السيول تُغرق الشرق الليبي.. إعلان الحداد العام ومطالبات بالدعم الدولي

أكد النائب العام الليبي، المستشار الصديق الصور، أن التحقيقات بشأن كارثة العاصفة الأخيرة التي ضربت مدينة درنة ستستغرق وقتا، مشيرا إلى أن هناك عزيمةً وإصرارا على محاسبة المسؤولين.
وأضاف النائب العام، إنه «لا يمكن الإعلان حاليا عن تفاصيل التحقيقات»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه «لا حاجة لطلب مساعدة دولية للتحقيق في كارثة درنة».
في غضون ذلك ، أعلنت خمس دول غربية، دعمها دعوة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي بشأن إرساء «آلية وطنية ليبية موحدة» للمضي قدمًا في جهود إعادة إعمار المناطق المتضررة من الفيضانات.
وكانت البعثة الأممية اعتبرت أن المبادرات الأحادية بشأن إعادة الإعمار تعطي نتائج عكسية، وتعمق الانقسامات القائمة في البلاد.

برنامج حصة مغاربية، ناقش تطورات التحقيق في كارثة مدينة درنة، ومدى استجابة الأطراف الليبية لمباردة باتيلي بشأن إعادة إعمار درنة والمناطق المنكوبة من الفيضانات مع الدكتور ميلاد الجمالي أستاذ العلوم السياسية، وإدريس أحميد، الكاتب والباحث السياسي.

قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» إن أكثر من 16 ألف طفل في شرق ليبيا نزحوا جراء العاصفة دانيال، مشيرة إلى أن سلامتهم النفسية والاجتماعية على المحك، خصوصا وأن هناك عددا أكبر بكثير من الأطفال تأثروا بسبب نقص الخدمات الأساسية، مثل الصحة والتعليم وإمدادات المياه الصالحة للشرب.

وأكدت اليونيسف أنها تعمل مع السلطات والشركاء منذ بداية المأساة للاستجابة للاحتياجات العاجلة للأطفال والأسر في المناطق المتضررة.

في غضون ذلك، أعلنت الحكومة المكلفة من مجلس النواب، بدء صرف التعويضات للمتضررين من العاصفة دانيال، مطلع الأسبوع المقبل، وذلك بعد تسليم صكوك التعويضات إلى عمداء البلديات المتضررة.

حول هذا الموضوع، دارت نقاشات الجزء الثاني من برنامج «حصة مغاربية»، الذي يعرض عبر قناة «الغد»، وفيه قالت رئيسة قسم التواصل والإعلام باليونيسف في ليبيا، سعاد المراني، إنه منذ بداية الأزمة واليونيسف تعمل على الاستجابة الإنسانية، بالتنسيق مع السلطات المحلية ومنظمات الأمم المتحدة التي تعمل في ليبيا.

وأشارت إلى أن اليونيسف منذ اليوم الثاني كان على الارض، من خلال الشركاء في الهلال الأحمر الليبي، وفي اليوم الثالث كان اليونيسف بموظفيه وطواقمه موجودا على الأرض للمساعدة في جهود البحث والإنقاذ، كأول رد فعل في أي كارثة مشابهة، ومن ثم تقديم التدخلات المنقذة للحياة، مؤكدة أن اليونيسف حتى الآن قدمت للسلطات أكثر من 67 طنا من مواد منقذة للحياة ومن مستلزمات نظافة وأقراص لتنقية المياه كرد فعل أولى لتوفير احتياجات فورية من مأوى ومياه شرب نظيفة وإمدادات طبية عاجلة.

وأضافت: «انتقلنا إلى المرحلة الثانية الدعم النقسي الاجتماعي، فالأطفال شهدوا ويلات صعبة، وما زالوا، إذ فقدوا منازلهم، والكثير منهم فقدوا أرواحهم، وهناك من فقدوا أصدقاءهم ومدارسهم، وفقدوا إحساسهم بالأمان، وهذه الصدمات لا تزول بانتهاء الأزمة، لذلك شكلنا فرقا متنقلة لتقييم الاحتياجات النفسية وتقديم إسعافات نفسية أولية ودعم نفسي اجتماعي».

من جهته، قال الكاتب والباحث السياسي الليبي، حسين مفتاح، إن الكارثة التي حلت بالجبل الأخضر، وبمدينة درنة بشكل استثنائي هي كارثة غير مسبوقة ونتائجها وخيمة، ألقت بظلالها على كامل المشهد الليبي، والأطفال من أكثر الفئات تأثرا باعتبار أنهم من الفئات الأضعف، والذين دائما ما يكون تأثير مثل هذه الكوارث مضاعف عليهم بالنظر إلى طبيعتهم، وبالنظر إلى صعوبة المواقف التي يعيشونها من جراء هذه الكارثة.

وأضاف أن «ما زاد من التكلفة ومن ضخامة أثر هذه الكارثة هو حالة التشظي السياسي وغياب المسؤولية الكاملة والموحدة للتعامل مع كل نتائجها، نحن الآن نتحدث عن أثر هذه الكارثة على الأطفال والذي قدرتهم منظمة اليونيسف بحوالي 16 ألف طفل، وأعتقد ان العدد أكبر، بالنظر إلى عدد سكان كامل المنطقة، ولعل الرقم يتحدث عن المنطقة المتضرر بشكل مباشر، ولكن هناك مناطق أخرى تضررت بشكل غير مباشر».

