سعى رئيس وزراء إسبانيا ماريانو راخوي منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، عندما أعلنت نتائج الانتخابات النيابية، لتشكيل حكومة إئتلافية عقب فشل أي حزب في نيل غالبية مقاعد البرلمان، إلا أن المهلة التي أعطاها الملك فيليب السادس لذلك انتهت ليدعو اليوم، الثلاثاء، لانتخابات برلمانية مبكرة في 26 يونيو/حزيران المقبل.
وانتهت مهلة التوصل لاتفاق بين الأحزاب لتشكيل الحكومة مع دقات منتصف ليلة الأمس، الاثنين، وقالت صحيفة «جارديان» البريطانية، إن لعبة اللوم بدأت بالفعل عقب الانتخابات الماضية، فكل حزب بات يلوم الحكومة المنتهية ولايتها على الوصول إلى هذه الأزمة التي يترتب عليها تأجيل حلول كثيرة للمشكلات التي وقعت فيها البلاد لما بعد 3 أشهر على الأقل، فلا يبدو أن حزبا واحدا سيتمكن من الفوز بالأغلبية، بينما تتطلب الحكومة الائتلافية جولات من المحادثات واتفاقا بين أحزاب الأكثرية، وهو ما فشلت فيه تلك الأحزاب خلال الأشهر الخمسة الماضية.
وفي انتخابات 20 ديسمبر/كانون الأول 2015، حصل الحزب الشعبي، الذي يتزعمه راخوي ويمثل يمين الوسط، على 123 مقعدا من أصل 350 في مجلس النواب، وأظهرت تلك النتائج انهيارا في كتلته النيابية بفارق 186 مقعدا عن نتائج انتخابات 2011، بينما حصل الحزب الاشتراكي على 90 مقعدا، بينما حصل حزب اليسار المتطرف بوديموس على 69 مقعدا، ويسار الوسط سيودادانوس على 40 مقعدا.
وترجع الأزمة السياسية في إسبانيا، إلى 2014، عندما أظهرت تحقيقات في قضايا فساد كبرى، تورط أعضاء في حكومة راخوي، الذي يشغل منصبه منذ 2011 حتى الآن، وأمرت النيابة باعتقال 41 شخصية بينهم مسؤولون كبار على خلفية تلك الاتهامات، من ثمّ رصدت استطلاعات الرأي تراجعا ملحوظا في نسبة مؤيدي الحزب الشعبي الحاكم، حتى وصلت اليوم، الثلاثاء، لمرحلة تدخل الملك لحل البرلمان للمرة الأولى في تاريخ البلاد.
أجرى راخوي اتصالات ولقاءات بزعماء الأحزاب السياسية في إسبانيا من الوهلة الأولى لإعلان النتائج المخزية بالنسبة لحزيه، إلا أنه فشل في إقناعهم بتشكيل حكومة إئتلافية، فقد أصر الاشتراكيون، متصدرو المعارضة، على عدم منح الائتلاف الحاكم الثقة مجددا.
ورفض راخوي في 22 يناير/كانون الثاني الماضي، عرضا من الملك فيليب السادس بتشكيل حكومة جديدة، وفقا لما أعلنه القصر الملكي، إلا أن الأخير فشل كذلك في التوصل لمرشح آخر لشغل منصب رئيس الوزراء، وستشهد البلاد في يونيو/حزيران ثاني انتخابات برلمانية في 6 أشهر، إلا أن كثيرا من التوقعات تفيد بأن الانتخابات المبكرة قد لا تعطي أغلبية مريحة لأحد الأحزاب تمكنه من تشكيل الحكومة.
وتعد الانتكاسة التي نالت من رئاسة الشعبي للحكومة، بعد فضيحة الفساد من جهة، وفرض الحكومة لإجراءات تقشفية من جهة أخرى، فقد جاءت الانتخابات وسط أجواء اقتصادية متدهورة في البلاد، زادت فيها خلال السنوات الخمس الماضية معدلات البطالة والتضخم وفرضت حكومة الحزب الشعبي ضرائب إضافية، وهو ما يزيد من فرص الأحزاب المنافسة له، إلا أنها قد لا تتيح لأحدهم تشكيل حكومة بعيدا عن التحالفات.
