في الوقت الذي تصاعدت فيه حدة التوترات في البحر الأحمر على خلفية المواجهة بين الحوثيين في اليمن والحلف البحري الذي تقوده أميركا وبريطانيا، تشهد مسطحات مائية أخرى على مستوى العالم أزمات متباينة، بين حروب قديمة لا تزال سارية كما هو الوضع في البحر الأسود بين روسيا وأوكرانيا، وكذلك الأوضاع المؤهلة للاشتعال مستقبلا في بحر الصين الجنوبي مع التحركات الصينية والنزاع مع الفلبين. عدا عن أزمة انخفاض منسوب المياه في قناة بنما الأمر الذي يعرقل حركة جانب غير يسير من حركة التجارة العالمية.
البحر الأحمر.. الأوضاع مشتعلة
في 9 يناير 2024، أطلق الحوثيون أحد أكبر هجوماتهم في البحر الأحمر، إذ أطلقوا نحو 18 مسيرة و3 صواريخ مضادة للسفن، أعقب ذلك استيلاء إيران على حاملة نفط كانت محملة بالنفط العراقي ومتوجهة إلى تركيا، واستولت عليها البحرية الإيرانية قبالة عمان.
وفي 12 يناير شنت القوات الأميركية والبريطانية هاجمت 28 موقعا داخل اليمن وأصابت 60 هدفا.
وشن الحوثيون أولى هجماتهم عبر البحر الأحمر في 19 أكتوبر، أي بعد نحول أسبوعين من اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وفي 19 نوفمر استولى اقتاد قطع بحية تابعة للحوثيين السفين غالاكسي ليدرز وطاقمها إلى السواحل اليمنية.
وبات البحر الأحمر ساحة مواجهة، الأمر الذي اضطر الكثير من شركات الشحن إلى تغيير مسارات سفنها، وخوض مسارات بحرية أطول لتفادي التوترات في جنوب البحر الأحمر، وهو الأمر الذي أدى إلى ارتفاعات كبيرة في كلفة الشحن والطاقة. مع ارتفاع الطلب على الشحن الجوي.
وتتصاعد التوترات في الممر الملاحي المهم، إذ استهدف الحوثيون، في وقت متأخر من الخميس، السفينة الأميركية كيم رينجر في خليج عدن بصواريخ بحرية.
وذكر المتحدث في بيان أن الهجوم أسفر عن “إصابة مباشرة”.
وجاء في البيان أن “القوات المسلحة اليمنية تؤكد أن الرد على الاعتداءات الأميركية والبريطانية قادم لا محالة وأن أي اعتداء جديد لن يبقى دون رد وعقاب”.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد أعلن في وقت سابق اليوم أن الضربات الأميركية البريطانية التي تستهدف الحوثيين في اليمن ستستمر ما داموا يواصلون هجماتهم على السفن في البحر الأحمر، فيما أعلن البيت الأبيض شن ضربات جديدة على صواريخ للمتمردين.
وكان الجيش الأميركي قد شن فجر الخميس، للمرة الرابعة في أقلّ من أسبوع، ضربات في اليمن على مواقع للحوثيّين، واستهدفت صواريخ كانت معدّة لإطلاقها على خطوط الملاحة البحرية التي أصبحت منذ أسابيع هدفاً لهجماتهم.
البحر الأسود.. حرب روسيا وأوكرانيا
وبالتوازي مع هذه التوترات في البحر الأحمر، لم تنقطع المواجهة بين روسيا من جهة، وأوكرانيا وحلفائها من حلف الناتو من جهة أخرى.
ففي 26 ديسمبر الماضي، أعلن سلاح الجو الأوكراني، أنه دمر سفينة تابعة للأسطول الروسي في البحر الأسود، في القرم، اشتبه في أنها تنقل طائرات مسيرة إيرانية الصنع تستخدمها موسكو في حربها ضد كييف.
وقال سلاح الجو في منشور على تطبيق تليغرام إن «سفينة الإنزال الكبيرة نوفوتشركاسك دمرت» على أيدي طياري القوات الجوية في فيودوسيا في شبه جزيرة القرم.
