باتت حرب التصريحات والتصعيد الإعلامي، الورقة الإثيوبية الجديدة في أزمة سد النهضة كما هي الصوت الرافض لاستمرار أديس أبابا في مشروع السد دون التوصل لاتفاق يرضي إثيوبيا كدولة منبع، ومصر والسودان كدولتي مصب لنهر النيل.
تصريحات مستفزة
الإثيوبيون يرون أن المضي في مشروع سد النهضة هو الموقف القادر على توحيد الداخل الإثيوبي، وللتغطية على المشاكل المحلية مع المعارضة من خلال فكرة المشروع القومي.
دفع هذا الأمر بوزارة الخارجية للقول، إنها تسعى لاتفاق استرشادي غير ملزم، بل ذهب وزير الخارجية الإثيوبي إلى تصعيد في تصريحاته، يعتبر الأخطر عبر تغريدة له، تعتبر النيل للإثيوبيين، وأنه مياهه لن تدفق بعد ذلك، كونه أضحى بحيرة.
هذه التصريحات التي اعتبرتها مصر مستفزة، دفعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في اتصال هاتفي مع رئيس جنوب أفريقيا، بصفته رئيسا للاتحاد الأفريقي، إلى التأكيد على رفض أي إجراء أو عمل أحادي الجانب، من شأنه المساس بحقوق مصر في مياة النيل.
الاتحاد الأفريقي يتمسك باتفاق ملزم
وترفض مصر إلحاق الضرر بحصتها المائية، مطالبة بوجود اتفاق قانوني ملزم لأديس أبابا يضمن ذلك.
ورغم دعوة الاتحاد الأفريقي في بيانه الأخير، حول أزمة السد، إلى ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم حول ملء وتشغيل السد ضمن اتفاق شامل يتضمن المشاريع المستقبلية والتزام الأطراف بعد اتخاذ أي إجراءات أحادية، تعرقل عملية التفاوض، أعلنت أديس أبابا انتهاء المرحلة الأولى من ملء السد دون التوصل إلى اتفاق، ما يدفع المراقبين للتشكيك في نوايا إثيوبيا في اتفاق عادل.
خبير: إثيوبيا تريد الهيمنة على مياه النيل
ويقول مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية، ورئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بالمركز سابقا، هانئ رسلان، إن إثيوبيا تريد الهيمنة على مياه النيل وليس التنمية كما تدعي.
وأوضح “رسلان” في تصريحات لـ”الغد”، أن بداية التباحث في هذا الموضوع من 10 سنوات، وفي المرحلة الأخيرة في التفاوض، وبعد أن غيرت مصر سياستها الإعلامية، وبدأت تصدر بيانات متوالية عن مجريات التفاوض في الداخل والمشاكل التي تواجهه، لتأتي جلسة مجلس الأمن الدولي، ويصبح واضحا للرأي العام الإقليمي والدولي، مدى التعنت الإثيوبي، وأين يقف كل طرف؟!
وأكد “رسلان” أن إثيوبيا في الوضع الراهن، دولة عاصية مارقة من القانون الدولي، تريد تحويل نهر دولي إلى بحيرة، هناك دول متشاطئة لها حقوق سيلحق بها أضرار جسيمة، وإثيوبيا تعلن أنها لا تبالي على الإطلاق.
مصر تشدد على قوة موقفها تجاه الملف
وفي تصريحات تليفزيونية قال المهندس المتحدث باسم وزارة الري المصرية، محمد السباعي، إن موقف بلاده في ملف سد النهضة “لم يكن ولن يكون ضعيفا”.
وأكد اليوم الأحد، أن مصر “دولة قوية ومؤسساتها تحرص على نقطة المياه”.، مشيرا إلى أن القاهرة تتمنى توافر الإرادة السياسية القوية لدى أطراف سد النهضة، خلال المفاوضات المقبلة.
