سيتوجه نحو 25 مليون ناخب عراقي، الأحد، إلى صناديق الاقتراع في انتخابات تشريعية مبكرة، تشكل نسبة المشاركة فيها “الأمر الأكثر تشويقا”، نظرا لاستياء العراقيين بصورة عامة من الحكام والمسؤولين والقادة السياسيين.
وتعد الانتخابات العراقية المبكرة نتيجة مباشرة لـ”ثورة تشرين”، وهي الانتفاضة الشعبية، التي تفجرت في عام 2019 ضد الطبقة الحاكمة، ولكن ورغم الوعود الحكومية بضمان نزاهة العملية الانتخابية قررت العديد من القوى السياسية مقاطعة ذلك الاستحقاق.
وعاشت البلاد في العقدين الأخيرين على وقع الحروب والفساد، تحدث خلالها المتنافسون على السلطة لغة السلاح والمبارزة، فيما ظلّ مستوى معيشة السكان يتراجع لما لا نهاية.
مطلب شعبي
وأضاف إياد العنبر، أنه يجب التفريق بين الممارسة الانتخابية وبنية النظام السياسي، لأن بنية النظام السياسي قائمة على أساس الصفقات والتوافقات بين الأحزاب، وبعيدا عن الأوزان الانتخابية لذلك المشاركة في الانتخابات لم يكن مؤثرا في كل الانتخابات السابقة.
كما أوضح إياد العنبر، أنه لا يمكن أن نتكهن بالخطوة القادمة، على اعتبار أن هناك تطورا جديدا يتعلق بموقف التيار الصدري بتصريحها أنه سيتصدر رئاسة الوزراء، وذلك على عكس ما كان يحدث في الانتخابات السابقة.
يشار إلى أنه يحق لأكثر من 25 مليون عراقي التصويت لانتخاب 329 عضوا في مجلس النواب الجديد، حيث يتنافس في السباق الانتخابي 3 آلاف و243 مرشحا في 83 دائرة انتخابية.
ومن بين هؤلاء 789 مرشحا من المستقلين، والبقية موزعون ما بين 110 أحزاب و22 تحالفا سياسيا من القوائم الانتخابية.
وحذر مراقبون من احتمالية تدني نسبة المشاركة والتي قد تقل عن 40% وهي نسبة التصويت في الانتخابات البرلمانية السابقة في 2018، بحسب بيانات حكومية.
معارضون للانتخابات
وفي مقدمة القوى، التي تعارض الانتخابات هي تحالف البيت الوطني، الذي يعد الممثل الأبرز للحراك الشعبي، فضلا عن إعلان 8 أحزاب سياسية مقاطعة الانتخابات، أبرزها حزب أبناء النهرين، الذي يمثل الحراك الشعبي أيضا، وحزب المرحلة، المدعوم من رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، والحزب الشيوعي.
أما المكونات السنية، فأبرزها تحالف “تقدم” وتحالف “عزم العراق” وتحالف “جبهة الإنقاذ” وعدد من الأحزاب الصغيرة، في حين ينقسم المكون الكردي ما بين حزبين رئيسيين، هما “الديمقراطي الكردستاني” و”الاتحاد الوطني الكردستاني”.
شكل الحكومة
ومن الأنبار، قال الدكتور عبد الحليم قاسم، أستاذ القانون الدستوري، والمختص في النظم الانتخابية، إن خارطة التحالفات هي التي ستحدد شكل الحكومة العراقية القادمة، لأن النظام السياسي العراقي نظام برلماني، وبالتالي لن تحصل كتلة معينة على تشكيل الحكومة.
وأضاف عبد الحليم قاسم، أن الائتلافات والتحالفات هي التي ستتحكم في المشهد العراقي، ولكن المسألة الأساسية هي أن هناك تغييرا في النظام الانتخابي، وأصبح لدينا دوائر صغير وكتلة من المستقلين، مشيرا إلى أن الانتخابات ستزيد ثقة المواطن بعملية الاستحقاقات.
وأكد عبد الحليم قاسم، أن الانتخابات التشريعية التي تنطلق غدا ستكون من أفضل الانتخابات التي شهدها العراق منذ عام 2003 ولغاية 2021، موضحا أن العراقيين يعتقدون أن الانتخابات نتائجها محسومة ومعروفة مسبقا، ولكن الحقيقة غير ذلك.
اهتمام عربي ودولي
وفي السياق ذاته، تتركز أعين قوى إقليمية ودولية على الانتخابات التشريعية في العراق، وما ستسفر عنه من نتائج، وربما تغييرات في الخارطة السياسية للبلاد.
تعد تلك الانتخابات هي الخامسة منذ التدخل الأمريكي، الذي أوجد نظاما معقدا تتنافس فيه القوى السياسية على أساس طائفي أو عرقي.
ولاعتبارات سياسية وطائفية تقف إيران في مقدمة القوى التي تترقب ذلك الاستحقاق الانتخابي، كذلك تتابعه الولايات المتحدة الأمريكية عن كثب، خاصة بعد انسحابها عسكريا من هناك.
وإلى جانبهما، تقف دول عربية ودول أخرى في المنطقة، بانتظار معرفة هوية السلطات المنبثقة عن تلك الانتخابات، والتي سيتحدد معها شكل ومستوى علاقات العراق إقليميا ودوليا.
وأكدت رشا العقيدي، كبيرة الباحثين في معهد نيولاينز للدراسات الاستراتيجية، أن الولايات المتحدة الأمريكية مهتمة بالانتخابات البرلمانية العراقية بالرغم من تفضيلها التركيبة الحكومية الحالية.
وأضافت رشا العقيدي، أنه بالنسبة لـ”التصويت الخاص”، الذي جري أمس الأول لمنتسبي الأجهزة الأمنية والنازحين كان هناك توجه واضح نسبيا، ولكنه أمر طبيعي، لافتة إلى أن واشنطن تأمل أن تكون الانتخابات العامة التي ستنطلق غدا أن تكون مختلفة.
واستكملت رشا العقيدي، قائلة: “لا أعتقد أن الانتخابات العراقية ستأتي بجديد، لن يكون هناك تغيير كبير”.
جدير بالذكر أن الرئيس العراقي، برهم صالح، قال السبت، إن الانتخابات البرلمانية المقررة الأحد، فرصة لبناء دولة قادرة ومقتدرة تصحح المسارات الخاطئة وتحقق العدالة، داعياً العراقيين للمشاركة بكثافة، قائلاً إن “المشاركة الواسعة بالانتخابات ستكون نقطة تحول في بلدنا”.
وأضاف صالح، في كلمة متلفزة، أن “تأسيس عقد سياسي واجتماعي جديد لن يتحقق إلا بتشكيل مجلس نواب يعبر عن الإرادة الحقيقة للعراقيين دون وصاية أو تلاعب”.
وأشار إلى أن انتخابات الأحد، يجب أن تكون “لحظة وطنية لاستعادة المبادرة وتحقيق الإصلاح المنشود”.
