يواصل الرئيس التركي رجب أردوغان التضييق على المعارضة التركية، حيث يسعى بجدية في تنفيذ مخطط إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي الكردي وهو ثاني أكبر الأحزاب المعارضة في تركيا.
ويتّهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحزب بأنه “واجهة سياسية” لحزب العمال الكردستاني الذي يشنّ حركة تمرد أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف منذ عام 1984.
دعوى للإغلاق
وتلقت المحكمة الإدارية العليا في تركيا، أمس الأربعاء، بيانا اتهاميا من المدعي العام يهدف لإغلاق حزب الشعوب الديمقراطي، بعد اتهامات لقيادات وأعضاء الحزب بارتباطهم بحزب العمال الكردستاني المحظور في البلاد.
ويأتي ذلك، كنتيجة لتحقيقات أجرتها المحكمة الإدارية العليا، وفي ظل ضغوط من حزب الحركة القومية اليميني المتطرف، حليف حزب العدالة والتنمية الحاكم وأردوغان.
وطالب المدعي العام التركي، في المحكمة الإدارية العليا، بكير شاهين، بإغلاق الحزب، بعد اكتمال إعداد مذكرة الادعاء وإرسالها للمحكمة الدستورية العليا، بحجة أن (أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي، في خطابهم وتصرفاتهم، يعملون على تخريب وحدة الشعب والدولة ويهدفون إلى إزالة الدولة).
واستند المدعي العام في بيان صدر عنه، على المادة 90 الفقرة 68/3 من الدستور التركي، والتي تنص على ممارسة الحزب السياسي فعالياته وفق القواعد الديمقراطية والعالمية بطريقة سلمية، والمادة 14 التي تنص على مبادئ الدولة ووحدة الشعب والبلاد، والمواد 69 و103 و68 المرتبطة بالقضية.
غضب أمريكي
حذّرت الولايات المتحدة من أن الجهود التي تبذل لحظر حزب رئيسي موال للأكراد في تركيا ستشكل تقويضا للديمقراطية هناك.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس “نراقب بدء الجهود لحل حزب الشعوب الديمقراطي، وهو قرار سوف يطيح بدون مبرر بإرادة الناخبين الأتراك ويؤدي الى مزيد من تقويض الديمقراطية في تركيا وحرمان ملايين الأتراك من تمثيلهم الذي اختاروه”.
وأضاف “ندعو الحكومة التركية إلى احترام حرية التعبير بما يتوافق مع الحمايات التي ينص عليها الدستور والتزامات تركيا الدولية”.
انقلاب سياسي
وصف حزب الشعوب الديمقراطي الكردي الإجراءات التي تتخذها السلطات التركية ضده بـ “انقلاب سياسي”، معتبرا أن الرئيس رجب طيب أردوغان يسعى للقضاء على الحزب قبل الانتخابات المقبلة.
وجاء في بيان للرئيسين المشتركين لحزب الشعوب بروين بولدان ومدحت سانجار “ندعو كل القوى الديمقراطية وكل قوى المعارضة الاجتماعية والسياسية وشعبنا للنضال معا ضد هذا الانقلاب السياسي”.
وسيؤدي الحظر المحتمل لحزب الشعوب الديمقراطي إلى تغير كبير في المشهد السياسي قبل سنتين من الانتخابات التشريعية والرئاسية التي يبدو أنها ستكون صعبة بالنسبة لأردوغان، في ظل التحديات الاقتصادية.
وينفي حزب الشعوب الديمقراطي بشدة الاتهامات الموجّهة له بممارسة “أنشطة إرهابية”، ويقول إنه ضحية حملة اضطهاد بسبب معارضته لأردوغان.
كما اتهم الحزب أردوغان بـ”استخدام القضاء كأداة لإعادة تشكيل المشهد السياسي”، قبل عامين من موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية التي يبدو أن الحكومة ستخوض خلالها معركة قاسية في ظل التحديات الاقتصادية.
