د. أيمن سمير يكتب: ليبيا والاستدارة الأوروبية

د.أيمن سمير

هناك من يرى أن رد الفعل الأوروبي على الانتهاكات التركية الصارخة بحق الشعب الليبي وإحتلال أراضية مازال دون المتوقع ، وأن تعاطي بروكسل مع الاستفزازات التركية بحق قبرص واليونان وهما عضوان في حلف الناتو والاتحاد الأوروبي تفتقر للأنياب، وهو ما شجع تركيا على إتخاذ خطوات جديدة أحدثها الإعلان عن بناء قاعدتين عسكريتين في الوطية ومصراته، فهل فعلاً يتحاشى الاتحاد الأوروبي غضب الرئيس التركي ؟ وماذا عن العقوبات الأوربية ضد أنقرة؟ وهل يمكن التعويل على موقف ألماني إيطالي جديد يلجم أردوغان وميلشياته في المنطقة ؟ 

نهج متدرج

المعروف عن مؤسسات الإتحاد الأوروبي أنها تتخذ القرارات بشكل بطىء وهذا يعود إلى أنه يتكون من 27 دولة و500 مليون نسمة ، ولهذا إتخاذ القرار يبدو للناظر من بعيد أنه يتأخر عن مواكبة الإستفزازات التركية ، لكن حقيقة الأمر غير ذلك فالإتحاد الأوربي اليوم أكثر من أي وقت مضى مستعد لإتخاذ إجراءات عقابية ضد أردوغان ، وبالفعل وافق البرلمان الأوربي ثم وزراء خارجية الإتحاد الأوربي على سلسلة من العقوبات أبرزها وقف كل الإمتيازات التي كانت تحصل عليها تركيا بإعتبارها دولة مرشحة لدخول الإتحاد الأوروبي ، كما أن لجنة العلاقات الدولية في البرلمان الأوربي إقترحت في إجتماعها الأخير شطب ترشح تركيا بشكل نهائي لدخول الإتحاد الأوروبي ، وأصدرت مؤسسات الإتحاد الأوروبي تعليمات واضحة للبنك المركزي الأوروبي بوقف منح أي تسهيلات إئتمانية أو قروض للبنوك التركية ، ناهيك عن وقف بعض خطوط طيران الشارتر الأوروبي للشوطيء التركية

ووفق سياسة” النهج المتدرج” يعتزم الإتحاد الأوروبي خلال الأيام القادمة وقف كل برامج التصنيع المشترك مع تركيا ، وهو ما سيشكل ضربة كبيرة للصناعات التركية التي كانت تسوق لنفسها دائماً بإعتبارها شريك صناعي لكبرى العلامات الأوروبية

كل هذه العقوبات السابقة واللاحقة تؤكد أن الإتحاد الأوروبي مصمم على محاسبة تركيا على أفعالها ، ومن يراجع لهجة الإتحاد الأوروبي الداعمة لقبرص واليونان ضد التحرشات التركية في المياة الإقتصادية الخاصة لقبرص يتأكد أن أوروبا لا يمكن أن تتسامح مع أوهام أردوغان، وأن بروكسل رفضت كل أكاذيب أنقرة حول مذكرتي التفاهم بين السراج أردوغان التي جرى التوقيع عليهما في 27 نوفمبر الماضي

إستدارة ألمانية

ربما ما لم يتوقعة أردوغان هذا التغير و” الإستدارة الكاملة ” من ألمانيا وإيطاليا ، حيث كان يعول أردوغان على وجود إنقسام بين المواقف الأوربية حول طبيعة التعامل مع أنقرة ، لكن هناك متغيرات فرضت هذه الإستدارة من جانب ألمانيا وإيطاليا ضد المطامع الأردوغانية ، فالموقف الألماني تغير على وقع العقوبات الكبيرة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على خط الغاز الروسي القادم أسفل بحر البلطيق إلى ألمانيا ووسط أوربا والذي يطلق عليه ” نورد ستريم 2 ” وكانت تراهن ألمانيا على هذا الخط لسد العجز الهائل في وصول الغاز الروسي عبر الخط الأوكراني الذي يترنح بسبب المشاكل الفنية وعدم الصيانة والخلافات السياسية بين روسيا وأكرانيا ، ولهذا تخشى ألمانيا أن يتأثر سلباً الناتج القومي الالماني في مرحلة ما بعد كورنا ليس فقط بسبب الجائحة لكن بسبب توقف غاز خط ” نورد ستريم 2 ” الذي كانت المانيا ودول وسط أوربا تعول عليه بعد تراجع إمدادات الغاز من الجزائر والنرويج حيث أبلغت الجزائر الدول الأوروبية بحاجتها للغاز في الصناعة المحلية ، ورفض نشطاء البيئة إستمرار إستخراج الغاز في النرويج بعد 2022 ، وبالتالي لم يصبح أمام ألمانيا إلا غاز شرق المتوسط حيث تراهن برلين على خط ” إيست – ميد ” الذي يمتد لمسافة 1900 كلم ، ويصل حقول شرق المتوسط بجزيرة كريت اليونانية ومنها للبر لليوناني وصولاً للأراضي الإيطالية والإلتحام بشبكة الغاز الأوربية ، ولهذا ترى ألمانيا في السلوك التركي المزعزع للإستقرار في شرق المتوسط بمثابة تأثير مباشر وخطير على رفاهية المواطن الالماني

تحول إيطالي

قراءة الموقف الإيطالي كانت تأني دائما من باب التنافس مع فرنسا في ليبيا ، لكن خوف إيطاليا من وصول الإرهابيين إلى حدودها الجنوبية – حيث لا يفصل جزيرة صقلية عن الغرب الليبي إلا 6 ساعات بالقارب المطاطي – دفعها لتغير موقفها ، وتجلى هذا التغير الجديد في التوقيع يوم الثلاثاء الماضي على إتفاقية ترسيم الحدود مع اليونان بعد خلاف دام 40 عاماً ، وأقرت فيه إيطاليا بحق اليونان في المنطقة الإقتصادية الخالصة حول الجزر اليونانية بما فيها جزيرة كريت ، وهو ما يفرغ إتفاقية ترسيم الحدود بين السراج وأردوغان من مضمونها ، فوفق هذة الإتفاقية فإن الدولة المقابلة للشاطيء الليبي هي اليونان وجزيرة كريت وليس تركيا كما يدعي أصحاب نظرية ” الوطن الأزرق ” في تركيا.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]