«أنا محجوزة مع مقاتلي داعش في منزل واحد.. لا تتصلي بي الآن».. كان ذلك نص الرسالة التي أرسلتها مونلي عطالله لوالدتها وهي تختبئ مع 6 من زميلاتها تحت أسرة غرفتهم بعدما دخل مقاتلو تنظيم داعش إلى البيت الذي يعيشون فيه في مدينة كركوك، خلال معركة شرسة انتهت بطردهم من المدينة الشهر الماضي.
وبينما كانت الطالبات يختبئن تحت أسرتهن، كان مقاتلو التنظيم في الدور العلوي من المنزل، ما مكن الطالبات السبع من سماع أحاديثهم، ودعواتهم من الغرفة الأخرى، كما تمكنوا من رؤية اثنين من أعضاء التنظيم كانا يعانيان من جروح خطيرة جراء المعركة مع القوات الأمنية، أحدهما كان مصابا في معدته والآخر في قدمه، واستطعن سماع أنفاسهم اللاهثة الحادة.
تروي عطالله إحدي الفتيات السبع تفاصيل ما حدث في تقرير لصحيفة «واشنطن بوست»، موضحة أنه في لحظة حرك أحد أعضاء التنظيم جسده بشكل مفاجئ وكاد أن يلامس كتفها، قائلة «شعرت أن أمرنا سينكشف في هذه اللحظة».
وأوضحت الصحيفة، أن كل الفتيات اللاتي كن يسكن المنزل مسيحيات تتراوح أعمارهن بين 20-23 عاما، هربن من الموصل قبل عامين حين سيطرة تنظيم داعش على حكم المنطقة.
هؤلاء الفتيات يدرسن في جامعة كركوك، وكن يعيشن في شارع شهد أعنف المعارك بين تنظيم داعش والقوات الأمنية، حيث اتخذ قناصة داعش من أعلى منزلهم ومنازل قريبة لهن نقاط تمركز يطلقون منها النيران وقذائف الهاون.
وهاجم مقاتلو التنظيم مدينة كركوك الغنية بالبترول هجومًا مفاجئًا في 21 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حين ضرب مئات من أعضاء التنظيم المدينة بالقذائف اليدوية الأحزمة الناسفة، وهاجموا مراكز للشرطة في قلب المدينة.
وتقول عطالله، «إنها اختبأت الأول داخل خزانة، واستخدمت الكمبيوتر المحمول لشحن هاتفها، بعد ذلك بدأوا في سماع أصوات بالخارج وصوت تكسير زجاج في المطبخ، هؤلاء الرجال الذين كانوا في المنزل كانوا يأكلون ويتحدثون، ثم رحلوا بعد ذلك».
وذكرت الصحيفة، أن الطالبات استطعن إحضار 3 سكاكين من المطبخ، واختبئن تحت أسرتهن، قبل أن يتمكن من الخروج من الباب الخلفي عند الرابعة عصرًا، وبقوا في الفناء الخلفي للمنزل حتي أتت قوة من قوات الطوارئ الشرطية وأنقذتهن.
وأوضحت عطالله أنهن صلوا كثيرًا حين دخل المقاتلون غرفتهن، لكن الكهرباء كانت مقطوعة وكان أصوات إطلاق النيران والتفجيرات في الخارج عالية جدا، وتعتقد أن الظلام والضجيج في الخارج هو ما أنقذهن من أن يكتشف أعضاء التنظيم وجودهن.
وقالت راهبة تدعي يٌمني، بحسب الواشنطن بوست، إنها في ذلك اليوم رأت أعضاء من التنظيم يقفزون داخل بيت الطالبات، حيث تقول «دعونا لهم».
وعن سلوك أعضاء التنظيم داخل المنزل، قالت عطالله، كانت «هادئة ومدروسة، ناقشوا كيفية الخروج من المنزل وتحدثوا في هواتفهم»، مضيفة «لم يكونوا مذعورين، ولم يرفعوا أصواتهم، بدوا وكأنهم من وحدات مختلفة لا يعرفون بعضهم البعض جيدًا».
وأضافت عطالله، أنها تحدثت مع قس من الكنيسة طالبها أن تبقي هادئة ولا تترك المنزل، إضافة إلى رسالة أرسلتها للمنسق الأمني المسؤول عن بيت الطلاب، والذي وعد بأنه سيخرجهن من المنزل.
وواصلت قصتها، «كان المقاتلون يدخلون ويخرجون من الغرفة، وفي إحدى المرات أحدهم أغلق الباب، لكنهم عادوا وفتحوه، وعندما تأكدت الطالبات أن لا أحد في الغرفة بدأون يهمسن لبعضهم البعض، وعند منتصف الليل وصلتهن رسالة من المسؤول الأمني للمنزل تطالبهن بالهروب من الباب الخلفي للمنزل واحدة تلو الأخرى.
وعقب ذلك بقليل حدث انفجار مروع في المنزل، وقال عماد أبو رياض، المسؤول الأمني عن البيت، إنه غير متأكد بالضبط ماذا حدث، لكنهم عثروا على جثث لأربعة من المقاتلين، يرجح أن أحدهم فجر نفسه بالخطأ.
