تونس.. ثورة جديدة أم انتفاضة على المشهد السياسي؟
ماذا يحدث في تونس، تحركات ثورة شعبية جديدة، أم احتجاج شعبي على المشهد السياسي؟ انتفاضة اجتماعية في وجه الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، أم حراك شعبي غاضب ضد الحكومة التونسية بصفة خاصة، والمشهد السياسي بصفة عامة؟.
خبراء سياسيون تونسيون يؤكدون أن الاحتجاجات التي تعم بعض المناطق في البلاد، تعود إلى ما يمكن تسميته “بالثورة من أجل تحقيق أهداف الثورة”، فقد انتفض الشعب ضد الفساد والمحسوبية، والعلاقات العائلية والشخصية والرشوة، بحسب تعبير السياسي التونسي، مجيد الشاروني، وأن التونسيين سأموا الخطاب السياسي للحكومة والمعارضة.
وعرض بيان أحزاب المعارضة التونسية، جوانب من أسباب انفجار الغضب الشعبي في تونس، بينها ترهل المشهد السياسي، وصراع المصالح بين القوى السياسية والحزبية، فضلا عن أن الاحتجاجات التي اندلعت تبين مدى الفشل الحكومي في التعاطي مع المطالب التنموية، إلى جانب عدم إيفاء الأحزاب الحاكمة “النداء والنهضة” بوعودها في العناية بالمناطق الفقيرة، وأن دولة الثورة لم تحقق الحد الأدنى من مقاومة الفساد، كما أن التهميش الذي وقع على الشباب ولّد لديه حالة من الاحتقان دفعته إلى الخروج إلى الشارع والثورة في وجه السلطة، وفي محاولة لإنقاذ ثورة الياسمين قبل فوات الآوان.
ويرى المحلل السياسي وأستاذ علم الاجتماع السياسي ، الدكتور كمال المورسيني، أن اندلاع الاحتجاجات لم يأت من فراغ وأنها تعبير عن سخط شعبي على أداء حكومة الحبيب الصيد التي تحاول الهروب إلى الأمام عبر تعديلات وزارية كشفت عن محاصصات حزبية بين الائتلاف الحاكم في وقت كانت الجهات تنتظر أكثر من مجرد تعديل وزاري، إلى جانب الرفض الشعبي لسياسة الترضيات الحزبية، والغرق في أزمات داخلية بحثا عن تأمين المصالح ومراكز النفوذ وليس بحثا عن معالجة ملفات حارقة كالتشغيل والتنمية والعدالة الاجتماعية.
والملاحظة التي أشار إليها مراقبون غربيون في تونس، هي تشابه صورة “رضا اليحياوي” الشاب الذي توفي في مدينة القصرين، الأسبوع الماضي، وانطلقت على إثر ذلك موجة احتجاجات تطالب بالتنمية والتشغيل، مع صورة حرق البوعزيزي لنفسه في سيدي بوزيد سنة 2010، وتم رفع نفس المطالب، بعد خمس سنوات، التي تنادي بإسقاط النظام، وردد المحتجون شعار “شغل، حرية، كرامة وطنية”، مستعيدين شعارات الثورة التي اطاحت بحكم زين العابدين، وكان لا شيء تغير في تونس، وفقا لتحليل المركز الفرنسي لشئون الشرق الأوسط، الصادر اليوم السبت، وأوضح التقرير أن هناك خيبة أمل كبيرة لشعب انتخب حكاما، بعد أن وثق فيهم، لإدارة شؤونه وتحقيق آماله، الا أن هؤلاء الحكّام فشلوا في التعايش فيما بينهم، فحشروا الشعب بين أحقادهم وتناحرهم!
وحذر سياسيون وقادة أحزاب معارضة، من تربص “جماعة الإخوان المسلمين” بالوضع الراهن، وأنه ليس مستبعدا أن يستغل “الإخوان” حالة الاهتراء على كلّ صعيد في تونس، خصوصا داخل “نداء تونس” كي يكرّروا تجربة بن علي. ففي حال استمرّت الأمور على ما هي عليه، فقد يظهر راشد الغنوشي وكأنّه المنقذ! .. وتساءل حزب الجبهة الشعبية، أكبر أحزاب المعارضة التونسية: هل يمكن اقناع رئيس في الثامنة والثمانين ” الرئيس السبسي” أن المطلوب تفادي السقوط في التوريث وأن “ثورة الياسمين” في خطر حقيقي، خصوصا في ظل حال التردي الأمني وفي ظلّ مؤشّرات اقتصادية لا تبشّر بالخير؟
يذكر أن الاحتجاجات اتسعت من وسط غرب البلاد إلى شمالها وجنوبها، من محافظة مدنين على الحدود مع ليبيا وصولا إلى محافظة الكاف القريبة من الحدود مع الجزائر مرورا بمحافظات قفصة وقابس وقبلي وتوزر وصفاقس والقيروان والمهدية وجندوبة وباجة وزغوان وسوسة، وهي المناطق الداخلية والنائية والتي يقدر الخبراء في التنمية نسبة الفقراء فيها بحوالي 60% من اجمالي الفقراء في تونس.
