خطة لبنانية فرنسية لإعادة بناء مرفأ بيروت بعد نحو 4 سنوات من الانفجار

يسعى وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، أمين سلام، إلى إخماد فتنة تكاد أن تقع بين لبنان والكويت، بسبب تصريحات اعتبرها وزير الخارجية الكويتي أنها تتنافى مع أبسط الأعراف السياسية وتعكس فهما قاصرا لطبيعة اتخاذ القرارات في بلاده.

تصريحات الوزير اللبناني

بدأت التفاصيل بتصريحات أطلقها وزير الاقتصاد اللبناني، أمين سلام، بشأن بناء أهراءات القمح أو صوامع القمح، مؤكدا أنه يمكن للكويت «بشخطة قلم» القيام بذلك.

وحث سلام الكويت، يوم الأربعاء الماضي، على إعادة بناء صوامع القمح الرئيسية في لبنان، التي بُنيت عام 1969 عبر منحة من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية لكنها دُمرت في انفجار مرفأ بيروت عام 2020.

وقال الوزير اللبناني، عشية الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت، إنه بعث برسالة قبل 3 أسابيع إلى أمير الكويت، عبر وزارة الخارجية اللبنانية يناشد فيها باسم الشعب اللبناني إعادة بناء أهراءات القمح، معلنا أنه طلب هذا الأمر لشعب لبنان وليس للحكومة «لأن الخبز للناس، ولا يجوز أن يُترك بلد عربي دون مخزون استراتيجي».

وأضاف أن دولة الكويت تستطيع البت في الأمر «بشخطة قلم».

الكويت تستنكر

وعلى وقع هذه التصريحات، رد وزير الخارجية الكويتي، الشيخ سالم الصباح، معربا عن استنكار واستغراب دولة الكويت الشديدين لتصريح وزير الاقتصاد اللبناني، واصفا إياه بأنه «يتنافى مع أبسط الأعراف السياسية، ويعكس فهما قاصرا لطبيعة اتخاذ القرارات في دولة الكويت، والمبنية على الأسس الدستورية والمؤسساتية، بما في ذلك المنح والقروض الإنسانية التي تقدمها حكومة دولة الكويت للدول الشقيقة والصديقة».

وأوضح الوزير الكويتي أن بلاده تمتلك سجلا تاريخيا زاخرا بمساندة الشعوب والدول الشقيقة والصديقة، إلا أن دولة الكويت ترفض رفضا قاطعا أي تدخل في قراراتها وشؤونها الداخلية.

وحث الوزير الكويتي الوزير اللبناني على سحب هذه التصريحات للحفاظ على العلاقات بين البلدين.

توضيح من وزير الاقتصاد اللبناني

توضيحا لتصريحاته، أوضح وزير الاقتصاد اللبناني، أمين سلام، خلال مؤتمر صحفي، أنه قصد من خلال استعمال مقولة «بشخطة قلم»، وهي عبارة تستخدم باللغة اللبنانية العامية، أن الموضوع قابل للتنفيذ وبسرعة، ولم يكن القصد باستعمال هذه العبارة تجاوز الأصول والآليات الدستورية والقانونية، كما لم يقصد أي إساءة.

وأضاف: «نحن أحرص الأشخاص على ما تقوم به دولة الكويت، وشخطة قلم هي أمور تنفذ بسرعة، ولم نقصد بها الاستخفاف للتعاون بين دولتين شقيقتين مثل لبنان والكويت».

رئيس الحكومة اللبنانية يتدخل

في السياق ذاته، أصدر المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، بيانا، أكد فيه أنه «عطفا على تصريح وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام المتعلق بإعادة بناء أهراءات القمح في لبنان، ودعوته دولة الكويت الشقيقة وأميرها بالمساعدة في ذلك، والتوضيح اللاحق الذي أصدره الوزير بشأن مقصده، يهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تأكيد عمق العلاقة بين الدولتين والشعبين الشقيقين ومتانتها والتي لن تشوبها شائبة».

وأضاف البيان ان «دولة الكويت الشقيقة لم تتوان، ضمن الأصول، عن مد يد العون لإخوانها في لبنان على مر العقود».