وأشار إلى أن «درنة التي يسكنها حوالي 120 ألف مواطن، نسبة الأطفال فيها تزيد على 40%، فالرقم أكبر بكثير، بالإضافة إلى غيرها من المناطق الأخرى، وهو ما يستوجب أن تكون جهود معالجة هذه المشكلة وغيرها من المشاكل التي ظهرت مع الكارثة الطبيعية، وجود سلطة واحدة ضمن خطة واحدة، لتوريد الإمكانيات المادية أو الإنسانية بما في ذلك فرق المعالجة النفسية والتعاطي الاجتماعي، إلى جانب الدعم اللوجيستي والفني وغيرها من صور الدعم التي تستوجب كي تصل إلى الجميع أن تكون تحت إرادة موحدة وأن تكون كل الموارد موجهة بشكل أساسي إلى كل المتضررين».

أعلنت السلطات الليبية، اليوم الجمعة، أنها ستبدأ خلال الأيام المقبلة تعويض المتضرّرين من فيضانات 10 سبتمبر/ أيلول المدمرة، الناجمة عن العاصفة دانيال.

وقالت الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان، إنّ نماذج إحصاء الأضرار سلّمت إلى رئيس اللجنة المكلّفة بهذا الملف، وفي المقابل، تم تسليم الشيكات إلى رؤساء البلديات المتضرّرة.

وقال فرج قائم نائب وزير الداخلية إنه سيتم منح 100 ألف دينار ليبي (19 ألف يورو) للسكان الذين دمّرت الفيضانات منازلهم بالكامل. وأضاف أنّ الذين دُمّرت منازلهم «جزئياً» سيحصلون على 50 ألف دينار، فيما تمّ تخصيص 20 ألف دينار للسكان الذي فقدوا أثاثهم وأجهزتهم المنزلية بسبب ارتفاع منسوب المياه.

وأعلنت السلطات الليبية هذا الأسبوع إنشاء صندوق لإعادة إعمار مدينة درنة التي تضرّرت بشدة من الفيضانات، حيث من المقرّر عقد مؤتمر في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول للتحضير لإعادة الإعمار.

ولم تحدد الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان كيف سيتم تمويل هذا الصندوق، لكن البرلمان الليبي، خصّص 10 مليارات دينار (1,9 مليار يورو) لمشاريع إعادة الإعمار.

وتأتي هذه الإعلانات على خلفية مخاوف من الفساد وسوء إدارة الأموال المخصّصة لإعادة الإعمار.

وأشار المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باثيلي، يوم أمس الخميس في بروكسل، إلى أنه دعا إلى حسن إدارة هذه الأموال خلال مشاورات مع المفوضية الأوروبية. وأضاف عبر منصة إكس :«كما جدّدت دعوتي للمجتمع الدولي للتحدّث بصوت واحد لصالح إجراء الانتخابات وتوحيد المؤسسات الليبية».

حبس 4 مسؤولين جدد

في السياق ذاته، أمر النائب العام الليبي بوضع 4 مسؤولين جدد في الحبس الاحتياطي في إطار التحقيق بشأن انهيار سدين تسبب بالفيضانات المدمرة في ليبيا.

وكان النائب العام ق أمر في 25 سبتمبر/أيلول الجاري بحبس 8 مسؤولين، بينهم رئيس بلدية درنة السابق في إطار هذه القضية.

وأوضح البيان الصادر عن مكتب النائب العام ليل الخميس الجمعة أنّه تمّ وضع 4 أشخاص، من بينهم عضوان في المجلس البلدي للمدينة، رهن الحبس على ذمة التحقيق لمسؤوليتهم المفترضة عن إساءة إدارة العمل الإداري والمالي الموكل إليهم وإسهام قصور أدائهم الوظيفي في حصول فيضان مهول تسبب بوفاة الآلاف.

مؤتمر 10 أكتوبر

من جهتها، قالت الولايات المتحدة التي يبدو أنها اختارت تجاهل مؤتمر 10 أكتوبر/ تشرين الأول، إن الليبيين يحتاجون إلى التأكد من أن المال العام يستخدم بشفافية ومسؤولية، وأن المساعدات تذهب إلى المحتاجين، وفق ما جاء في بيان للسفير ريتشارد نورلاند نشرت نسخة منه بالعربية.

وأضاف السفير الأميركي في ليبيا أن عقد مؤتمر لإعادة الإعمار في بنغازي في 10 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل سوف يكون أكثر فاعلية إذا تم إجراؤه بشكل مشترك وشامل، مضيفا أن بلاده ستواصل العمل مع المسؤولين الليبيين في جميع أنحاء البلد ومع الأمم المتحدة لدعم برنامج إعادة الإعمار الذي سيثق به الليبيون.

ودعا نورلاند السلطات الليبية إلى تشكيل مثل هذه الهياكل الموحدة، بدلا من إطلاق جهود منفصلة.

وأدت الفيضانات الناجمة عن العاصفة دانيال والتي تفاقمت بسبب انهيار سدّين في درنة، إلى مقتل 3893 شخصاً، وفقاً لأحدث حصيلة مؤقتة صادرة عن الحكومة الليبية المكلفة.

وضربت العاصفة دانيال شرق ليبيا ولا سيما درنة التي يبلغ عدد سكانها 100 ألف نسمة وتطل على البحر المتوسط. وجرفت الفيضانات كل شيء في طريقها وتسببت في نزوح أكثر من 43 ألف شخص، بحسب آخر إحصاء للمنظمة الدولية للهجرة.