بعد 56 عاما.. الأردن يتذكر أول حادث اغتيال سياسي هزّ المملكة

 

قبل 56 عاما ، وفي الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم الاثنين 29 أغسطس / آب 1960 ، هز انفجار ضخم، غير مسبوق في تاريخ الأردن، مبنى رئاسة الوزراء،  في توقيت تزامن مع استقبال رئيس الحكومة الأردنية، “هزاع المجالي” كل يوم اثنين من كل أسبوع جموع المواطنين لتلبية مطالبهم وحل مشاكلهم، وأدى الانفجار إلى مصرع المجالي وعدد من كبار الموظفين وبعض المواطنين، وكان الملك حسين بن طلال سيزور رئاسة الوزراء قبل ساعات من الانفجار الذي يبدو أنه كان مخططا لاغتياله، بحسب توقعات المراقبين آنذاك.

 big43223

الجريمة هزت المملكة الأردنية، قبل أن تهز مجلس الوزراء وتحوله ركاما، مع أول جريمة اغتيال سياسي يشهدها الأردن، وتستهدف أحد أبناء أكبر العشائر الأردنية “المجالي” ، وعلى الرغم من أن حياته السياسية كانت قصيرة، فإنها كانت غنية جدا ومؤثرة، فقد عاصر المجالي ثلاثة ملوك تعاقبوا على حكم الأردن، هم الملك عبد الله الأول، ثم ابنه الملك طلال، وأخيرا الملك الحسين بن طلال الذي يعتبر المجالي أحد أبرز رجالات عهده، خاصة في سنوات حكمه الأولى التي امتازت بالاضطراب وعدم الاستقرار السياسي.

4

الوجه السياسي للجريمة

الجريمة ، لا تخفي وجهها السياسي والدافع وراء الإغتيال، ولا يزال الملف يحمل الكثير من الشكوك رغم مرور أكثر من نصف قرن، إلا ان  مسيرة هزاع المجالي السياسية ،  وتوجهاته ومواقف، تلقي مزيدا من الضوء على دوافع قد تكون وراء إغتاله ، ومنذ بدايات تأسيسه وعدد من النواب “الحزب الوطني الاشتراكي” وحصل على الترخيص ،الذي كانت من أهدافه الدعوة الى الاتحاد العربي ، وبعد أن حلت حكومة “أبو الهدى” مجلس النواب، ترشح هزاع عن الكرك وفاز في الانتخابات ، بعدها اشترك في حكومة جديدة برئاسة “أبي الهدى” وزيرا للعدل . وقتها تم تداول مجلس الوزراء لعدة جلسات لتقرر موقفا ثابتا للأردن ازاء الصراع القائم بين العراق من جهة، وسوريا ومصر من جهة أخرى . بعدها قدم هزاع استقالته من الحكومة، ثم  قدمت الوزارة استقالتها وشكلت حكومة جديدة برئاسة سعيد المفتي وكان هزاع وزيرا للداخلية فيها ، وذهب هزاع في هذه الفترة على رأس وفد اقتصادي إلى بغداد، للحصول على قرض مالي لتمويل عدة مشاريع .

11911769_928467280566896_904774553_n

حلف بغداد

عام 1955و بعد زيارته الى العراق، حضر الجنرال تمبلر الى الأردن، وأجرى مفاوضات مع المسؤولين الأردنيين حول الانضمام لحلف بغداد ،وعلى اثر هذه المفاوضات والشائعات ، استقالت حكومة المفتي وعهد الى هزاع بتأليف الحكومة، وبثت  اذاعة صوت العرب، أخبارا  عن قيام مظاهرات وسقوط قتلى وجرحى في عمان وغيرها من المدن الأردنية.. وقال هزاع في مذكراته، إن ذلك لم يحدث، لكنه بدأ بالحدوث بعد ذلك! .وكانت تعليمات “هزاع” تقضي بعدم استعمال القوة ضد أحد، وحتى عند تأزم الموقف ونصح العديد له باستخدام العنف إلاأنه رفض  وصعد الى القصر والتمس من الملك قبول استقالته ،حيث آثر الاستقالة على اعتماد سياسة العنف وهو الذي كان يحاربها ويستهجنها. ولم تدم وزارته سوى ستة أيام.