وتابع: «إن الرئيس يؤكد احترام لبنان مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول كافة، فكيف إذا تعلق الأمر بدولة الكويت الشقيقة التي تخضع آلية اتخاذ القرار فيها لضوابط دستورية وقانونية ومؤسساتية تعكس حضارة سياسية عميقة ومتجذرة في المجتمع الكويتي».

وجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الجمعة، رسالة إلى الشعب اللبناني كتبها باللغة العربية في الذكرى الثالثة لحادث مرفأ بيروت.

أيتها اللبنانيات، أيها اللبنانيون، إنني أفكّر بكنّ وَبكم.

بعد الانفجار في بيروت من ثلاث سنوات، كنت إلى جانبكم. وسوف أتذكّر دوماً الحوار الذي دار بيننا.

لبنان لم يكن وحيداً. وهو ليس وحيداً اليوم أيضاً. يمكنكم أن تعتمدوا على فرنسا، وعلى تضامننا وصداقتنا. pic.twitter.com/vcORf7IUly

— Emmanuel Macron (@EmmanuelMacron) August 4, 2023

وقال ماكرون في حسابه على موقع إكس، تويتر سابقا: «أيتها اللبنانيات، أيها اللبنانيون. إنني أفكر بكن وبكم، فبعد الانفجار في بيروت من ثلاث سنوات، كنت إلى جانبكم، وسوف أتذكر دوما الحوار الذي دار بيننا».

وأضاف: «لبنان لم يكن وحيدا، وهو ليس وحيدا اليوم أيضا، يمكنكم أن تعتمدوا على فرنسا، وعلى تضامننا وصداقتنا».

وأودى الحادث الذي وقع في أغسطس/ آب عام 2020، بحياة أكثر من 220 شخصا وإصابة 6500 آخرين.

أفادت مراسلة الغد بانطلاق مسيرة إلى مرفأ بيروت، حيث يحيي اللبنانيون، اليوم الجمعة، الذكرى السنوية الثالثة لانفجار المرفأ.

ورفع المحتجون اللافتات التي تطالب بالتحقيق في الحادث، مرددين شعارات تطالب برفع الحصانة عن المتسببين في الانفجار.

وقالت مراسلة الغد في بيروت إن أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت تجمعوا، اليوم الجمعة، في الذكرى الثالثة لانفجار المرفأ، من أجل تأكيد ثقتهم في القاضي طارق البيطار ومساندته في التحقيق حول الحادث.

ويعد حادث انفجار مرفأ بيروت من أكبر الكوارث التي مر بها لبنان خلال السنوات الماضية، وسط صعوبات تواجهها لجنة التحقيق، إذ أعرب محتجون عن إدانتهم لمنع المحقق العدلي من الوصول إلى الأدلة، ومنها صور الأقمار الصناعية لموقع الانفجار.

وأشارت مراسلة الغد إلى عدد من القضايا التي تعود إلى الواجهة مع حلول الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت، منها عدم تسليم فرنسا لصور الأقمار الصناعية الخاصة بمنطقة الحادث، وكذلك الانتقادات لدور  السفيرة الأميركية في بيروت التي يتردد أنها كانت وراء الإفراج عن جميع الموقوفين في القضية، وبينهم رئيس مصلحة الأمن بالمرفأ محمد العوف الذي يحمل الجنسية الأميركية.

وذكرت مراسلتنا أن الأهالي يعولون أيضا على نتائج لجنة التقصي الدولية في هذه القضية لمعرفة من قام بشراء النيترات المتسببة في الانفجار، وتحديد المسؤول عن تخزينها.

وتحل، اليوم الجمعة، تحلّ الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت من دون أن يُحرزَ التحقيقُ المجمد منذ ديسمبر/كانون الأول من عام 2021 أيَ تطور يُذكر. أما أهالي الضحايا فأعربوا عن غضبهم متطلعين إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية تساعد على تحقيق العدالة.

من جانبه أعرب رئيسُ حكومةِ تسيير الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي عن أمله في معالجة قضية تحقيق انفجار مرفأ بيروت، وظهور العدالة في أقرب وقت.

ودعت جمعية أهالي ضحايا انفجار بيروت اللبنانيين للمشاركة في مسيرة اليوم التي تحمل عنوان «العدالة رغماً عنهم».