية التركية في التعامل مع الشركاء.
وينقل الانسحاب الفرنسي بين باريس وأنقرة إلى مسار جديد، عشية اجتماع وزارء خارجية الاتحاد الأوروبي المنتظر في الثالث عشر من الشهر الجاري.
فرنسا لا تريد للاتحاد أن يقتصر على سحب الشكوى بشأن المواجهة الأخيرة بين إحدى السفن الفرنسية التي كانت تعمل ضمن مهمة الأطلسي، وبين فرقاطة تركية تحمي إمدادات مرتزقة حكومة طرابلس، بل تريد من الحلف مراجعة عضوية تركيا ودورها التخريبي في ليبيا، إذ يُعد الأمر أبعد من مجرد حادث لباريس.
وأوضحت وزيرة الدفاع الفرنسية أنه ليس من الحكمة المشاركة في عملية لضمان عدم خرق حظر الإمداد بالأسلحة مع شركاء لا يحترمون الحظر ويخترقونه.
والمسألة ليست واضحة لفرنسا وحدها، وإنما لكل دول الاتحاد الأوروبي، حتى أن الأمر لا يحتاج دليلا، إذ تجاهر تركيا بأنها ترسل أسلحة ومرتزقة إلى ليبيا في خرق واضح لمقررات مؤتمر برلين والأمم المتحدة.
وأكد وزير الخارجية الفرنسي، أمام البرلمان، أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيبحثون إمكانية بحث فرض عقوبات جديدة على أنقرة.
وقد تؤثر أية عقوبات جديدة على أنقرة، بعد العقوبات التي أقرها الاتحاد الأوروبي بعد انتهاكات أنقرة للمنطقة التركية القبرصية في المتوسط، وتشكل ضربة مؤثرة لباقي الأواصر التركية مع الاتحاد، وقد تقضي تماماً على مفاضات الترشيح لعضوية الاتحاد المُعطلة.
وتدرك تركيا أن عضويتها في حلف الأطلسي باتت في الميزان، وهو ما دفع سفيرها في باريس إلى القول إنه “لا أطلسي بدون تركيا”، بينما يقول الفرنسيون إن أحداً لا يحترم قواعد عمل الأطلسي لا يستحق أن يكون عضواً فيه، وأن وجود تركيا في الحلف بات يُشكل تهديداً لوحدته
ويقول مدير مكتب صحيفة الشرق الأوسط في باريس، ميشال أبي نجم، إن ما تسعى إليه فرنسا هو بناء جبهة ضغط سياسية ودبلوماسية على تركيا، من الجانب حلف الأطلسي، لافتا إلى أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، اتصل بنظيره الأمريكي، دونالد ترامب، أكثر من مرة خلال الأيام العشرة الأخيرة، في محاولة لينزع من رأس ترامب فكرة غذاها أردوغان بأن الحضور المتنامي التركي في المتوسط يهدف لمنع التواجد الروسي في ليبيا.
وتابع أبي نجم، خلال لقاء للغد، أن فرنسا تواجه عدة مشاكل في هذا الشأن من بينها أن أن الولايات المتحدة ليس لها موقف واضح في ليبيا، مشيراً إلى ما ذكره مستشار الرئيس الأمريكي السابق، جون بولتون، في كتابه بأن هناك علاقة خاصة تربط اردوغان بترامب، وهي حيث يتصل أردوغان مباشرة بترامب ليلتف على مساعديه وعلى الخارجية وأجهز المخابرات ووزارة الدفاع، وأن ترامب يصغي إليه.
ولفت إلى أن هناك مشكلة أخرى هي أن هناك دولا داخل الناتو لا تزال تعتقد أن الحلف لا يمكن أن يكون من غير تركيا، رغم الصعوبات والإشكاليات التي تخلقها أ،قرة، باعتبار أنها الطرف الأبعد لجنوب وشرق الأطلسي وللموقع الذي تحتله إزاء الأزمات المشتعلة في المنطقة.
فيما أوضح المحلل السياسي، كاظم الوائلي، أن الولايات المتحدة حالياً في موقع المتفرج، وتنتظر إلى مدى ستنتهي الأمور بين فرنسا وتركيا، مشيراً إلى أن واشنطن لا تستطيع أن تتخلى عن باريس، خاصة لما تملكه من نفوذ وقى عسكرية في منطقة شمال أفريقيا.
وأكد الوائلي أن تركيا لا تحترم عضويتها في حلف الناتو، وخرقت قرارات مجلس الأمن الدولي بحظر توريد السلاح لليبيا.
