أزمة «ما بعد بوتفليقة».. ولادة متعثرة للجمهورية الثانية

دلالات الحراك السياسي والشعبي داحل الشارع الجزائري تشير إلى أن الخناق يضيق على العهدة الخامسة للرئيس بوتفليقة، وأن أزمة «ما بعد بوتفليقة» تثير هواجس القلق داخل السلطة والمعارضة معا.. وبات واضحا، أن الاقتراحات التي طرحها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الإعلان المنسوب إليه عند تقديم ملف ترشحه للانتخابات الأحد الماضي، من قبل المدير الجديد لحملته الانتخابية، والمتعلقة بولاية «انتقالية» لمدة سنة واحدة، وعقد «مؤتمر وطني»، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، لم تكن كافية لتهدئة غضب الشارع الجزائري، بينما تؤكد مصادر قصر «زرالدة الرئاسي» لوسائل الإعلام الجزائرية، أن ما تم طرحه يعد «التسوية القصوى» التي توصل إليها المحيط الرئاسي والجيش ومختلف أقسام الدولة.. أي استقالة مؤجلة للرئيس في إطار ما يوصف بـ«نصف تنازل»، وكان الهدف: طمأنة الشارع دون الإخلال بالتوازن داخل النظام.

 التوتر بخيم على المشهد السياسي

اللافت للنظر أن الترقب للمرحلة المقبلة، يخيم على المشهد السياسي الجزائري، ويفرض مناخا من القلق أقرب للتوتر وعدم التيقن، وفي هذا الإطار كان من المفروض أن يعقد المجلس الشعبي الوطني (البرلمان)، يوم الخميس الماضي، جلسة الأسئلة الشفوية الموجهة للحكومة، غير أن قاعة الجلسات كانت شبه فارغة سواء من نواب المعارضة أو الموالاة.. بينما أعلن  -في نفس الوقت- مجموعة من النواب والمناضلين في جبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم)  استقالاتهم من الحزب ودعمهم للحراك الشعبي، وجاء في بيان لمجموعة المستقيلين: «نحن السادة الآتية أسماؤهم، إطارات ومناضلين في حزب جبهة التحرير الوطني من برلمانيين وأعضاء اللجنة المركزية السابقة، نعلن للرأي العام ولكافة مناضلي ومناضلات حزب جبهة التحرير الوطني استقالتنا الجماعية من الحزب، ونذكر بمواقفنا السابقة المؤيدة للحراك الشعبي واحتجاجنا إزاء العبث الذي بات يطبع تصرفات وعبث القيادة اللاشرعية التي اختطفت الحزب، وندعو بهذه المناسبة المناضلين والمناضلات الذين يقاسموننا هذا الموقف أن يدرجوا أسماءهم ضمن هذه القائمة ونشرها للرأي العام».. وضمت القائمة: عبد القادر شرار، أمحمد بوعزارة، عيسى خيري، بوعلام جعفر، حكيمي صالح المدعو دجال، نادية حناشي،عبد الرحمن السهلي.

الاستقالة الجماعية من الحزب الحاكم .. خطوة غير مسبوقة

خطوة الاستقالة الجماعية من الحزب الحاكم ـ وهي خطوة غير مسبوقة في الجزائر ـ  تعبر عن حالة الانشقاق والتصدع داخل جبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم)، في ظل مناخ من الاحتقان والغضب الشعبي، والتوتر السياسي.. وكشفت وسائل الإعلام الجزائرية، أن الجهاز الأمني السيادي (المخابرات) ، لم يكن راضيا عن التطورات التي يشهدها الوضع الراهن، وقد حثّ الجهاز السياسيين على محاولة العثور على حل من أجل تهدئة الأمور من جهة، وإقصاء الشخصيات التي لا تحظى بشعبية من جهة أخرى.. بينما يواصل مئات من المحامين والصحفيين وأساتذة الجامعات، احتجاجهم أمام مقر المجلس الدستوري، رفضا للولاية الخامسة للرئيس بوتفليقة، والذي أشاد بالطابع السلمي للمسيرات الشعبية التي شهدتها مختلف جهات الوطن في الأيام الأخيرة وبنضج المواطنين لاسيما فئة الشباب، ودعا إلى الحذر والحيطة من «اختراق هذا التعبير السلمي من  طرف أية فئة غادرة داخلية أو أجنبية التي، لا سمح الله، قد تؤدي إلى إثارة الفتنة وإشاعة الفوضى وما ينجر عنها من أزمات وويلات».بحسب صحيفة الخبر الجزائرية.

