تشهد دول المغرب العربي (الجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا) استنفارا امنيا وعسكريا، تحسبا للنتائج المتوقعة، نتيجة التدخل الأمريكي ضد التنظيم الإرهابي “داعش ” في ليبيا، وقصف قواعده في مدينة سرت.
وتشير الدوائر العسكرية والأمنية، في الجزائر، إلى أن الضربات الجوية للتحالف الدولي ضد مواقع “داعش” في سوريا والعراق، فعت عناصر التنظيم للهروب إلى ليبيا، حسب تقارير رسمية استخباراتية غربية، ولذلك فإن الضربات الجوية الأمريكية في سرت الليبية ضد عناصر “داعش”، من شأنها أن تزيد من متاعب الجيش الجزائري لمنع تسلل العناصر الإرهابية الهاربة باتجاه الحدود الجزائرية الليبية، وهي الحدود الأكبر مع دول الجوار.
ومن جانبه، حذر الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، من تداعيات التدخل الغربي عسكريا في ليبيا، مشيرا إلى أن التدخل الأجنبي يجر دوما وراءه انعكاسات سلبية تدفع فاتورتها الدول العربية، وهو ما يتوقع حدوثه من وراء الضربات الجوية الأمريكية ضد تنظيم “داعش” في ليبيا. إذ حتى وإن كانت هذه الضربات قد جاءت بطلب من حكومة السراج، ومحدودة في المكان حسب البنتاغون (أي مدينة سرت التي تقع على بعد 450 كلم من العاصمة طرابلس)، ومرحب بها من قبل القاهرة وروما، غير أنها ستتسبب في متاعب لدول جوار ليبيا، وخصوصا الجزائر التي يربطها شريط حدودي طويل عريض يصعب مراقبته.
وتتخوف الدوائر السياسية والعسكرية، في دول المغرب العربي، من هروب عناصر”داعش” تحت ضغط القصف الأمريكي لقواعد التنظيم في ليبيا، إلى دول الجوار، وقال الخبير العسكري التونسي، اللواء مسعود بن علي ، نحن نتخوف من تكرار تجربة الضربات ضد داعش في سوريا، والتي دفعت عناصر التنظيم إلى الهروب إلى ليبيا، ومن شأن الضربات الأمريكية في سيرت، أن تدفع عناصر التنظيم إلى الفرار نحو دول الجوار، وهي تونس والجزائر ومصر على الأرجح، وكذلك موريتانيا، وهناك بالفعل تنسيقا أمنيا بين دول الجوار الليبي، وهناك حالة استنفار قصوى في الجزائر تحديدا، ونفس الحالة “المتاهبة” في بقية دول المغرب العربي.
وترجع حالة الاستنفار الأمني والعسكري، في دول المغرب العربي، إلى حقائق تؤكد وفقا لأرقام ليبية، وأخرى أعلنت عنها تقارير استخباراتية غربية، أن تنظيم “داعش” في ليبيا يتواجد به ما بين 5 إلى 6 آلاف عنصر ينحدر أغلبيتهم من تونس والمغرب، وبدرجة أقل من الجزائر وبعض دول الساحل، على غرار مالي، النيجر، نيجيريا، ما يعني أن هروب هذه العناصر من الحصار الجوي في ليبيا، سيعيدهم إلى منطقة التجنيد الأولى .. وهو ما حذر منه وزير الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، من أن يقوم عناصر من تنظيم داعش يفرون من مدينة سرت، معقلهم الرئيسي في ليبيا، بتشكيل خلايا جديدة في مناطق أخرى، وفي شمال إفريقيا.. وأعرب بان”كي مون” عن مخاوفه في تقرير سري إلى مجلس الأمن، الأسبوع الماضي “أن الضغوط التي تمارس مؤخرا على تنظيم داعش في ليبيا قد تحمل عناصره بمن فيهم المقاتلون الأجانب، على نقل مواقعهم وإعادة التجمع في خلايا أصغر وأكثر انتشارا جغرافيا، عبر ليبيا وفي الدول المجاورة” .. وبحسب التقرير، هناك نحو خمسة آلاف مقاتل من تنظيم داعش ينحدرون من ليبيا وتونس والجزائر ومصر، وكذلك من مالي والمغرب وموريتانيا، موجودون في سرت وطرابلس ودرنة.
وأشار التقرير أيضا إلى أن عشرات المقاتلين التونسيين عادوا إلى بلادهم، وفي نيتهم تنفيذ اعتداءات، وأن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب، النشط في مالي، وكامل منطقة الساحل، ما زال يحصل على أسلحة وذخائر من ليبيا، وأن الجزائري مختار بلمختار، زعيم جماعة “المرابطون”، الناشطة في منطقة الساحل، ينتقل بسهولة إلى ليبيا، ما يعني أن الضربات الجوية الأمريكية التي تبقى نتائجها محدودة، ستجعل من الحدود الجزائرية الليبية ملتهبة وستزيد من استنزاف قدرات الجيش الجزائري الذي يراقب حدودا مترامية الأطراف، تسعى العناصر الإرهابية إلى عبورها هروبا من القصف الأمريكي والغربي.
واحتج البرلمان الليبي الشرعي، في طبرق، ضد التدخل الخارجي السياسى والعسكرى ،المباشر وغير المباشر ، وحذر من اختراق أمريكا للسيادة الليبية .. ومن جانبه قال المحلل السياسي الليبي ، عمر الدلال، أن أمريكا أغارت على صبراته، دون اذن من أحد، لأسباب تخص سياستها بتونس، كما أنها خطفت وقتلت على الأراضى الليبية، عدة مرات، بمبررات خاصة، ونحن لا نعترض على دعم الليبيين في الحرب على الارهاب، بالأسلحة وكاسحات الالغام والمعدات اللازمة والقصف الجوي عند الحاجة، ولكن لماذا أمريكا تمنع التسلح على الجيش الليبي، وهو يحارب الارهاب لأكثر من سنتين، ولم تدعمه حتى بسيارة اسعاف؟ ولماذا تترك معركة سرت حتى يقتل أكثرمن 450 شاب ويعاق ويجرح حوالى 2000 شاب، دون أن تدعمهم حتى بمضادات الرصاص والمفخخات والالغام؟ وهل توجد دولة في العالم يمكنها أن تدخل في معاهدات دولية، أو أن تستدعى تدخلا عسكريا أجنبيا دون موافقة “البرلمان”؟
كان البرلمان الليبي، أصدر بيانا، يدين التدخل الأمريكي دون أذن من الشرعية الليبية ن متمثلة في البرلمان الليبي .