أما في السادس من يناير، فقد ذكرت وزارة الدفاع الروسية، في تقريرين، إن وحدات الدفاع الجوي الروسية أسقطت صواريخ وطائرات مسيرة في سلسلة من الهجمات الليلية فوق شبه جزيرة القرم والجزء الغربي من البحر الأسود.
وذكر تقرير أولي للوزارة على تطبيق تيليغرام أن وحدات الدفاع الجوي «أحبطت محاولة هجوم إرهابي» من خلال اعتراض 5 طائرات مسيرة فوق البحر الأسود حوالي الساعة الثامنة مساء (1700 بتوقيت غرينتش).
وذكر تقرير ثانٍ أنه تم اعتراض وتدمير أربعة صواريخ موجهة أوكرانية في الساعة 12.30 صباح اليوم السبت فوق شبه جزيرة القرم.
بحر الصين الجنوبي.
قناة بنما.. الجفاف
تعتمد قناة بنما في توفير المياه فيها على بحيرة غاتون. وتعاني البحيرة من انخفاض منسوب المياه فيها بسبب موسم جفاف يضرب بنما. فعلى مدار السنوات منذ 2015 وحتى 2023، كان أعلى معدل للمياه في البحيرة 88 قدما. بينما يتجه المنسوب حاليا في البجيرة إلى حدود 78 قدما.
أدى هذا إلى إعلان قناة بنما، خفض عمق غاطس السفن المارة عبرها عدة مرات، فبدءا من مايو الماضي تم خفض الغاطس من 45 قدما إلى 44.5 قدم، ثم تم خفضه مرة أخرى إلى 44 قدماً، ثم إلى 43.5 قدم.
وأسفر ذلك عن تخفيف كبير لحمولات السفن، كما أدى ذلك إلى زيادة عدد ساعات الانتظار، فالقناة التي كانت قد وصلت في ذروتها إلى معدل عبور يومي 37 سفينة. تراجعت الآن إلى معدل 32 سفينة. مع معدل انتظار عبور يصل إلى 21 يوما.
زيادة مدة الانتظار، وكذلك خفض حمولات السفن سيؤديان إلى زيادة حتمية في رسوم العبور. ولذلك أعلنت هيئة قناة بنما في مطلع سبتمبر 2023 أنها تعتزم تقييد حركة الملاحة لمدة عام كامل، بعدما بدأت قبل ذلك التاريخ بأسابيع في فرض إجراءات بسبب الجفاف الذي أدى لانخفاض مستوى المياه اللازمة لتشغيل هذا الممر الحيوي للتجارة البحرية بين المحيطين الأطلسي والهادئ.
وتستحوذ قناة بنما على 5% من حجم التجارة العالمية.
بحر الصيني الجنوبي.. مناوشات صينية فلبينية
شهد مطلع العام الحالي توترات بحرية في منطقة بح الصين الجنوبي، سيما في إطار النزاع بين مانيلا وبكين بشأن منطقة توماس شول الثانية والتي تبعد عن بالاوان في الفلبيين بنحول 105 أميال بحرية، بينما تبعد 600 ميلا بحريا عن هاينان الصينية.
ووقعت عدة حوادث بين سفن البلدين، بما في ذلك الاصطدامات وإطلاق سفن خفر السواحل الصينية خراطيم المياه على السفن الفلبينية – في حين قامت الصين والتحالف الفلبيني الأمريكي بدوريات بحرية وتدريبات عسكرية في المنطقة.
وقالت مجلة ديبلومات المختصة في أخبار الصين ومنطقة المحيط الهادي في تقرير لها بتاريخ 17 يناير: “إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فقد تؤدي المواجهات المستقبلية إلى سقوط قتلى في أي من الجانبين، وربما يؤدي ذلك إلى رفع النزاع إلى مستوى قد تشعر فيه الولايات المتحدة بالضغط الذي قد يحملها على الدفاع عن الفلبين. ووعدت واشنطن باحترام معاهدة الدفاع المشترك مع الفلبين لمساعدة السفن الفلبينية إذا تعرضت لهجوم في أي مكان في بحر الصين الجنوبي”.
