تونس.. الطريق مغلق بين «القصبة» و«قرطاج»

انتقلت أزمة التعديل الوزاري في تونس إلى مربعات جديدة، تعقدت معها خيوط التشابك والتجاذبات السياسية بين الرؤساء الثلاثة (رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة، ورئيس البرلمان)، وأغلق الطريق تماما بحسب المراقبين بين «قصر القصبة» مقر رئاسة الحكومة، وبين «قصر قرطاج» الرئاسي، بعد أن أعلنت رئاسة الحكومة التونسية، أمس الاثنين، عن إعفاء خمسة وزراء من مهامهم، وتعيين وزراء بالنيابة مكانهم، وهي خطوة يراها مراقبون إجراءا  تصعيديا في ظل الأزمة المفتوحة مع الرئيس  التونسي، قيس سعيد، بشأن التعديل الوزاري.

وتعيش تونس أزمة سياسية منذ ثلاثة أسابيع، على وقع أزمة أداء اليمين الدستورية من قبل 11 شخصية نالت ثقة البرلمان يوم 26 يناير/ كانون الثاني الماضي ، وذلك في ظل رفض رئيس الجمهورية للطريقة التي تم بها التغيير الوزاري وعدم قبوله بتسمية بعض الوزراء المقترحين، ويعتبر الرئيس أنه تتعلق بهم شبهات فساد وتضارب مصالح.

 

تعديل «طبخ في منزل الغنوشي»

بداية الأزمة التي تصطدم حاليا بجداء سميك، ترجع إلى ان التعديل الوزاري قبل ثلاثة أسابيع،،«طبخ في منزل الغنوشي»، زعيم حركة النهضة الإخوانية، بحسب تعبير رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسى.. وبعد أن دخل رئيس الحكومة في «شراكة مسمومة» ـ مع حزامه البرلماني الذي يضم حركة النهضة وحزب قلب تونس وائتلاف الكرامة وحزب الاصلاح والتنمية، بحسب تعبير السياسي التونسي، صحبي بن فرج

وفي تقديره لمشهد الأزمة «السياسية ـ الدستورية» في تونس، اعتبر محسن مرزوق رئيس حركة مشروع تونس، أنّ حكومة هشام المشيشي لم تعد مستقلة، وإنّما أصبحت حكومة مرتبطة سياسيا بأطراف معينة..وقال مرزوق إنّ رئيس الحكومة هشام المشيشي «يظن نفسه في حملة انتخابية ونسي أنّ حكومته نظريا تعتبر مؤقتة، باعتبارها حكومة جاءت لحلّ أزمة، كحال الحكومة الإيطالية».

وتعيش تونس على وقع أزمة اقتصادية وصحية غير مسبوقة، حيث بلغ عجز الميزان التجاري أكثر من 6 مليار دولار، مع نسبة مديونية تجاوزت 100% من الناتج المحلي، ونسبة بطالة تجاوزت 18%، حسب احصائيات المعهد التونسي للإحصاء.

مناورة لسحب ورقة تأويل الدستور

تصاعد حدة الأزمة في تونس، كشف عنها الرئيس قيس سعيد، مع مهاجمته، التعديل الوزاري الأخير،  وذلك في رسالة وجهها لرئيس الحكومة هشام المشيشي، مؤكدا أن التعديل لم يحترم الدستور، الذي يقتضي مداولات بين الرئاسة والحكومة.

 

وقبل ساعات من التعديل الوزاري الأخير، التجأ رئيس الحكومة الى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين لاستشارتها بشأن أزمة التحوير، وهو يدرك شأنه شأن حزامه البرلماني ان الرد لن يكون في صالحهما،  بحسب المحلل السياسي التونسي حسان العيادي ، لكن مع ذلك لجآ اليها لرغبتهما في سحب ورقة تأويل الدستور من الرئيس قيس سعيد وإطالة عمر الأزمة علهما يجدان مخارج اخرى.. وهي مناورة تريد ان تحقق مكسبا سياسيا وليس مكسبا دستوريا او قانونيا. فهي تبحث عن ترسخ فكرة ان الرئيس ليس الجهة التي تحتكر تاويل فصول الدستور وانه مثل البقية لا قدرة له على جعل قراءته الزامية. اي ان ما يصدر عنه ليس الا موقفه الخاص ولا الزامية له على اي طرف في الازمة.

