هل تلحق «جنيف 3» بتسلسل مسار محادثات متعثرة، من «جنيف 1» وصولا إلى «فيينا 3»؟!.
الدوائر السياسية العربية والغربية، تستبعد أن تحقق المباحثات اختراقا للمواقف المتباينة والمتعارضة بين الطرفين، النظام والمعارضة السورية، أو أن تشهد مؤشرات باتجاه تنازلات تدفع للتقارب على هامش الحل السياسي للأزمة السورية .
عوامل الفشل قائمة
ويرى السياسي والمعارض السوري، أحمد العبيدات، المقيم بالقاهرة، أنه رغم تدخلات أمريكية ـ روسية على مسار محادثات «جنيف 3» ،وقبل أن تبدا اليوم الإثنين، إلا أن نفس عوامل الفشل قائمة ولم تتغير، رغم أن تلك المباحثات سبقها توصل روسيا والولايات المتحدة الى اتفاق لوقف الاعمال القتالية، ولكن الخلافات الإيديولوجية والميدانية بين الأطراف السورية لا تزال عميقة جدا، وستمنع التوافق بينها، الا أن حقيقة الأمور تؤكد أن كافة الأطراف تعتمد بشكل كامل على داعميها، وهي مضطرة للاذعان لمطالب هؤلاء الذين يسلحونها.
ثلاثة مواقف تحدد مصير «جنيف 3»
وأوضح في تصريحاته لـ«الغد»، أن مباحثات جنيف وما سبقها سواء في جنيف أو فيينا، رهن ثلاثة مواقف لها التأثير النافذ، وهي أولا: موقف الدول الداعمة للمعارضة السورية و«المسلحة» تحديدا، والدول المؤيدة للنظام الحاكم، وثانيا: الموقف على الأرض، وبمعنى مكاسب كل طرف على ساحة المواجهات في سوريا، وثالثا: الموقف الدولي الراهن في إطار توازنات القوى ومصالحها ونفوذها في المنطقة،ولذلك فإن التوقعات القائمة على مؤشرات عائمة ورمادية، لا تنبىء بجديد، وقال: بل أتصور أن أمريكا وروسيا لا تملكان الإجابة عن أي سؤال يتصل بمصير مباحثات جنيف، وربما يترقبان إمكانية حلحلة الأزمة، خاصة وأن هذه الجولة من المفاوضات غير المباشرة، تترافق مع اتفاق لوقف الاعمال القتالية لا يزال صامدا، في ظل ضغوط دولية للتوصل إلى حل سياسي ينهي النزاع الذي أسفر عن مقتل أكثر من 270 ألف شخص.
عقدة «الخط الأحمر»
ومن المقرر أن تستمر المباحثات أسبوعين، كما هو مقرر لها، ولكن العبيدات يؤكد أنها لو استمرت أسبوعا واحدا، فإن هذا في حد ذاته نجاح، ليس للمباحثات، ولكن لجهود المبعوث الأممي، دي ميستورا، في تنقله بين الطرفين حاملا الشروط والتوضيحات ووجهات النظر، ما يطيل المباحثات نوعا ما، دون تقدم على مسار التوافق، خاصة وأن كل طرف جاء إلى جنيف بـ«نفس الأوراق»، دون تغيير يذكر، والملاحظ أن الطرفين صعدا من موقفيهما حيال مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد، فاعتبرت الحكومة البحث في مصيره خطا أحمر، فيما أكدت المعارضة ضرورة رحيله «حيا أو ميتا».
مواجهة دبلوماسية من وراء الستار
«المعارضة السورية نفسها تضم أطيافا وتكتلات مختلفة»، بحسب تعبير المعارض السوري، الذي يصف نفسه بأنه عضو في تيار المعارضة الوطنية السياسية المستقلة، وأن مباحثات «جنيف 3» في صورتها الحقيقية هي مواجهة دبلوماسية من وراء الستار، بين القوى والأطراف الدولية والإقليمية والعربية، وعلى لسان الممثل الدائم لسوريا في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، ويرأس وفد النظام، وكذلك أسعد الزعبي، رئيس وفد المعارضة المسلحة، أما بقية أطياف المعارضة الوطنية سواء في الداخل أو الخارج، فإن لنا رؤية مختلفة لا تتعارض مع بقاء الرئيس الأسد، ولكن بشرط تحديد آليات واضحة تحقق لنا الديمقراطية بجناحيها السياسي والاجتماعي، تعددية حزبية سياسية تشارك في تبادل السلطة دون توريث لعائلة أو لحزب.
المباحثات تواجه لحظة الحقيقة
تقرير مركز دراسات الشرق الأوسط بموسكو، والمقرب من الكرملين، لا يختلف كثيرا عن تحليل السياسي السوري العبيدات، بأن مباحثات جنيف، تواجه لحظة الحقيقة، خلال التفاوض على مستقبل سوريا والانتقال السياسي والتوصل إلى خارطة طريق واضحة، والبديل هو العودة إلى الحرب إذا تعثرت المحادثات.
وأوضح التقرير، الصادر اليوم الإثنين، أن المفاوضات ستتركز على ثلاث مسائل هي تشكيل حكومة جامعة، ووضع دستور جديد، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية برعاية الأمم المتحدة في مهلة 18 شهرا، تبدأ مع انطلاق المفاوضات، بينما تعتبر المعارضة السورية أن جدول الأعمال الذي وضعه دي مستورا «ليس واقعيا»، ويعود ذلك تحديدا إلى أن «الأسد أقوى من أي وقت مضى، ولن يرحل إلى أي مكان».
مفهوم المرحلة الانتقالية
أي أن مصير الأسد يعتبر نقطة خلاف محورية بين طرفي النزاع والدول الداعمة لكل منهما، إذ تتمسك المعارضة بأن لا دور له في المرحلة الانتقالية، بينما يصر النظام على أن مصير الأسد يتقرر فقط من خلال صناديق الاقتراع، كما تختلف الحكومة والمعارضة حول رؤيتهما للمرحلة الانتقالية، ففي حين تتحدث دمشق عن حكومة وحدة وطنية موسعة تضم أطيافا من المعارضة، تريد المعارضة هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية بدون أن يكون للأسد أي دور فيها، ويرى النظام السوري، أنه ليس هناك شيء في وثائق الأمم المتحدة يتحدث عن مرحلة انتقالية في مقام الرئاسة، ولذلك لا بد من التوافق على تعريف المرحلة الانتقالية، وهو وفقا للقانون الدولي، الانتقال من دستور قائم إلى دستور جديد ومن حكومة قائمة إلى حكومة فيها مشاركة مع الطرف الآخر، حكومة وحدة وطنية، وهي التي ستشكل لجنة لوضع دستور جديد أو تعديل الدستور القائم.
.