تقلصات حادة .. ولادة متعثرة للجمهورية الجزائرية الثانية

وترى الدوائر السياسية في الجزائر، أن المناخ يوحي بتقلصات حادة لولادة متعثرة للجمهورية الجزائرية الثانية، مع مرحلة «ما بعد بوتفليقة»، وأن النظام والمعارضة معا يواجهان تحديات وصعوبات لم يسبق أن تم تقدير حساباتها مسبقا، ولم يستعد النظام لهذه المرحلة، بقدر عدم قدرة المعارضة على التحسب لمتطلبات المرحلة الجديدة التي ترسم مستقبل الجزائر .. ويؤكد مراقبون أن المرحلة المقبلة، تتمثل في التفاوض على رحيل «بوتفليقة»، وأن مئات الألاف من المتظاهرين، شكلوا موجات بشرية، غير مسبوقة في تاريح الجزائر،  أمس الجمعة، وهددوا بـ «العصيان المدني» في حال لم ترضخ السلطة، للمطالب الشعبية بسحب ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، بالإضافة إلى المناشدات القوية لرئيس أركان الجيش أن يسحب غطاءه عن السلطة السياسية ويساند الحراك الشعبي..ولعلّ أبرز مشاهد تظاهرات «مليونية الجمعة» أمس، بحسب تعبير المحلل السياسي الجزائري، محمود بوسالم،  هو تلك الأعداد الضخمة من النسوة اللائي خرجن من كل الأعمار بالرموز الوطنية العريقة، وقد نافست البنات الصغار كبيرات السن في ارتداء لحاف «الحايك» الملفوف بالعلم الوطني، في مشهد يعود بالذاكرة إلى أيام الاستقلال الوطني، فهذا اللباس التاريخي، كان وقت الاستعمار، رمزا للهوية الجزائرية والتحرر الوطني.

«المؤيدون».. صانعو الأزمة

ويرى محللون ومفكرون جزائريون وعرب، أن أزمة الجزائر«صنعها» المؤيدون، الذين أصرّوا على استمرار «بوتفليقة» شكلياً في الحكم على رغم حاله الصحية، وأن المؤيدين ليسوا هم الأنصار الموزّعين في أرجاء المجتمع والمناطق، فهؤلاء مثل سائر البشر يعرفون أن تحميل الشخص فوق طاقته الجسدية مبالغةٌ غير سليمة وغير مبرّرة لإبقائه على رأس الدولة، لكن «المؤيّدين» صانعي الأزمة، بحسب تعبير الكاتب والمحلل السياسي عبد الوهاب بدرخان ، هم تلك المجموعة المستفيدة التي يضمّها ائتلاف مصالح وباتت تُوصف في الدوائر الديبلوماسية بـ«الزمرة العائلية – السياسية – العسكرية – البزنسية»، إذ أحاطت بالرئيس واستطاعت منذ ولايته الثالثة أن تشكّل اللوبي الحاضن للحكم، وما لبثت أن استغلّت مرضه لتبلور خلال ولايته الرابعة المنتهية صيغة «الحكم بالوكالة» عن الرئيس، وباسمه، محتويةً الدولة والحزب الحاكم والأحزاب المتحالفة معه.

  • و المعارضون هم طيف واسع من الأحزاب، بعضٌ منها جدّي ومعظمها باحث عن مصالح مع السلطة، وقد انضمّ إليها في الأعوام الأخيرة عسكريون سابقون ناقمون على التصفيات التي أجراها بوتفليقة أو أجريت بالنيابة عنه. لكن موجة الاحتجاجات جاءت من خارج هذه الأطر، وكان الشباب، أو «جيل بوتفليقة»، الذي لم يعرف رئيساً سواه خلال عشرين عاماً، نواتها الرئيسة التي فاجأت الجميع بقوّتها السلمية وسلوكها الواعي، وعندما تنزل الأزمات الى الشارع فهذا مؤشّر الى أن الساسة فشلوا.

 

 «نصف تنازل».. «نصف حل»

ومن الواضح أن السلطة أدركت ضرورة ضبط النفس لئلا تتحمّل بوضوح مسؤولية اشعال العنف وسفك الدماء، خصوصاً أن بعض أطرافها لم يستبعد هذا الخيار لإخماد الاحتجاجات، وإذ وجدت نفسها مجبرة على تنازلات رأت أن تُقدم عليها شكلياً، كما في الافراج عن صحافيين بعد اعتقالهم أو عدم الضغط على الاعلام الرسمي كي يقلّل من الحراك، ورغم أن النظام معروفٌ بأنه لا يتراجع عادةً أمام ضغط الشارع، بحسب تعبير بدرخان، إلا أنه وقع في مأزق لا يُعالَج بالقوّة ولا بتجاهل المطالب الشعبية، لذا ارتأى الهروب الى أمام بـ «نصف تنازل»، فمضى الى تقديم ترشيح بوتفليقة بالنيابة عنه نظراً الى وجوده في جنيف للعلاج، وأعاد صياغة بيان الترشيح متضمّناً عرضَين جديدَين، أولهما إشارته إلى «تغيير النظام» عبر مؤتمر وطني وتعديلات دستورية، وثانيهما تعهّد (باسم الرئيس) بالدعوة الى انتخابات مبكّرة، أي اختصار الولاية الخامسة بمرحلة انتقالية ،وقد أُريد لهذا السيناريو أن ينزع فتيل الأزمة أو أن يؤجّل انفجارها، ولكن التوقعات فشلت مع موجات الغضب التي تغزو شوارع الجزائر.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]