إطالة عمر الأزمة

وبات جليا أن الحكومة وحزامها البرلماني، يدفعان إلى إطالة عمر الأزمة، لأيام أو أسابيع. وانهما يريدان أن يقع الضغط على الرئاسة إما لقبول التنازل المتبادل، أو أن تقدم على عرض حكومة المشيشي على البرلمان لنيل ثقته من جديد وفق الفصل 99 من الدستور، وهذا الخيار لا يبدو أن الرئاسة قد تنجر اليه لعدم توفر شروط نجاحه. ليظل خيار ثان بدوره مستبعدا وهو لجوء الأغلبية البرلمانية الى الفصل 97 من الدستور وتقديم لائحة لوم ضد الحكومة لسحب الثقة منها واختيار رئيس حكومة جديد.

خياران «مستبعدان»، كما يفول العيادي، وهما ما تبقى بعد ان اعلن المشيشي انه لن يستقيل.. وإطالة امد الازمة يعني دفع البلاد الى المجهول ومنطقة الخطر المحدق.

مأزق سياسي

ويرى المحلل السيايي التونسي، المنجي الغريبي، أن الأزمة استفحلت شيئا فشيئا ، إلى أن تحولت إلى مأزق سياسي أصبح يعطّل السير العادي لدواليب الدولة ،و ينزل بكل ثقله على الوضع العام بالبلاد.. وقال «الغريبي»، لقد أدى به ضعف تجربة المشيشي السياسية و إستسهاله للمهمة الّتي كلّف بها و سوء تقديره للتوازنات السياسية و إنسياقه وراء الإبتزاز السياسي من الحزبين الأغلبييْن في البرلمان ، إلى جرّ البلاد إلى أزمة لا أحد يمكنه تقدير مخرجاتها

سوء التقدير هذا، بحسب تحليل «الغريبي»، قاد المشيشي إلى خوض معركة بالنيابة عن حزامه الداعم له المتكون أساسا من حزبي النهضة وقلب تونس، ضد رئيس الجمهورية الّذي منحه ثقته و عوّل عليه كي تسلك تونس المسار الصحيح في إعادة التوازن إلى الدولة والسير نحو تجاوز الأزمة.

الهروب إلى الأمام

الأزمة أصبحت أكثر تعقيدا، والانسداد السياسي يهدد مصالح المواطنين، ويرفع من سقف الغضب الشعبي.. ورغم ذلك، يبدو أن كل طرف يتشبث بنفس الموقف، مع الهروب إلى الأمام مما يشكل في الحقيقة تقهقرا إلى الوراء ، لإعادة ما عاشته تونس منذ ثماني سنوات ، دون التوقع مرّة أخرى بما سيسفر عن ذلك ، مع التمني بألاّ يكون كارثيا.

ساحة حرب .. والحسم مؤجل

 مشهد ـ بحسب تصوير صحيفة المغرب ـ بات ساحة حرب بين جيشين يدرك كل منها انه لا يمتلك القوة الكافية لحسم الصراع لصالحه. لذلك لجأ كل منهما الى حفر خنادق والتمركز في معسكره لاطالة عمر الحرب لعل في ذلك مكاسب آجلة كان تتغير الموازين لحسم الصراع او يقع الاتفاق على التفاوض.

التصعيد سيستمر لأسابيع على ما يبدو بين الطرفين المتناحرين، وسيسعى كل طرف منهما الى «اكتساب» مساحات جديدة في أرض المعركة التي لن يقع حسمها دستوريا أو قانونيا طالما أن المحكمة الدستورية معطلة.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]