تباينت توقعات وكالة التصنيف الائتماني «موديز» لاقتصاديات دول الخليج خلال الفترة الماضية، ويرجع ذلك إلى اختلاف تأثير تراجع أسعار النفط على دول الخليج الست، حيث تشكل عائدات النفط لدول مجلس التعاون الخليجي الست 49% من الناتج المحلي الإجمالي لهم، ما يعني أن التراجع في أسعار الخام ألقى بظلاله اقتصاديا عليها برغم ما تحتفظ به من احتياطيات مالية ضخمة.
الإمارات:
توقعت وكالة التصنيف الائتماني «موديز» لدولة الإمارات عدم عودة الفوائض المالية للدولة على المدى المتوسط، ما يؤدي إلى عدم تقليص حجم العجز في موازنة الدولة في عام 2016 و2017.
وأوضحت الوكالة، أنه على الرغم من اعتماد دولة الإمارات بشكل كبير على صناعة الهيدروكربونات بنسبة تبلغ نحو 36.4% من إجمالي الناتج المحلي بالإمارات، و56.3% من الصادرات في 5 سنوات، إلا أنها لا تتوقع أن تؤثر أسعار النفط الجديدة على اقتصاد الدولة على المدى المتوسط.
من ناحية أخرى، ثبتت «موديز» مؤخرا التصنيف الائتماني للإصدار طويل الأجل لإمارة أبو ظبي عند Aa2 وعند P1 للتصنيف قصير الأجل.
وقالت في تقريرها، إن العامل الرئيسي وراء هذا التصنيف هو القوة المالية الضخمة لأبو ظبي على شكل استثمارات خارجية متنوعة، وعلى الرغم من ذلك لا تزال الإمارات لا تملك القدرة الكافية لخفض عجز موازنتها للعام المقبل.
وأكدت الوكالة أن النظرة السلبية لدولة الامارات ترجع إلى عدم وضوح صياغة وتنفيذ سياسات الحكومة للحد من العجز الكبير والتدهور في صافي الأصول.
السعودية:
في الوقت نفسه، توقعت مؤسسة «موديز» إن الإصلاحات المالية التي تعتزم السعودية القيام بها، ضمن رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني، ستمكنها من الحفاظ على وضعها الائتماني الحالي وقد تمكنها مستقبلا من تحسين تصنيفها الائتماني، فضلا عن أنها ستؤدي إلى تقليص العجز والتخفيف من عبء الدين وزيادة النمو، ويرجع ذلك كله لكونها تتيح للسعودية مصادر دخل أكثر تعددا بدلا من اعتمادها على النفط بشكل كبير كما حدث طوال السنوات الماضية، ما أدى إلى تضخم عجز ميزانيتها.
يهدف برنامج التحول الوطني إلى مضاعفة الإيرادات غير النفطية ثلاث مرات لتصل إلى530 مليار ريال بحلول 2020، لتنخفض بذلك مساهمة النفط في إيرادات السعودية إلى 46% بحلول عام 2020، وإلى نسبة 31% في عام 2030، بعد أن كان متوسط مساهمته 81 % في 47 عاما (1969 حتى 2015).
ونظرت موديز بإيجابية إلى خطط الحكومة لتخفيض الإنفاق على الأجور والرواتب إلى 456 مليار ريال بحلول 2020، من نحو 480 مليار ريال حاليا، وذلك من خلال خفض العمالة في القطاع العام بنحو 20% وتحسين عمليات تقييم الأداء للموظفين الحكوميين.
جاء ذلك عقب قيام «موديز» في منتصف مايو الماضي، بتخفيض تصنيف السعودية، التي تأثرت جراء هبوط أسعار النفط، من Aa3 إلى A1 مع نظرة مستقبلية مستقرة، بسبب انخفاض أسعار النفط، وتراجع النمو، وتناقص الاحتياطيات المالية، وازدياد مستوى الدين، وتضخم عجز ميزانيتها ليصل إلى 14.8 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي من 2.3 % في 2014.
عمان:
أما سلطنة عمان فقد ثبتت وكالة التصنيف الائتماني «موديز» السندات الدولارية بسلطنة عمان عند baa1، وأكدت على نظرتها المستقبلية المستقرة للسلطنة والتي تعود إلى عدة عوامل من بينها تراجع الديون الحكومية والاحتياطات الأجنبية التي ستمكنها من التكيف مع هبوط أسعار النفط لسنوات مقبلة.