وقال السباعي إن قضية المياه ليست قضية رفاهية أو تنمية في مصر وإنما قضية وجودية وحياة، لافتا إلى أن الدول الثلاث ما زال عليها تحديد الأولويات المتعلقة بالنقاط الفنية والقانونية العالقة.
وأشار إلى أن النقاط القانونية مثيرة ومختلف عليها بشكل كبير، قائلًا إن دولتي المصب؛ مصر والسودان ما زال لديهما بعض النقاط الفنية العالقة، إضافة إلى العديد من التخوفات.
فيما أكد رئيس تحرير صحيفة الجريدة السودانية أشرف عبدالعزيز ، أن الخرطوم رأيها واضح في ملء وتشغيل سد النهضة، وموقفها يكاد يماثل موقف القاهرة، ورئيس الوزراء ووزير الري يؤكدان على اتفاق ملزم في الجوانب الفنية والقانونية، سواء في موسم الأمطار أو الجفاف، مع ضرورة ضبط آلية للتعامل مع النزاعات.
وأشار إلى أن الخرطوم موقفها واضح في الاعتراض على طريقة الملء، ولن تقبل بأي اتفاق غير ملزم.
السودان تتطلع لجولة حاسمة
يأتي ذلك في الوقت الذي قال فيه وزير الري السوداني، ياسر عباس، إن الخرطوم تتطلع لجولة تفاوض حاسمة بقيد زمني، وأجندة واضحة، لمعالجة النقاط العالقة والالتزام بها دون طرح قضايا خارج نطاق التفاوض الخاص بملء وتشغيل “سد النهضة”،
وأوضح عباس أن بيان الاتحاد الأفريقى حول اجتماعات “سد النهضة” جاء متوافقاً مع ما طرحه السودان بشأن ضرورة التوصل لاتفاق عادل وملزم حول ملء وتشغيل “سد النهضة” والمشاريع المستقبلية.
فيما أفاد مراسلنا من الخرطوم بأن تصريحات وزير الري السوداني هي الأولى بعد تشكيل لجنة مساندة ودعم ملف سد النهضة من قبل رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، والتي كونها مؤخراًز
ولفت إلى أن هذا التصريح يأتي بعد تصريحات متواترة عن تنصل إثيوبيا من وجود اتفاقات ملزمة لفض النزاعات.
وأشار إلى أن وزير الري السوداني يريد أن تكون تلك الجولة القادمة التي تحدث عنها الاتحاد الأفريقي بأجندة واضحة وتحديد مدى زمني واضح واتفاقية ملزمة قانونية، وهو ما يؤكد أن السودان على موقفه بضرورة وجود اتفاقية ملزمة قانونية لفض النزاعات والنقاط الخلافية.
وكان الاتحاد الأفريقى قد وجّه دعوة لمصر والسودان وأثيوبيا إلى العمل على وجه السرعة لوضع اللمسات الأخيرة على نص اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل “سد النهضة”.
وأوضح بيان رئيس الاتحاد الأفريقي، رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، أن مكتب جمعية رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي رحب بتقرير خبراء الاتحاد الأفريقي حول المفاوضات الثلاثية بشأن “سد النهضة” بين الدول الثلاث، مؤكداً أنه يعكس تقدمًا ملحوظًا في المفاوضات وعرض خيارات لحل القضايا القانونية والتقنية العالقة.
وأضاف أن الاتحاد الأفريقي يشيد برؤساء دول وحكومات مصر وإثيوبيا والسودان لإبدائهم الحنكة السياسية والتزامهم بإيجاد حل دائم من خلال الدبلوماسية والمفاوضات لسد النهضة، مسترشدين بمبدأ التضامن والتعاون الإفريقي والرغبة المصاحبة لإيجاد حل أفريقي للمشاكل الأفريقية.
وحث الدول الثلاثة للعمل على اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة بدعم من خبراء ومراقبي الاتحاد الأفريقي.
