في ظاهرة تعد الأولى من نوعها، قام أهالي قرية في شمال صعيد مصر بتنفيذ وإنتاج “الحجايرة غرب” كأول مسلسل درامي مُستوحى من الواقع، بث عددًا كبيرًا من الرسائل المجتمعية المهمة، في محاولة منهم لتسليط الضوء عليها والوقوف على معالجتها، بالإضافة إلى نقل صورة حقيقية عن قرى الصعيد التي لم تتناولها الدراما التليفزيونية بالشكل التي هي عليه، على حد قول فريق العمل.
وحقق مسلسل الحجايرة غرب الذي يحاكي واقع قرية تسمى برطباط الجبل بمحافظة المنيا “عروس الصعيد” آلاف المشاهدات عبر بثه على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، ويوتيوب من خلال قناة “فركش” التي أنشأها الأهالي.
مشاهد جمة نقلها أبطال المسلسل عبر هذه التجربة الفنية الفريدة من نوعها، سلطت الضوء على قضايا مجتمعية لا تشغل الصعيد وحده، وإنما مصر كدولة، ولربما يمتد أثرها إلى الوطن العربي، وعلى رأسها معالجة قضية الطائفية، إذ صور أحد المشاهد كيفية تعامل الجار المسيحي ومساندته جاره المسلم، وكيف يشاركه همومه.
مشهد آخر بيّن حاجة الصعيد لتفعيل المستشفيات التي لاقت تجاهل المسؤولين سواء عبر خلوها من أقل الأجهزة الطبية أو الأطباء أنفسهم في معظم فترات الوقت، وذلك عبر تصوير مقطع دلل على وجود مستشفى مقام على نحو خمسة أفدنة وعمره يزيد على 90 عامًا، إلا أن حالات عدة تفقد حياتها لخلوه من حتى الإسعافات الأولية التي ربما تنقذ حياة كثيرين، لا سيما أن أقرب مستشفى مجهز يقع في مركز مغاغة الذي يبعد عن القرية مسافة لا تقل عن 35 كيلومترا.
مشهد ثالث جسده أبطال “الحجايرة غرب” يسلط الضوء على العقول المستنيرة في قرية برطباط بشكل خاص، وفي قرى كثيرة بصعيد مصر بشكل عام، مبرزًا عقولا تتسلح بالفن والثقافة والعلم وغيرها من الأسلحة، إلا أن ذويها لا يجدون من ينمّي هذه المواهب، مطالبين من خلال المسلسل، بضرورة إنشاء قصر ثقافة يكون نواة لمحاولة تثقيف من يحتاج إلى توعية، للتخلص من بعض العادات التي ربما تنقل صورة منقوصة عن أهالي الصعيد.
صمم أبطال المسلسل، وفق تصريحات عدد منهم لـ”الغد” ،على أن تجسيد العمل بلهجة أهل القرية، التي لا هي بالصعيدية البحتة التي ينطق بها “الصعيد الجواني”، ولا هي بلهجة دلتا مصر، وإنما وسط بين الاثنتين بغرض تعريف المجتمع بهوياتهم الخاصة.
ظهور العنصر النسائي في العمل كان مفاجأة أخرى وليس أخيرة لنقل صورة حقيقية عن المرأة الصعيدية التي لطالما أظهرها كثير من الأعمال على أنها تعيش في مجتمع مغلق، وتتسم بالجهل والسذاجة، إلا أن مشاركة عدد من سيدات القرية، حاصلات على مؤهلات عليا وغير حاصلات، تؤكد نضج عقلهن من خلال ما أدين من رسائل، وكيف أنهن مختلفات تمامًا عما تحاكيه بعض الدراما الصعيدية.
ولم ينس العمل قضية الصراع بين الخير والشر عبر تجسيد شقيقين، يمثلان طرفي المعادلة، لتحقيق الهدف الأسمى من أي عمل يُقدم، ألا وهي كيف أن النصر في النهاية للخير، مهما طالت أيادي الشر.
وأخيرًا وقوف أهالي القرية بجوار أبطال العمل الفني المتكامل الذي تم تنفيذه بجهود ذاتية بحتة وبإمكانيات محدودة، حتى إن أحدًا لم يتقاض مليمًا واحدًا أثناء تأديته دوره، يدلل على رغبة الجميع في التطلع إلى الأفضل وسبر أغوار المدينة، ومحاولة لفت نظر المسؤولين للاهتمام أكثر بأبناء الصعيد، وأنهم حلقة مهمة ينهض البلد بهم متى نهضوا.
في الختام وجه أبطال العمل الشكر لكل من ساندهم لإنجاح العمل، مرحبين بالدعم المعنوي الذي لاقوه سواء عبر المشاهدات المرتفعة للحلقات الثماني التي أذيعت حتى كتابة التقرير، أو عبر ذكرهم في وسائل الإعلام المختلفة، آملين في إتمام العمل وإخراجه في أفضل صورة ممكنة، وراغبين أيضًا في أن يؤدي رسالته المرجوة.
