رحل العالم المصري الأمريكي أحمد زويل، الحاصل على جائزة نوبل العالمية في الكيمياء لأبحاثه في مجال كيمياء الفيمتو، مساء اليوم الثلاثاء 2 أغسطس/آب، عن عمر ناهز الـ70 عاما، بعد صراع مع سرطان النخاع الذي أصيب به في العام 2013، وقال شريف فؤاد المتحدث الإعلامي باسم زويل للتلفزيون المصري إن سبب الوفاة غير معروف هل السرطان أم شيء آخر، مضيفًا أن زوجته أبلغتنا الآن أن وصية الدكتور أن ينقل جثمانه إلى مصر وأن يوارى الثرى هناك.
من دلتا مصر إلى أمريكا
ولد زويل في 26 فبراير/شباط عام 1946 بمدينة دمنهور في دلتا مصر، وفي سن 4 سنوات انتقل مع أسرته إلى مدينة دسوق التابعة لمحافظة كفر الشيخ، حيث نشأ وتلقى تعليمه الأساسي، ليلتحق بكلية العلوم بجامعة الإسكندرية بعد حصوله على الثانوية العامة وحصل على بكالوريوس العلوم بامتياز مع مرتبة الشرف عام 1967 في الكيمياء، ثم يعمل معيداً بالكلية ويحصل على درجة الماجستير عن بحث في علم الضوء.
سافر زويل إلى الولايات المتحدة في منحة دراسية وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا في علوم الليزر، ثم عمل باحثاً في جامعة كاليفورنيا، بركلي (1974 – 1976)، ثم انتقل للعمل في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتك) منذ 1976، وهي من أكبر الجامعات العلمية في أمريكا. حصل في 1982 على الجنسية الأمريكية.
تدرج زويل في المناصب العلمية الدراسية داخل جامعة كالتك، إلى أن أصبح استاذاً رئيسياً لعلم الكيمياء بها، وهو أعلى منصب علمي جامعي في أمريكا.
أول عربي يفوز بجائزة نوبل للعلوم
قام العالم المصري الأميركي باختراع كاميرا ميكروسكوب تقوم بتصوير أشعة الليزر في زمن مقداره فمتوثانية، وهكذا يمكن رؤية الجزيئات أثناء التفاعلات الكيميائية، ليصبح بذلك أول عالم مصري وعربي يفوز بجائزة نوبل في الكيمياء.
أعقبت اختراع زويل ثورة علمية هائلة، دخل العالم بعدها في زمن جديد، حيث لم تتوقع البشرية أن تدركه، فتمكنت من مراقبة حركة الذرات داخل الجزيئات أثناء التفاعل الكيميائي عن طريق تقنية الليزر السريع.
وقد أعربت الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم أنه قد تم تكريم زويل نتيجة للثورة الهائلة في العلوم الكيميائية، من خلال أبحاثه الرائدة في مجال ردود الفعل الكيميائية واستخدام أشعة الليزر، وقد أكدت الأكاديمية السويدية في حيثيات منحها الجائزة لأحمد زويل أن هذا الاكتشاف قد أحدث ثورة في علم الكيمياء وفي العلوم المرتبطة به، إذ أن الأبحاث التي قام بها تسمح لنا بأن نفهم ونتنبأ بالتفاعلات المهمة.
نشر زويل أكثر من 350 بحثاً علمياً في المجلات العلمية العالمية المتخصصة مثل مجلة ساينس ومجلة نيتشر، وورد اسمه في قائمة الشرف بالولايات المتحدة التي تضم أهم الشخصيات التي ساهمت في النهضة الأمريكية وجاء اسمه رقم 9 من بين 29 شخصية بارزة باعتباره أهم علماء الليزر في الولايات المتحدة
وعاش زويل في الفترة الأخيرة من حياته في سان مارينو، بلوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية، وهو متزوج من السيدة ديما زويل (الفحام) وهي ابنة شاكر الفحام وتعمل طبيبة، تم تعيينه أخيراً كمبعوث علمي للولايات المتحدة لدول الشرق الأوسط .
وقبل أربعة أشهر كتب زويل لجريدة أخبار اليوم القومية شبه الرسمية، يقول «في مرحلة ما بعد نوبل، استطعنا الوصول إلي علم جديد عن طريقه يمكن تحديد المكان والزمان، لتمكين تَصَوُّر الهياكل في الفضاء (بالنانومتر، أو أقل) وفي الوقت المناسب (الفيمتو ثانية، ويُحتمَل أن تكون أتوثانية)وأطلق علي هذا العلم الجديد اسم التصوير الإلكتروني المجهري رباعي الأبعاد، وقد تم تمويل هذا البحث من قِبَل كالتك، والحكومة الأمريكية، ولكن الأدوات الرئيسية تم تمويلها ودعمت بسخاء من قِبَل مؤسسة مور، ورغم كل ما حققت يبقي حلمي الأكبر نهضة مصر علميا ونجاح مشروعها القومي».
مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا.. الحلم الوطني الذي لم يتكمل
وفي المقال نفسه كتب زويل: مصر قائدة للعالم العربي وستقوده علميا أيضا، لقد كانت مصر ـ وما زالت ـ قائدة العالم العربي. وسوف تؤدي ثورتها القادمة في مجال التعليم والثقافة إلي تغييرات كبيرة في دول عربية كثيرة. وعلي الرغم من أن دور القيادة هذا قد تراجع علي مدي العقود الثلاثة الماضية في عهد الرئيس مبارك، إلا أن مصر ما زالت لديها تاريخ وأساس، فضلًا عن عدد السكان والمؤسسات، لاستعادة القوة الطليعية للتحول الضروري. والأمل هو أن تدعم الصحوةُ السياسية في المنطقة «ربيع العِلْم» في الشرق الأوسط،حتي نتمكن من بناء مجتمع مبني علي المعرفة.
إنّ اكتساب المعرفة هو المفهوم الذي نُسِج ضمن نسيج الإسلام، وكان سر نجاح امبراطوريّته منذ قرون، ولاستعادة مكانة اكتساب المعرفة في عالم اليوم، يجب أن يعود هذا المفهوم إلي الظهور، وأن يتم نقل الثقافة بطرق مبتكرة، لرسم مستقبل جديد وواعد، وهذا هو الهدف الأساسي لمدينة زويل.
لقد حالفني التوفيق في حياتي العلمية عندما التحقت بجامعة كالتك العريقة وعلي مدي 40 عامًا توجت بالحصول علي جائزة نوبل منفردا عام 1999، ومنذ ذلك التاريخ سعيت لتحقيق حلم نهضة مصر العلمية حتي جاءت السنوات الأخيرة لتشهد تحول الحلم إلي حقيقة واقعة من خلال مشروع مصر القومي للنهضة العلمية (مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا).