أكد السفير دكتور محمد نعمان جلال، أن مبادرة «الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين» للسلام، جاءت نتيجة الأزمة والجمود في العلاقات العربية الإسرائيلية، وآثار هذا الجمود علي الأوضاع في دول الخليج العربي الذي يواجه تحديات ضخمة.
وقال السفير جلال، مساعد وزير الخارجية المصري للتخطيط السياسي سابقا، للغد: هناك خمسة أهداف لاتفاقيتي السلام مع إسرائيل:
- الهدف الأول هو كسر الجمود وتعزيز منهج دول الخليج في بناء أمن خليجي شامل يتكامل مع الأمن القومي العربي والأهم أيضا هو جمود أي حل للقضية الفلسطينية وغطرسة القوى اليمينية المتطرفة في إسرائيل وعجز الفلسطينيين عن التوصل لقرار يحقق نقلة نوعية للقضاءعلي حالة الجمود هذه واستمرار غطرسة إسرائيل في التوسع لينتهي بها المطاف للإستيلاء علي جميع أراضي فلسطين ودفع الشعب الفلسطيني إلي الشتات في مختلف بلاد العالم.
- الهدف الثاني: من المبادرة الخليجية للسلام، السعي لإحياء المبادرة العربية ذات الأصل السعودي والتي أقرتها القمة العربية في بيروت عام 2002 ولكنها لم تتحرك للإمام نتيجة إفتقارها لآليات التنفيذ.
- والهدف الثالث: السعي لإستقطاب وتعزيز العلاقات الخليجية الأمريكية من خلال تلك المباردة مع إدراك الرباط الوثيق بين إسرائيل والولايات المتحدة، والدور الخطير الذي يلعبه اللوبي اليهودى في أمريكا لدفع العمل من أجل السلام أو العمل من أجل إنهاء مشكلة فلسطين وإبعادها عن العمل العربي.
- والهدف الرابع: الإستفادة من وجود مرونة في العلاقة بين القوى الكبري، وهي الولايات المتحدة والإتحاد الروسي والصين الشعبية، رغم ضغوط أمريكا ومحاولة دفع الصين لاستخدام القوى لكي يتسني تدميرها، ولكن الصين كانت مرنة وعقلانية وحريصة علي عدم الإنزلاق في الحروب منذ قامت ونجحت ثورتها الشيوعية ووصلت للسلطة عام 1949 ، بعد الحرب الأهلية كما قامت بموقف حازم ضد التدخلات الأمريكية وعملائها من الصينيين عام 1989 فيما عرف «بأحداث الميدان الأحمر»، والتي كان الهدف منها إسقاط النظام الصيني كما تم اسقاط النظام الشيوعي السوفيتي، ولكن الصين بحكم حضارتها العريقة كانت أكثر حكمة وأكثر عقلانية من الإتحاد السوفيتي.
- والهدف الخامس: حماية الفلسطينيين من التحول للشتات والسيطرة الكاملة لإسرائيل علي فلسطين التاريخية. ومن ثم ارتبطت المبادرة كما أكدت الإمارات والبحرين تمسكهما بحقوق شعب فلسطين، وبالطبع أي سلام لا بد له من عواقب سيئة وأيضا إنجازات جيدة فليس كل ما يتمناه المرء يدركه. والسياسة الحكيمة هي التي اتبعها زعماء عرب وأجانب في مواجهة الأزمات ومن ذلك مباردة الرئيس المصري أنور السادات التي حققت السلام بين مصر وإسرائيل وأعادة سيناء لمصر حتي آخر شبر في التراب المصري بما في ذلك طابا حيث لجاْت مصر للتحكيم الدولي، وكان بالطبع لصالح مصر، لأنها علي حق من حيث القوة ومن حيث المستندات التي قدمتها للمحكمين.
وتابع السفير جلال، مندوب مصر المناوب لدى الأمم المتحدة، ومندوب مصر الدائم لدى الجامعة العربية سابقا، في حوار للغد: رغم أن العالم العربي به كثير من الإختلافات، لكن لديه الحكمة البالغة، بالمرونة دون انفعال أو شعارات جوفاء، ادت إلى جمود القضية الفلسطينية، ولم تنفذ قرارات الأمم المتحدة، ولم تنفذ أيضا الإتفاقات الموقعة مع الفلسطينيين سوي في بعض بنودها .
وهذا أحد المحاور والدوافع الفكرية والدينية للمبادرة الخليجية.
وأضاف السفير نعمان جلال، خبيرالدراسات السياسية والاستراتيجية: نخلص مما سبق الي النتائج التالية:
- إن المبادرة الخليجية وضعت حداً لحالة الجمود في عملية السلام العربي الإسرائيلي، كما أعادت للحياة السعي العربي الفلسطيني لتحقيق بعض طموحات شعب فلسطين.
وقال موضحا: لعل المثل العربي المشهور يكون هو الدافع للمبادرة وهو «ما لا يؤخذ كله فلا يترك جله»، كما أن نظرية الأمن والتوزان والمرونة هي من أسس السياسة الدولية، وركائز النجاح لحماية أمن الأوطان وتحريرها من ربقة الإستعمار، ولنا في سياسة الزعيم التونسي الحبيب بورقيبه وشعاره «خد وطالب» نموذجا له دلالات واضحة، كما ان الدول التي استقلت من الإمبراطورية البريطانية مثل الهند وغيرها اعتمدت سياسة المرونة والعمل السلمي، فقد رفع الزعيم الهندى المهاتما غاندى شعار العمل السلمي والمقاطعة الأقتصادية للمحتل الانجليزى..والنموذج الأخر هو نموذج الزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا الذي دخل سجن الاحتلإل لمدة 27 عاماً بسبب نضاله الوطني، واستمرت الضغوط الدولية ضد حكم البيض في جنوب أفريقيا حتي قبل المتطرفون في جنوب أفريقيا السلام والوحدة الوطنية بين السود والبيض.
وهذه هي الحكمة البالغة وراء المبادرة الخليجية التي قامت علي أساس العقلانية والمرحلية، وعلي مبدأ التفاوض من أجل السلام وليس رفض الأخر ومعاداته الذي لأ يحقق السلام ولأ الأهداف السامية.
2 ـ والنتيجة الثانية، إنه من الضرورى الأخذ في الحسبان المنهج الإسرائيلي في التفاوض، فإسرائيل بارعة في تقديم التفاصيل والتلاعب بوقت التفاوض، وكذلك ضرورة معرفة أساليب التفاوض والمناورات، والدولة التي لا تريد تقديم تنازلات حقيقية أو الحد الأدني للطرف المفاوض بإغراقه في التفاصيل والتلاعب علي عامل الوقت، وكما يقول المثل «إن الشيطان يكمن في التفاصيل».
وإنني لعلي ثقة في أن الطرفين الإماراتي والبحريني يعرفان ويدركان حق المعرفة الأساليب والمناورات الإسرائيلية .
