بقدر اهتمام الحكومة الأردنية، بتوعية المواطنين وحثهم للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، لمجلس النواب الثامن عشر، بعد 20 يوما تقريبا، بقدر ما كشف الشارع الأردني، عن مفارقات طريفة تصاحب أجواء الانتخابات، والاهتمام برصد جولات الحملات والدعاية الانتخابية، وحفلت وسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر بتعليقات وملاحظات وآراء تعبر عن نبض الشارع.
وكانت الأخطاء اللغوية على لافتات الدعاية الانتخابية، مثار سخرية الأردنيين، والتهكم على « كرم الوعود الانتخابية» التي لا يحدها سقف معين، وباتت الشعارات الانتخابية للمرشحين، مادة لحديث المنتديات السياسية والاجتماعية في العاصمة الأردنية عمّان، ومنذ اليوم الأول لنشر الشعارات الانتخابية للمرشحين، أبدى الشارع الأردني امتعاضه من التركيز على وضع صور المرشحين في الشوارع، بدل التركيز على البرامج الانتخابية، وأن الشعارات مكررة، وبعضها خيالي، وأخرى جزء من «بروبجاندا» من قبل بعض المرشحين لتلميع صورهم، و شعارات تعكس إفلاسا لبرامج مرشحين، وبعضهم رأى أنها جزء من عملية «التسخين» التي لا يتبعها ما هو حقيقي على أرض الواقع.
التهكم طال «كرم المرشحين»، بعشرات «المناسف» حتى يرى الباحث الأردني، محمد زيدان، أن «صواني المناسف» أصبحت الظاهرة الانتخابية الأكثر حضورا في المشهد حاليا، ويتبارى المرشحون في تقديم المناسف للناخبين، داخل المقرات الانتخابية للمرشحين، حتى أن الشارع الردني يتساءل ساخرا : إذا كانت وجبات المناسف، قادرة على أن تجعل الموجود في تلك المقرات قادرا على الاستماع إلى البرنامج الانتخابي بآذان صاغية وعقل صاح، معتبرين أن «الاكتفاء بتوزيع الكنافة أقل ضررا في العواقب»! ووصفت المقار الانتخابية بأنها «نابضة بالدسم»!.
وحراك من نوع آخر تشهده المرحلة الانتخابية الجديدة، بعد انتشار المقرات الانتخابية للقوائم والمرشحين، والعنوان العريض للحوارات داخل تلك المقار، بحسب تقرير ميداني لصحيفة الغد الأردنية، يدور حول قدرة المرشحين على مواجهة سياسات الحكومات المتعاقبة في رفع الأسعار، والتي تخضع لشروط البنك الدولي. كما تشهد اللقاءات الجانبية في المقرات الانتخابية، نقاشا حول مواضيع اجتماعية تتعلق بزيادة جرائم القتل وارتفاع حالات الانتحار، حيث يتساءل الحاضرون عن الأسباب والدوافع التي تقف وراء زيادة حدتها في الآونة الأخيرة، وغيرها من المواضيع المطروحة للنقاش.
غير أن حديث الانتخابات يطغى على كل حديث، حيث تستعرض الأسماء المتوقعة للفوز في عضوية المجلس الجديد، ومن سيترأسه، إضافة إلى تكهنات حول اسم رئيس الحكومة الذي سيكلف بتشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات، وصولا إلى استعراض ثراء بعض المرشحين وبذخهم في الإنفاق على حملاتهم الانتخابية.
ويظهر المقر الانتخابي للمرشح القدرة المالية له، وملاءته من هذا الجانب، الذي يعد في غاية الأهمية بالنسبة لبعض الناخبين، الذين يترددون عليه باستمرار في حال كانت خدمات الطعام والشراب التي تقدم في مقره الانتخابي من النوع المميز، ويتجاوز النقاش الدائر حول دور المال في تمويل الحملات الانتخابية، الأثر المباشر المتمثل في قدرة المرشحين على إدارة حملات متكافئة، إلى جوهر النظرية الديمقراطية، التي تفرض نوعا من المساواة السياسية بين المواطنين.