ويتميز اقتصاد سلطنة عمان بوجود مصادر متعددة تتمثل في: النفط والغاز وفوائض الموازنة والفوائض التجارية الكبيرة، ويُشكل البترول نسبة 64% من إجمالي عوائد الصادرات ونسبة 45% من الإيرادات الحكومية ونسبة 50% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويعتبر قطاع المنتجات النفطية من أهم القطاعات للاقتصاد العماني. والثابت بأن سلطنة عُمان تمتلك 5.50 مليار برميل من احتياطي النفط الخام والتي تمثل نسبة 1.2% من إجمالي إحتياطيات النفط الخام بدول مجلس التعاون الخليجي وحوالي 0.4% من إحتياطيات النفط في العالم. ويبلغ مستوى الإنتاج الحالي حوالي 0.806 مليون برميل يومياً.
وكانت الوكالة قد خفضت تصنيف عمان من «A3» إلى «BAA1» مع نظرة مستقرة، بعد تراجع عائدات النفط العماني في منتصف مايو الماضي.
قطر:
من ناحية أخرى، توقعت وكالة «موديز» ، أن تنجح دولة قطر في إدارة التحديات المرافقة لهبوط أسعار النفط العالمية، التي عادت للمستويات ذاتها التي بنيت عليها موازنة 2016، والبالغة 48 دولاراً للبرميل.
وارتفعت حصة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي إلى 44.8% بدلا من 41.9% خلال السنوات السابقة، بزيادة تبلغ نحو 2.9% عن الربع الثاني، في حين تراجعت حصة القطاع النفطي في الناتج المحلي إلى 55.2 % مقابل حوالي 60% خلال السنوات السابقة.
وقامت بتصنيف دولة قطر عند مستوى Aa2، وذكرت الوكالة أن الاقتصاد القطري يستفيد من قدرته على التحول نحو القطاعات غير النفطية، إلى جانب استفادته من تلك الاحتياطات المالية التي بنيت على مدار سنوات مضت.
الكويت:
ثبتت الوكالة تصنيف الكويت عند Aa2 مع نظرة مستقبلية سلبية، موضحه ان النظرة السلبية تعكس شكوكا جوهرية حول قدرة الحكومة على تنفيذ برنامج للإصلاح المالي والاقتصادي على نحو فعال، موضحه ان الحكومة الكويتية ترفع شعارا لتنويع وتعزيز القاعدة الاقتصادية والإيرادات في الميزانية إلا أن الحكومة الكويتية لازالت لا تستطيع القيام بذلك مما يعطي إشارة على مستوى من الضعف المؤسسي الذي لا يتسق مع تصنيف درجة Aa2.
وأشار التقرير إلى ان انخفاض أسعار النفط أدى إلى تدهور الموارد المالية الحكومية لدولة الكويت، مع بلوغ عجز الموازنة 1.1% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2015، التي انتهت في 31 مارس 2016، حيث تعتمد ميزانية الكويت في إيراداتها على البترول بنسبة تصل إلى 93% من إجمالي إيرادتها.
وتوقعت موديز تحقيق الكويت عجزا أكبر في موازنتها ليصل إلى ما يقرب من 10% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية الحالية.
البحرين:
خفضت وكالة التصنيف الدولية «موديز» التصنيف الائتماني للبحرين من “BA1” إلى «BA2» مع نظرة سلبية تعود إلى تنامي اقتراض البحرين في السنوات الأخيرة.
وأوضحت «موديز»، أنها تتوقع زيادة في عجز الموازنة لهذه الدول، وتراجع نموها الاقتصادي، على خلفية استمرار حالة عدم الاستقرار في سوق النفط.
وتعتمد دولة البحرين في اقتصادها على الايرادات النفطية بشكل أساسي، حيث أظهرت أرقام موازنة الدولة للعام المالي 2015/2016 أن 87.1% من الإيرادات تأتي من النفط، بما مجموعه 3 مليارات و703 ملايين دينار (3707 ملايين)، من إجمالي الإيرادات البالغة 4254 مليون دينار، ما أسفر عن تدهور اقتصادها نتيجة لتراجع أسعار النفط مؤخرا.