 

كان  المجالي تولى مناصب سياسية في سنوات غاية بالأهمية جاءت بعد استقلال المملكة الأردنية الهاشمية عام 1946 وشكل الحكومة الأردنية لأول مرة عام 1955، وهي الحكومة التي استقالت بعد ستة أيام من تشكيلها بسبب خلافات عميقة مع البرلمان في ذلك الوقت على خلفية الموقف من حلف بغداد،  ولم يعد المجالي إلى الحياة السياسية بعدها إلا عام 1958 عندما عين وزيرا للبلاط الملكي، وهو منصب يوازي رئاسة الديوان الملكي الأردني.. وفي عام 1959 شكل المجالي حكومته الثانية، وظل رئيسا للوزراء حتى تاريخ إغتياله.

10529467_928467277233563_22380846_n

ثغرات أمنية

كان تعقيب السير تشارلز جونستون سفير بريطانيا الأسبق في الأردن، على جريمة الإغتيال، أن الخطأ الأكبر لهزاع كان المبالغة في الثقة بالناسـ فقد احجم عن اساءة الظن بالأخرين ، ولم يكن لديه اهتمام جدي بالمحافظة على حياته، فلم يهتم بحماية نفسه، رغم توقعاته بالخطر يحوم حوله.. ويقال ــ وفقا لمصادر مقربة من القصر الملكي في ذلك الوقت ــ إنه  قبل استشهاد “هزاع” بأيام طلبت منه السلطات الأمنية أن يوافق على طرد اثنين من المراسلين العاملين في الرئاسة للاشتباه بهما .. فرفض هزاع بشدة أن يتم المساس برزقهما .. المراسلان ذاتهما هما اللذان قاما بعدأيام بزرع القنبلة في مكتبه ليلا، ثم فرا بسيارة الى سوريا ووصلا دمشق قبل أن تنفجر القنبلة في صباح اليوم التالي .
11936998_928467233900234_1896907072_n
الجمهورية العربية المتحدة
واتجهت الاتهامات إلى القاهرة، في ظل أجواء من التوتر السياسي بين البلدين، لكن الرئيس جمال عبدالناصر، وفقا لتأكيد المشير حابس المجالي، نجل رئيس الوزراء، أقسم  انه ليس لمصر أو سوريا (الجمهورية العربية المتحدة آنذاك ) أي علاقة بمقتل هزاع .. وكانت المعلومات التي ترددت، أن مسؤول المخابرات السورية، المكتب الثاني ،عبدالحميد السراج، هو الذي دبر عملية تفجير مبنى الحكومة الأردنية عام 1960 في خضم الصراع بين الراحلين الملك حسين والرئيس جمال عبدالناصر.

 

السلطات الأردنية، ألقت القبض على المتهمين ، المدبرين للإغتيال، وتم تنفيذ حكم الإعدام بحقهم .. ويذكر أنه بعد أن صادرت الحكومة الأردنية، بموجب أمر الدفاع،أملاك زكريا الطاهر قبل 38 سنة بعد الحكم عليه بالاعدام بتهمة تفجير مبنى رئاسة الحكومة الذي اودى بحياة رئيس الوزراء هزاع المجالي، ألغت محكمة بداية في العام 1998قرارها الذي ترتب عليه الغاء جميع عقود بيع الأرض المقام عليها مبنى رئاسة الحكومة الحالية في أرقى مناطق عمان بالدوار الرابع، والتي ستكون بعد صدور قرار التمييز مخيرة بين شراء الأرض التي يقدر ثمنها بعشرة ملايين دولار او اخلاء المبنى.

35320beef5783e0af706102a04216338

المجرمون معرفون  

ومع عودة  زكريا الطاهر، وكان  لاجئاً سياسياً في القاهرة، رفع قضية لتبرئته من تهمة تفجير مبنى الحكومة.. مؤكدا أن وزير الداخلية الأسبق،  نذير رشيد، يعرف المجرمين:  واحد من عائلة شموط، والآخر من عائلة الدباس، وهما يقيمان في المنصورة  بمصر، وأن الأربعة الذين أعدموا في عمان كانوا أبرياء .. ويذكر أنه ضمن قوانين عفو أصدرها الملك حسين، عاد زكريا الطاهر الى الأردن،  وعاد ايضاً نذير رشيد الذي صار مديراً للمخابرات ، وعاد كثيرون أيضاً، لكن “الطاهر” لم يزاول السياسة بل رفع عام 1969 قضية على الحكومة طالبها فيها بإعادة أملاكه المصادرة.

---------2

وبقي ملف اغتيال “هزاع المجالي”  يروي أحداث حقبة حرجة مرت بها المملكة الأردنية  والمنطقة العربية بشكل عام

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]