«تذكون الفتنة وتحرجون الملك !» .. عبارة اختصرت موقف «القصر» من الأحزاب والقوى السياسية، التي تعاملت مع الأزمة الساخنة، التي فجرتها تظاهرات الاحتجاج الشعبي في ريف المغرب، منذ 7 أشهر تقريبا، حتى تعقدت خيوط الأزمة وإزدادت اشتعالا، مع المواجهات الأمنية وحملات الاعتقال للنشطاء من «شباب الحراك» وصاحبها غياب ملحوظ لدور الأحزاب ومعالجتها للأزمة ، دون اقتراب من مطالب الحشود الشعبية سواء «سلبا أو ايجابا» !!
ووجه المستشار الملكي، عباس الجيراري، انتقادات قوية إلى الأحزاب والحكومة والمؤسسات الرسمية، متهما إياها بالتفرج على ما يجري، و«إذكاء نيران الفتنة أكثر مما هي متقدة»، وأن «تصرف الأحزاب والحكومة والمؤسسات بإسناد كل شيء إلى الملك بحق أو باطل يضعه في موقف حرج، وعلى الجميع أن يتحمل مسؤوليته لا أن يلقي كل طرف المسؤولية عن الآخر».
وقال الجيراري، في حوار له مع صحيفة الصباح المغربية، إن الكل ينتظر تدخل الملك، وهذا ليس هو الحل، ولا يعقل أن تتخلى الحكومة والمؤسسات عن مسؤولياتها ليتم الزج بالملك في مثل هذه القضايا .. متسائلا «أين هي الأحزاب والمؤسات التي تصرف عليها الملايين».. مضيفا : «ليس سهلا أن يغامر الملك في ملف شائك مثل هذا، لا يمكن توقع ردود الأفعال فيه».
وأكد مستشار الملك، أن جميع المؤسسات المنوط بها حل المشكل فشلت في تدبير الأزمة والوصول بها إلى بر الأمان، وتتفرج على ما يجري أو يذكون نيران الفتنة أكثر مما هي متقدة، محذرا بقوله : «لقد وصلنا إلى طريق يكاد يكون مسدودا، بعد أن فشلت المؤسسات المنوط بها حل المشكل في تدبير الأزمة والوصول بها إلى بر الأمان».
وأعترف مستشار الملك محمد السادس، أن هناك أخطاء ارتكبتها الدولة، وهناك أسبابا موضوعية وجيهة لحراك الريف بحكم تاريخ المنطقة النضالي منذ زمن الخطابي، حيث تشكل رصيد من الاعتزاز بأن لهذه المنطقة دور في النضال من أجل الوطن، ونتيجة لهذا تدخل خصوم المغرب لاستغلال هذه الواجهة النضالية المشرفة من أجل توجيه بؤرة الاحتقان نحو زرع مجموعة من الأفكار الهدامة التي تسي بالبلاد نحو الهاوية»
وفي نفس السياق، انتقد الكاتب والمحلل السياسي، توفيق بو عشرين، رئيس تحرير صحيفة اخبار اليوم المغربية، موقف الحكومة وإدارتها للأزمة، وقمع المحتجين.. وتساءل «بوعشرين»: هل القضاء هو الذي أعطى الأوامر للبوليس للتدخل يوم العيد لتفريق مظاهرات سلمية بالعصي، وإراقة الدم في يوم له رمزية خاصة عند المغاربة؟ هل القضاء هو الذي كتب لوزير الداخلية التقرير الذي قال للأغلبية إن حراك الريف مجرد حركة انفصالية يمولها شعو من هولندا، فانساقوا وراءه دون حذر ودون تمحيص؟ هل القضاء هو الذي دفع النيابة العامة، الموضوعة إلى الآن في يد وزير العدل، إلى اعتقال أعداد كبيرة من شباب الحراك، وتكييف وهل القضاء هو المسؤول عن الارتباك الحاصل في إدارة الأزمة من قبل السلطة؟