وتابع الحزب “عدوانيتهم دليل على ذعرهم” مؤكدا “مهما فعلوا، لن نرضخ ابداً ولن نستسلم سنواصل مقاومتنا الديمقراطية بكل تصميم”.
تضامن المعارضة
أثارت خطوات أردوغان مخاوف باقي أحزاب المعارضة، حيث رفض زعيم المعارضة التركية رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كيليتشدار أوغلو، إغلاق حزب الشعوب الكردي.
وقال أوغلو، إننا إذا كنا ندافع عن الديمقراطية ونريد حمايتها، فإننا يجب أن نتخلّى عن سياسة إغلاق الأحزاب السياسية.
تضامن حزب الشعب الجمهورى أثار غضب أبرز حلفاء حزب العدالة والتنمية حيث أكد رئيس الحركة القومية دولت باهتشيلي، أنه “على حزب الشعب الجمهوري أن يحدّد الصفّ الذي يقف فيه، هل إلى جانب الإرهابيين الانفصاليين، أم إلى جانب الشعب والأمة التركية؟!”.
شأن داخلي
في أول رد فعل تركي رسمي طالبت الخارجية التركية كافة الأطراف الدولية انتظار قرارات المحكمة الدستورية.
وأوضحت الخارجية أن التعليق على أزمة حزب الشعوب الديمقراطي هو تدخل في العمل القضائي التركي وتعارض مع سيادة القانون.
ودعت أنقرة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام الإجراءات القضائية في تركيا. بحسب بيان رسمي.
وقال مراسل الغد من إسطنبول إنها ليست المرة الأولى التي يندلع فيها الخلاف بين أوروبا وأمريكا من ناحية وتركيا من ناحية أخرى بشأن الأكراد.
وأضاف أن تحالف العدالة والتنمية الحاكم لم يعلق بعد على ردود الفعل الغاضبة من أمريكا تجاه الإجراءات المتخذة ضد حزب
الشعوب الديمقراطي.
وشدد على أن تركيا ترفض دائما تلك الانتقادات الخارجية مؤكدة أنه شأن داخلي وخاص بالقضاء التركي.
اضطهاد الأكراد
في أعقاب محاولة الانقلاب المزعوم في تركيا في عام 2016، شن أردوغان حملة قمع واسعة استهدفت حزب الشعوب الديمقراطي بشكل كبير وزُج بزعيمه صلاح الدين دميرطاش في السجن، رغم الانتقادات الأوروبية.
من جهة أخرى، يأتي طلب حظر الحزب بعد ساعات على إبطال البرلمان التركي نيابة فاروق جرجرلي أوغلو، العضو في الحزب، على خلفية الحُكم عليه بالسجن لمدة عامين ونصف بتهمة “الدعاية الإرهابية”.
وأكد جرجرلي أوغلو أنه لن يغادر قاعة البرلمان دون إرغامه على ذلك بالقوة وندد “بانتهاك الدستور”.
ومنذ عام 2016، أُبطُلت نيابة 14 ممثلا عن حزب الشعوب الديمقراطي في البرلمان، بينهم جرجرلي أوغلو، وبذلك يصبح عدد مقاعد حزب الشعوب في البرلمان التركي، 55 مقعدا.
وأفاد مراسل الغد من إسطنبول بأن هناك 9 أعضاء من حزب الشعوب الديمقراطي يخضعون للمحاكمة وينظرون مصير عضو الحزب عمرو فاروق أوغلو الذي تم إزالة الصفة النيابية عنه بتهمة دعم الإرهاب.
وأضاف مراسلنا أن الخارجية التركية وصف الموقف الأمريكي بأنه تدخل في الشأن الداخلي.
وأكمل أن المعارضة الرئيسية في تركيا وبالتحديد رئيس حزب الشعب الجمهوري انتقد مطلب إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي.
