الأزمة السورية.. تفاهم مشترك على هامش النقاط العالقة
يبدو أن الوقت لم يحن بعد للتوافق حول أسس الحل السياسي للأزمة السورية، بعد أن كشفت مؤشرات اجتماع “فيينا 2″، أمس الجمعة، عن تفاهم مشترك بشأن ضرورات البحث عن الحل السياسي، ولكن على هامش النقاط العالقة، سواء بشأن مصير الرئيس السوري، بشار الأسد، أو توصيف “المعارضة السورية المعتدلة” ومشاركتها في العملية السياسية، وكانت النتيجة فشل الاجتماع في تضييق الهوة الفاصلة بين الولايات المتحدة وحلفائها الذين يدعمون المعارضة والمسلحين، وبين أبرز حلفاء الحكومة السورية، روسيا وإيران، رغم طرح أسس لبدء عملية سياسية برعاية الأمم المتحدة، حسب تأكيد مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني.
البيان الصادر عن “فيينا 2” لا يحمل جديدا بقدر التعبير عن “رؤية عامة” للحل دون تحديد جدول زمني، أو التزامات محددة لأطراف الصراع في سوريا، أو الدول الراعية للحل السياسي، واكتفى البيان بطرح ثلاث نقاط؛ هي: تشكيل حكومة ذات مصداقية وتشمل الجميع وغير طائفية على أن يعقبها صياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات جديدة تشمل جميع السوريين بمن فيهم السوريون في الشتات وجميع الإثنيات، وتحسين خدمات توصيل المساعدات الإنسانية سواء إلى السوريين الذين يعيشون داخل سوريا أو أولئك الذين اضطروا للخروج من البلاد.
ولم يتطرق الاجتماع للتفاصيل “التي يكمن فيها الشيطان”، حسب تعبير المحلل السياسي السوري، حسين عبيدات، خاصة وأن الولايات المتحدة وتركيا والسعودية ودول الخليج العربية الأخرى تصر على أن الأسد لا يمكن أن يقوم بدور في مستقبل سوريا.
الخلافات الجوهرية لا تزال قائمة بين الدول المشاركة في اجتماع “فيينا 2″، إلا أنهم اتفقوا على العودة للاجتماع خلال أسبوعين في “فيينا 3″، في مسعى جديد للتوصل إلى تفاهم مشترك حول التفاصيل وتسريع كل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب، ولكن بقيت حقيقة أن محادثات “فيينا 2” دارت كلها حول الحلول الوسط، والتي لم تحظَ بالتوافق، مع افتراض “سوء النوايا” مثلما حدث مع تأكيد وزير خارجية إيران بأن بلاده مستعدة للتوصل لحل وسط بقبول بقاء الرئيس السوري بشار الأسد ستة أشهر، لكن وزراء خارجية الدول “المناهضة” للنظام السوري الحاكم، لم يجدوا في هذا الاقتراح تنازلا جديدا من جانب طهران لأن انتخابات جديدة قد تبقي الأسد في السلطة وهو الذي حققت حكومته نصرا سهلا في انتخابات أجريت العام الماضي.
في الوقت الذي اختتمت فيه الجولة الثانية من مفاوضات “فيينا – 2” دون نتيجة تُذكر سوى الاتفاق على اللقاء مُجددا ولكن “دون تحديد موعد”، يؤكد الخبير الفرنسي مارك فينو، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، أن هناك مسؤولية كبرى “للقوى العظمى” في بروز هذه الأزمة، وفي تحديد معايير حلها “وفقا لمصالحها”، متسائلا عن حيّز المناورة الذي لا زال متاحا لدى الأطراف السورية المتناحرة من أجل بلورة الحل النهائي للأزمة المُستعرة في البلاد.
وحذر مارك فينو، من عدم الحسم داخل اجتماعات “فيينا” بهدف ربح الوقت في محاولة لتحقيق انتصارات عسكرية على الأرض، لصالح المعارضة السورية المسلحة، وهو يعد تخطيطا خاطئا ولن يأتي بنتائج إيجابية حيث يمكن أن يُعرّض النظام أو المعارضة على حد السواء الى فقدان الميدان.
تقرير مركز دراسات الشرق الأدنى بالسويد، خلص إلى أن المباحثات الجارية حول الحل السياسي للأزمة السورية، سوف تبقى رهينة السؤال: أين تفترقان وتتفقان موسكو وواشنطن حول سوريا؟، حيث تقر موسكو بأن الطريق الوحيد لحل المشكل في سوريا هو عبر انتقال سياسي يحمل طابعا شاملا ويحافظ على الوحدة التراتبية للدولة وقواتها المسلحة، لكن واشنطن ترى مفتاح التسوية في سوريا، كما في السابق، في رحيل رئيس البلاد بشار الأسد.
